في اللحظات الأولى لحادثة محاولة اغتيال نائب رئيس الوزراء الفلسطيني د. ناصر الدين الشاعر، تداعى رئيس السلطة محمود عباس وفريقه، لاحتواء الحادثة والتعهد بالقبض على الجناة.
النائب أيمن ضراغمة، أكدّ لـ"الرسالة نت" لحظة وقوع الجريمة، تعهد اللواء ماجد فرج مسؤول جهاز المخابرات شخصيا بالعمل على ملاحقة الجناة وتقديمهم للعدالة فورا، وبحسب فرج فإنهم معروفون لديهم.
والجناة يتبعون جهازا أمنيا للسلطة يفترض أن مهامه مدنية وتقوم على حماية الجامعات؛ لكنه تحول لسيف مغلظ على رقاب الطلبة والمدرسين معا، وحوّل الحياة الجامعية لجحيم لا يطاق، بوصف أطر طلابية أصدرت بيانات متعددة طالبت عبرها بإقالة مسؤول أمن جامعة النجاح.
وبحسب ضراغمة، فإن فرج تعهد بأن يبدأ التحقيق باللحظة الأولى، وأن عباس لن يقبل بالفلتان الأمني، وأن تعليماته صدرت للتعامل الفوري مع الحادثة.
بعد مرور 4 أيام على الحادثة، لا يزال الجناة المعروفون مطلقي السراح.
أكثر من ذلك، فإنّ فكرة التحقيق المبدئي لمعرفة من يقف خلف هذه الجريمة ومن خططّ لها على صعيد المحاولة الفعلية للاغتيال والاختطاف معا، لم تقدم السلطة وأجهزتها الأمنية أي إجابات بهذا الصدد، بحسب مقربين من الشاعر.
ما سبق ذكّر الوعي الجمعي الفلسطيني بحادثة اغتيال نزار بنات، الناشط الذي أعدم غيلة بيد أمن السلطة في الخليل، ضمن عملية اغتيال معدّ لها سلفا، عقب سلسلة تهديدات تعرض لها المغدور.
هنا يتهكم غسان بنات شقيق الناشط نزار، بالقول إن العدالة التي توفرت لنزار ستتوفر للشاعر!
أما شكل العدالة فأطلقوا سراح القتلة، ولم تضمن النيابة العسكرية إعادتهم لصيرورة المحاكمة مجددا، والتعهد القضائي بعقد جلسة أسبوعيا أصبح خلف الظهور، بحسب بنات.
ويستدل بنات على أنّ شيئا مماثلا سيقع تجاه الشاعر التي ستنتهي قضيته أمام لجان تحقيق مفترضة تدّعي السلطة تشكيلها، وفي أحسن الأحوال أثناء القبض عليهم، ستحيل السلطة القضية لخطأ في التنفيذ!، وستنتهي بـ"بوسة راس" عشائرية دأبت السلطة على أن تنادي بها لإنهاء قضية نزار.
"بوسة الراس" هي منهج السلطة لإنهاء القضايا مقابل أموال ومغريات، وهذا ما فعلته مع عائلة نزار، بوصف شقيقه، وتدرك أن قامة وطنية مثل الشاعر لن يتوقف كثيرا أمام الفاعلين كأشخاص.
لكنّ الشاعر لم ينس أيضا أن الصمت على هذا السلوك، يعني من الناحية العملية أن شرعنة سلوك الاغتيالات سيطال غيره في مرحلة قادمة للضفة لا محالة، ضمن صراع "الذئاب" على كرسي الرئاسة!، بوصف المراقبين.
رعاة الفلتان!
ما سبق دفع النائب في المجلس التشريعي خالدة جرار، لوصف ما حدث مع الشاعر بأنه "محاولة من رعاة الفلتان الأمني بتوجيه رسالة أن أي صوت حر للشعب الفلسطيني هو مستهدف".
وأشارت لضرورة محاسبة من تجرأ على هذه الجريمة، ومواجهة المنظومة الأمنية التي ترعى الفلتان الأمني، وتشد على أياديها بعض الأجهزة التابعة للسلطة، على حد وصفها.
وأضافت جرار: "ما حدث ليس جديدا، الجديد هو توجيه سلاح الفلتان نحو الداخل؛ لتحقيق أغراض مشبوهة وهذا يجب محاصرته وملاحقة المتورطين فيه، للحفاظ على السلم الأهلي".
ودعت لضرورة مواجهة المنظومة المنفلتة والحفاظ على الوحدة الوطنية وتفويت الفرصة على أعداء الشعب الفلسطيني.
** دوامة اللجان!
النائب في المجلس التشريعي الشيخ نايف الرجوب، أكدّ من جهته، أن أكثر ما يصدم في الجرائم التي وقعت مؤخرا، أن القتلة لا يخفون وجوههم، هم يتبجحون ومن خلفهم منظومات للفلتان ويتفاخرون بجرائمهم.
القضية -بحسب الرجوب- ليست بحاجة للجان تحقيق كثيرة، فالجناة معروفون، والمطلوب المحاسبة الفورية التي تعني أنّ عدم حسابهم شرعنة وغطاء سياسي يتوفر لجرائم أخرى ترتكب ضد الشعب الفلسطيني.
وأكدّ الرجوب لـ"الرسالة نت" أنّ الأهم من كل ما سبق، هو وجود إرادة قوية وطنيا وفلسطينيا لمواجهة فلسفة الاغتيال السياسي الذي يشرعن لحالة من الفوضى والفلتان الأمني.
وكان الكاتب السياسي هاني المصري رئيس مركز "مسارات" للتفكير الاستراتيجي، أكدّ أنه في حال عدم محاسبة سلطة رام الله لمنفذي محاولة اغتيال ناصر الدين الشاعر فستكون هي المسؤولة عن الجريمة، خاصةً أن محاولة أخرى لاغتيال الشاعر حدثت قبل شهر ولم تتحرك السلطة لمعرفة الفاعلين.