تواصل سلطات العدو (الإسرائيلي)، ومنذ أكثر من 20 عاما، عملية سرقة تدريجية وممنهجة لمسافر يطا جنوبي الخليل بالضفة المحتلة، التي تعاني من أكبر عملية قرصنة وسرقة جماعية للأراضي منذ نكسة عام 1967.
ويرى الاحتلال في مسافر يطا بوابة استراتيجية للأراضي المحتلة عام 1948 ومنطقة خصبة للثروة الحيوانية وتوافر مصادر المياه.
وفي زيارته لمسافر يطا الأسبوع الماضي، حذر الاتحاد الأوروبي من احتمال طرد جماعي للفلسطينيين من المنطقة.
** سرقة ممنهجة
وأكد النائب في المجلس التشريعي في مسافر يطا، خليل الربعي، أن المسافر تعتبر البوابة الجنوبية للضفة المحتلة، وهي المنطقة الوحيدة التي لم يبن فيها الجدار العنصري في الضفة.
وقال الربعي في حديث لـ "الرسالة نت" إن عدم بناء الجدار العنصري، جاء بعد اعتراض سلطة البيئة (الإسرائيلية) لأنها تحد من التربية الحيوانية، وتضر مصادر المياه الواصلة لكيان الاحتلال.
ولفت إلى أن منطقة مسافر يطا تفصل الضفة الغربية عن الداخل المحتل، وهي منطقة زراعية وتكثر بها التربية الحيوانية.
وبيّن أن سلطات الاحتلال اتخذت مسافر يطا كمنطقة تدريب عسكري، "وهو ما أدى لإصابة عدد كبير من الفلسطينيين في هذه المنطقة".
وتطرق الربعي للحديث عن موقف الاتحاد الأوروبي الذي أطلق البيان بعد زيارة المنطقة، قائلا: "تبقى التصريحات حديثا عابرا، ونحن بحاجة لتحرك رسمي ودولي دون أقوال فقط".
وأشار إلى أن سلطات الاحتلال تسرق المياه من المنطقة وتعمل على تطفيش المواطنين عبر المضايقة عليهم باستمرار.
وشدد على أن المطلوب من الفلسطينيين تكثيف تواجدهم في مسافر يطا، منتقدا الموقف الرسمي الفلسطيني الذي لا يعطي المنطقة أي اهتمام في ظل سرقة ممنهجة.
وجاء تحذير الاتحاد الأوروبي على لسان سفير الاتحاد في الأراضي الفلسطينية سفين كون فون بورغسدورف، خلال جولة له في منطقة مسافر يطا مؤخرا.
وازدادت وتيرة إجبار الفلسطينيين على إخلاء منازلهم بعد خسارتهم قضية تتعلق بحقهم في الأرض، في المحكمة العليا (الإسرائيلية) في الرابع من مايو.
وقال بورغسدورف: "إذا كانت المسألة تتعلق بعمليات إخلاء جماعي ونقل قسري، فستكون أكبر عملية نقل قسري في عقود- هذا ما نخشاه هنا".
فيما حذر بيان أصدره مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، من أن الإخلاء القسري للفلسطينيين من منطقة مَسافر يطّا، مخالفة جسيمة لاتفاقية جنيف الرابعة، ويعتبر جريمة حرب.
وأوضح البيان أن "القانون الدولي الإنساني يفرض حظرا مطلقا على الترحيل القسري للمدنيين من الأرض الفلسطينية المحتلة أو داخلها، ويتعين على السلطات (الإسرائيلية) أن تضع حدّا لجميع التدابير القسرية، بما فيها عمليات الإخلاء والهدم المزمعة وإجراء التدريب العسكري فيها".
وأكد أن "عمليات الإخلاء المتواصلة التي تطال الفلسطينيين والتوسع الاستيطاني على مدى 55 عاما من الاحتلال تغيّر الواقع على الأرض وتتعارض مع القانون الدولي الإنساني والقرارات الصادرة عن مجلس الأمن، والتي تعدّ ملزمة قانونيا".
وذكر البيان أن "215 أسرة فلسطينية مؤلفة من ألف و150 فردا، من بينهم 569 طفلا، يعيشون حاليا في منطقة مسافر يطّا، ويواجهون تهديدات بهدم منازلهم، فضلا عن العنف من جانب المستوطنين الذين يقطنون بؤرا استيطانية قريبة منهم، حيث يغلقون الطرق في المنطقة ويعتدون على الرعاة ويضرمون النار في أكوام القش والمراعي".
وقضت المحكمة العليا في (الكيان الإسرائيلي) بأن أكثر من ألف شخص يعيشون في قرى منطقة مسافر يطا، "فشلوا في إثبات" مطالبتهم بأنهم كانوا مقيمين بشكل دائم هناك، قبل أن يعلنها الجيش منطقة عسكرية محظورة تسمى "ميدان الرماية 918". حسب زعمها.
ووضع القرار القضائي (الإسرائيلي) المجحف، حدا لعقدين من النزاع القانوني، ممهدا الطريق أمام تهجير الفلسطينيين من منازلهم.
ومنذ صدور الحكم، هدمت سلطات الاحتلال 27 مبنى، كما صدرت أوامر لتنفيذ 30 عملية هدم أخرى، أي ما يزيد عن المعدل بمرتين في السنوات الماضية، بحسب مصدر في الاتحاد الأوروبي.
في حين، أكد المختص في شؤون الاستيطان سهيل خليلية، أنه منذ أكثر من 20 عاما وقضية مسافر يطا موجودة في المحاكم، والاحتلال يماطل في الفصل بالقضية وتحديد ملكية الأرض، وإبقاء القضية ضمن "أراضي دولة" وإبعادها عن ملكية المواطنين.
وقال خليلية في حديث لـ "الرسالة نت": "الاحتلال يُجري مسرحية ويسرق الأراضي حاليا ويجمّله بصورة قانونية".
ولفت إلى أن المسافر أراض عامة ويوجد بها ملكية خاصة، "والاحتلال يسرق الأرض ونصّب نفسه وريثا شرعيا للأراضي العامة وشكك في ملكيات المواطنين وطردهم من أراضيهم ضمن عملية استيطان مخططة".
وأوضح أن الاحتلال حوّل مسافر يطا إلى منطقة "إطلاق نار"، ويجري فيها تدريبات، وعمل على التوسع الاستيطاني في مناطق أخرى من المسافر.
ووفق خليلية، يتخذ الاحتلال من المسافر قواعد عسكرية له، وهو ما يسرّع من عملية التهجير القسري للفلسطينيين.
وفي أوائل الثمانينات، أعلن جيش العدو (الإسرائيلي)، تحويل نحو 30 ألف دونم من مجمل مساحة أراضي مسافر يطا التي تضم 12 قرية، إلى منطقة تدريب عسكرية، وقال إن المنطقة غير مأهولة بشكل دائم.