تتعالى الأصوات المحذرة من عواقب وخيمة للقرارات بقوانين التي أصدرها رئيس السلطة محمود عباس، كونها تعزز التفرد بالسلطة وتغول السلطة التنفيذية على باقي السلطات، وتدفع نحو العصيان المدني في الضفة.
ومنذ بداية العام الحالي، خاضت نقابات مختلفة فعاليات ضخمة في الضفة الغربية، للمطالبة بحقوقها، واحتجاجا على تنصل حكومة محمد اشتية من التزاماتها ووعودها.
وشهدت الضفة إضرابات متتالية في قطاعات التعليم والصحة والنقل العام إلى جانب حراك "بدنا نعيش" الرافض للغلاء، وصولاً إلى إضراب نقابة المحامين، رفضاً لإنفاذ القرارات بقوانين المعدلة للقوانين الإجرائية وقانون التنفيذ وقانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية.
ولعل حراك المحامين في الضفة الغربية، دق ناقوس الخطر، بتحركه في الشارع باحتجاجات واسعة لاقتا دعما وإسنادا شعبيا مذهلا.
فقد حذر داوود الدرعاوي، أمين سر نقابة المحامين بالضفة المحتلة أن القرارات التي أصدرها محمود عباس وسلطته تظلم الناس وتضعهم في ظروف قاهرة بالموضوع القضائي، مشيرا إلى أن المحامين بدؤوا يتوافدون من المحافظات كافة، وسننتقل إلى حالة من العصيان المدني.
وعلى خطى المحامين، بدأت نقابة المهندسين فعاليات احتجاجية، للمطالبة بحقوقها هي الأخرى.
وجاء تغول رئيس السلطة محمود عباس على القانون والقضاء عبر إصداره سلسلة من القرارات بقانون، التي قوبلت برفض شعبي واسع تمثل في احتجاجات نقابية ومجتمعية مستمرة منذ عدة أيام.
واتفقت نقابات مهنية وفصائل وطنية ونشطاء سياسيون ومواطنون، على رفض هذه القرارات بقوانين، باعتبارها تكريسا للتفرد بالسلطة وتغول السلطة التنفيذية على باقي السلطات، بعكس ما يفرضه القانون الأساسي الفلسطيني وهو مبدأ الفصل بين السطات.
وقال المحامي والقاضي السابق أحمد الأشقر إن السلطة أصدرت نحو 600 قرار بقانون منذ تعطليها للمجلس التشريعي الفلسطيني المنتخب.
وأضاف الأشقر أن القرارات بقوانين جاءت بعد تغييب الحياة البرلمانية والمجلس التشريعي، ثم انتقل الاستهداف للنقابات المنتخبة في الضفة الغربية.
وحذر الأشقر من عسكرة القضاء في الضفة وتحدي الشعب الفلسطيني، مشيراً إلى أن تلك القرارات التي تصدر عن السلطة لا تمت للقانون بصلة، وهي عبارة عن وصفة دمار وخراب ومساس بالسلم الأهلي.
ودعا لإعلاء الصوت رفضاً لتلك القوانين التي تناقش بالغرف المغلقة ووفق أهواء شخصيات متنفذة.
ونبه الأشقر إلى أن الاحتجاج قد يتطور لحراك أوسع، وحالة شعبية تقود لعصيان مدني.
والعصيان المدني هو أحد الطرق التي ثار بها الناس على القوانين غير العادلة، وقد استخدم في حركات مقاومة سلمية عديدة موثقة؛ في الهند (مثل حملات غاندي من أجل العدالة الاجتماعية وحملاته من أجل استقلال الهند عن الإمبراطورية البريطانية)، وفي جنوب أفريقيا في مقاومة الفصل العنصري، وفي حركة الحقوق المدنية الأمريكية.
وأكد الأشقر أن رئاسة السلطة القضائية في الضفة عينت بشكل غير شرعي ودون الرجوع إلى المجلس التشريعي، كما أنها رفضت الحوار مع المحامين والاستماع إلى مطالبهم.
كذلك دعا المحامي فاتح حمارشة مواطن فلسطيني للعمل على إلغاء القرارات بقوانين، معتبراً أنها طامة كبرى على حقوق المواطنين، وتمس حقهم بالدفاع عن أنفسهم.
الناشط علاء أبو ذياب قال إن ما يجري أمر مؤسف ومعيب بحق القضية الفلسطينية، خاصة وأن مسألة إصدار شخص واحد للقوانين نسيها العالم منذ زمن.
ووصف أبو ذياب الواقع بحكم "قراقوش"، مؤكداً أنه لا يوجد نظام حكم يضرب القضاء بنفسه كما تفعل السلطة في الضفة.
ونبه إلى أن الناس لا تستشعر الخطر والأذى من القرارات بقوانين، إلا إذا حدثت معهم مشكلة واضطروا للجوء الى القضاء.
وقال أبو ذياب إن أعتى الأنظمة الديكتاتورية كان تراعي وجود قضاء جيد، لأن القضاء آخر خيمة للمواطنين ويجب أن يكون نزيهاً وضابطاً للجميع.
أما الناشط الحقوقي فريد الأطرش أكد أن القرارات بقانون تمس بحقوق الإنسان والسلم الأهلي وهي تعسفية وفيها تفرد بإصدار القرارات.
وأوضح أن بعض القرارات بقانون تتعلق بضمانات المحاكمة العادلة، وإعطاء الصلاحيات بتمديد اعتقال المواطنين دون عرضهم على القاضي.
كما أشار الأطرش إلى أن بعض القوانين التي أصدرتها السلطة أحكمت القبضة الأمنية، وقيدت إمكانية رفع شكوى على أفراد الضابطة القضائية دون موافقة النائب العام على ذلك.
واعتبر أن القرارات بقوانين مجحفة، مطالباً بإلغائها بشكل كامل.