قائد الطوفان قائد الطوفان

في ذكرى إحراقه.. (سيف القدس) تحرس المسجد الأقصى

سيف القدس
سيف القدس

الرسالة نت- محمود فودة

قبل 53 عامًا لم تجد (إسرائيل) المنتشية بهزيمة العرب في حرب النكسة 1967، رادعا من حرق المسجد الأقصى، لكنها باتت اليوم تعمل حسابًا لاقتحام المستوطنين باحاته ولو لعدة دقائق، فما الذي تغير؟

لم يتوقف اليهود المحتلون عن التخطيط قولا وفعلا لبناء الهيكل المزعوم على أنقاض المسجد الأقصى، ويسعون لذلك ليلًا ونهارًا، إلا أنهم يتجنبون استفزاز المقاومة في أي خطوة علنية قد تقلب الطاولة.

ويأتي القلق (الإسرائيلي) من المقاومة وحدها، مع عدم أخذ بقية الأطراف في الحسبان، ومنذ معركة سيف القدس التي اندلعت في مايو 2021، نصرةً لنداء المرابطين في الأقصى، بمواجهة الاقتحامات (الإسرائيلية) وطرد أهالي حي الشيخ جراح.

وبما أن تلك المعركة التي قادتها حركة حماس مع بقية الفصائل قد ربطت الساحات ( غزة والقدس والضفة والداخل المحتل ومخيمات الشتات)، لتصبح كل أرض فيها فلسطيني بقعة لهب على الاحتلال ومستوطنيه، ما دفع الاحتلال ليستجدي الهدوء ووقف كل الاستفزازات بالأقصى.

وليس كلاما دعائيًا أن الاحتلال يهاب المقاومة وسيفها في حال ارتكب أي حماقة في المسجد الأقصى أو الأرض الفلسطينية عامةً، وإنما بات موقفا (إسرائيليا) واضحًا للعيان خلال السنة الأخيرة، من خلال تجنب أي أفعال داخل الأقصى من شأنها إشعال المواجهة مجددًا.

فالاحتلال بات يدرك جيدا بأن ما قبل سيف القدس ليس كما بعدها، في ظل أن المقاومة أخذت قرارا حاسما بالدفاع عن الأقصى بسلاح غزة وجنين ونابلس والداخل المحتل، مهما كلف ذلك من ثمن، وفعلت ذلك حقيقةً وليس شعارا.

كما أدت حالة الثورة المتقدة في مدن الضفة خلال الأشهر التي تلت سيف القدس، إلى إحجام الاحتلال عن استفزاز الفلسطينيين في القدس أكثر، إذ كلما زادت اعتداءات الاحتلال، ارتفع منسوب المقاومة في الضفة أكثر.

ولا تكتفِ المقاومة برفع شارة السلاح في وجه الاحتلال، وإنما تعمل على شحذ الهمم في نفوس الفلسطينيين والمسلمين لنصرة الأقصى، والأدل على ذلك دعواتها الأسبوعية إلى تلبية نداء الفجر العظيم في الأقصى ومدن الضفة.

وينعكس اهتمام المقاومة بالقدس على مخططات الاحتلال بالسلب، في ظل أن الاحتلال استغل سنوات تراجع الاهتمام العربي والإسلامي بالأقصى والقدس، وفقدان السلطة لأي جهود رسمية أو شعبية للدفاع عن محور الصراع.

وبالتالي: فإن المقاومة أفشلت المخططات (الإسرائيلية) في الأقصى من خلال عدة محاور أهمها التلويح باستخدام السلاح الذي أعدته المقاومة للدفاع عن الثوابت الوطنية، وليس عن قطاع غزة فحسب.

وثاني المحاور: رفع معنويات الجمهور الفلسطيني، وإعادة إحياء روح المقاومة فيه، ودفعه للرباط والدفاع عن الأقصى بالروح والدم، وكذلك من خلال البرامج الدعوية كالدعوة إلى صلاة الفجر في الأقصى، وقيام الليل في المواسم الدينية، ومواجهة اقتحامات المستوطنين.

وثالث المحاور التي عملت المقاومة على تنظيمها، من خلال إحياء قضية القدس في الأوساط الإٍسلامية والعربية والدولية، وهذا ما رأيناه خلال شهر رمضان الماضي، حيث تحركت الدبلوماسية جمعاء في سبيل منع أي تعدي (إسرائيلي) في الأقصى، بما لا يحول الأوضاع إلى مواجهة عسكرية جديدة.

وأما رابع المحاور فكان دعم أهل القدس والمرابطين في الأقصى بشكل مادي ومعنوي، بما يحفظ لهم الإمكانات الأساسية للدفاع عن الأقصى، وهذا ما أكده الاحتلال في أكثر من محفل بأن قيادة المقاومة الفلسطينية وفي مقدمتها حركة حماس، تدعم المرابطين في الأقصى والمقدسيين، وكذلك عوائل الشهداء والجرحى والأسرى بالمال بشكل دوري.

وخامس المحاور يتمثل في مد جسر الدعم بين مدن الداخل المحتل وباحات المسجد الأقصى، حيث تحتشد الألوف من الفلسطينيين سكان مدن الداخل في الأقصى كلما دعت المقاومة لحمايته من تدنيس المستوطنين، وكانت أبرز تلك الحشودات إبان معركة سيف القدس العام الماضي.

وفي نهاية المطاف، فإن الواقع بات ليس لصالح الاحتلال كما كان الحال قبل أربعة عقود، حينما استباح الأقصى وأضرم النار فيه، إذ بات الاحتلال اليوم أحرص ما يكون على بقاء الوضع على ما هو عليه، دون أي استفزاز للفلسطينيين، والمقاومة على وجه الخصوص.

البث المباشر