الكاتب: مسلم نسيم
"حرية العمل في غزة لا تُضاهى" .. جملةً واضحةً وصريحة لا تحتاج إلى محللين وحقوقيين يتقاضون رواتبهم من هنا أو هناك كي يجتمعوا في أحد فنادق غزة، ليُدلي كل واحد منهم بدلوه، وباعتقادي أنه مجرد أن يجلسوا في مكان ما ويبدؤوا بمناقشة مدى حرية العمل في غزة وحرية الرأي والتعبير فإنه بذلك يكون قد أُعطي حريةً لا تُعطى إلا في الدول المُحترمة، وليست في الأنظمة البوليسية القمعية كما يحصل في الضفة المحتلة والأنظمة العربية المجاورة وغيرها.
حرية العمل في غزة أيضاً لا تحتاج إلى أصحاب القرار من هنية والزهار وحماد والنائب العام وغيرهم كي يحلفوا بمئات الأيمان المُغلظة أن هناك حرية مطلقة في غزة، ورغم ذلك فإنهم لا يكلون ولا يملون من الجلوس مع الجميع من فصائل ومؤسسات أهلية وحقوقية وأكاديميين وأستاذة جامعات، من أجل وضعهم في صورة الوضع أولاً بأول والسماع لآرائهم والأخذ بها أحياناً.
بعكس ما يحدث في الضفة المحتلة تماماً، فالأكاديميين الأفاضل هناك يُزجوا في السجون والمؤسسات الأهلية والحقوقية تُقمع وتصمت على قمعها وتحجيم دورها ولو فكرت برفع رأسها مرة ستُداس ورُبما يكون ذلك آخر أيامها بالضفة، فحتى اللحظة لم تجرب أياً من تلك المؤسسات ذلك .. واسألوهم .
ويأتي الآن الأهم في كل ذلك وهو لُب حديثنا، بأن حرية العمل يشهد بها العدو قبل الصديق هنا في قطاع غزة ولا تحتاج لأي براهين، فالواقع أصدق من الجميع، فخير شاهدٍ على ذلك المؤتمر الصحفي الذي عقدته أمس كتائب المقاومة الوطنية الجناح العسكري للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، وسط غزة ورجالاتها يقفون أمام كاميرات الإعلام بكامل زيهم العسكري وذخيرتهم وأسلحتهم وعتادهم ليُعلنوا عن قتلهم لجندي صهيوني وسط غزة فلا أظن أن أحداً لم يشاهد هذه المشهد، فيما خرجت بعدها بساعات سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي لتُعلن عن قصفها للمغتصبات الصهيونية المحاذية لغزة وأعلنت بكل وضوح تبنيها لعملية القصف.
وللتنويه فإن ما خرجت به هذه الفصائل المُقاومة في يومٍ واحد خرجت به فصائل قبلها كثيراً ولكن لتكن الصورة أبلغ وأقوى جئنا بآخر أمثلة لذلك لأن هناك الكثيرين من تنسيهم حرية العمل المُطلق في غزة أين هو وأين كان وربما قد نسي تلك المشاهد التي كانت بالأمس.
يبقى هنا سؤالاً محيراً ولكنه معروف الإجابة في ذات الوقت، أين هي كتائب المقاومة الوطنية في الضفة المحتلة ؟ أين هي سرايا القدس في الضفة المحتلة ؟ أين هي كتائب شهداء الأقصى في الضفة المحتلة ؟ أين هي كتائب أبو علي مصطفى في الضفة المحتلة ؟ وأين هي كتائب القسام ؟ وأين وأين كل المقاومون من كافة الفصائل التي ربما سقط منا ذكرها، لماذا لا يسأل عنهم أحد هنا بغزة أو هناك بالضفة، لماذا يُصر الكثيرون بأن هناك (اعتقال سياسي) في غزة وهم يعرفون أن المُعتقلون بهذه الحجة هم أصلاً عملاء للاحتلال وقد اعترفوا بذلك، فالسيد خليل أبو شماله شهد بذلك أمام المراقب العام لوزارة الداخلية حسن الصيفي، في حقلة خاصة بثتها قناة الأقصى بعنوان "في الصميم" قبل ما أكثر من أسبوع.
ويبقى القول الفصل، أن ما ذُكر آنفاً لا يخفى لا أحد وليس بالشيء الجديد فالكثيرون يعرفونه مسبقاً وفي قرارة أنفسهم، لكنهم لا يريدون أن يُسجل في تاريخهم أن قالوا يوماً بأن حماس على طريق الحق والصواب وأنها تريد الأمن والأمان والعيش الكريم لهذا الشعب، لأنهم بصراحة لم يتعودوا على ذلك فحياتهم فاسألوا الكثيرين في الضفة المحتلة وما يلاقونه من الشركات الأمنية الفتحاوية التابعة للكيان الصهيوني.