غزة، يتحدث بها العالم كله ولكنه لا يعرفها، قد تغادر أنت غزة، ولكن كُن يقيناً أنها لن تغادرك، في غزة كل المشاهد الديالكتيكية، هناك الانسجام والتناقض…هناك الرضى والغضب… هناك الظلم والانسانية … هناك القلق والروقان …. هناك ما يسبب لك الارباك بثوانٍ من كثرة الصور المتضاربة في حدودها الضيقة ثم هناك البحر والسر في الهدوء…في السكينة… في الأمل… هناك على أرضها وسواحلها تتخيل الراحة الأبدية …هناك حكاية الصمود ورواية الوحدة الوطنية.
الوجع كما الفرح فيها فريد، تتقلب فيها المزاجات بسرعة فائقة، نعم هذا بديهي، فغزة، ببساطة هي مكان التقاء الموت بالحياة!
قبل اسبوعين وانا في غزة وعلى الملأ، شاركتكم صور الجمال والمحبة والكرم والأصالة عبر صفحاتي المختلفة، لأنني قررت بكل صدق ومسؤولية أن أخبر العالم عن جمال غزة، ببساطة أن اتبنى فكرة الترويج لغزة وأن أظهر جاذبيتها للعامة.
قررت أن أشجع كل من أعرف سواء من الفلسطينيين، العرب او الأجانب لمحاولة زيارة قطاع غزة لتجربة ما شهدته من الثروات البشرية والطبيعية والبحرية؛ من غزة…لخان يونس …لدير البلح …لجباليا …لخزاعة…لعبسان…حتى رفح …ومن الشاطىء… وعلى امتداد الساحل .. هناك تكمن الرواية من الأصالة والوطنية والكرامة.
هناك الموارد والثروات هناك مياهنا الاقليمية وحقوقنا الطبيعية ورؤية واقعية لحلم الاستدامة والازدهار هناك في غزة منبع الاستقلال والسيادة واكتمال حلم الدولة الفلسطينية.
هناك تجتمع الحدود البرية والبحرية والجوية…نعم هناك مربع الاخوة والعمق العربي، وبمناسبة الحديث عن السفر والمطارات، هناك كان ويجب أن يعود مطار ياسر عرفات الدولي.
هناك صبر على امتداد البصر!
يسمع العالم عن غزة ولا يعرفها … الانطباع العام أن الزيارة ممنوعة فالتصاريح صعبة المنال لدرجة ان المواطن الفلسطيني فقد الأمل في الحصول على التصريح وأصبح يتوانى في طلب تصريح الزيارة.
من يتابع الأخبار حتماً لن يرى سوى الدمار والفقر والظلم ولكن من يؤمن أن غزة جزء من فلسطين سيرى الأمل والمستقبل لا محالة!
من يؤمن أن غزة جزء من فلسطين يدرك أنه لا بد أن يكون هناك المطار هناك البحر هناك المياه الاقليمية هناك الثروات والمشاريع الاستراتيجية وهناك أصل الرواية الوطنية والوحدة الفلسطينية.
بعد تجدد الهجوم (الاسرائيلي) الارهابي على غزة، يقول أهل القطاع هذا قدرنا ومصيرنا، أشارككم حسرتي وألمي، فكل من شجعته لزيارة غزة بدا اليوم متردداً عاجزاً حزيناً، الاحتلال لا يريد الاستقرار هناك، الاحتلال يرتكب الجرائم يريد ارهاب كل من يفكر بغزة ولكن الحقيقية البديهية التي لا نزاع عليها ان غزة تستحق الحياة، تستحق الاستقرار، تستحق الحرية.
قد يكون لهذا العدوان أسباب سياسية كثيرة تتعلق بسباق لابيد ونتنياهو على رئاسة الحكومة او حتى لإيجاد شيء من التوافق بين أحزاب اليمين ولكن من يعرف غزة، يدرك تماماً أنها مركز اقتصاد فلسطين والاقليم ولهذا أود التركيز على مصالح الدول الاقليمية المتنازعة التي تتخذ من القطاع هدفاً أو ذريعة.
على كل فلسطيني أن يدرك، في غزة هناك على بعد ساعة الى الجنوب ينتظرنا الأمل، ينتظرنا المستقبل، ينتظرنا غد واعد لفلسطين.
منبع اقتصاد فلسطين هناك على بعد كيلومترات، ينتظرنا البحر والثروة السمكية والاراضي الزراعية والموارد البشرية واذا فكرنا استراتيجياً هناك نعم على حدود غزة البحرية في سواحلها تتناثر حقول الغاز أتمنى أن يستوعب الجميع أن فلسطين أكبر من كل انتماء…
هناك في غزة العمود الفقري لاقتصاد دولة سيادية بعيداً عن مساعدات الغرب وأموال المجتمع الدولي وتناقضات الاقليم التي جعلتنا تابعين مستجديين لا نملك الحيلة، لا تنجروا وراء رواية الاحتلال….هذا الانقسام لا يخدم سوى دولة الاحتلال .. هيهات نستوعب أن عمقنا واستدامتنا هناك فيكِ يا غزة .. غزة العزة فلسطينية، لك منا ألف تحية .. الصبر لأهلنا وأحبابنا هناك .. سأعود يا غزة ….. وللحلمِ بقية…