اغلاق المنطار..تشديد الحصار بسياج فتحاوية

الرسالة نت-كمال عليان

بعد أن شاهد قادة حركة فتح على شاشات التلفاز ما يحدث في تونس والجزائر من مظاهرات ضد النظام الحاكم بسبب غلاء الأسعار والمعيشة، وتفشي البطالة، تبادرت إلى اذهانهم ذات الفكرة, لكن في غزة التي ما زالت "مخطوفة" وفق رأيهم، فعقدوا اجتماعا طارئا مع رفقائهم في التفكير والتنفيذ، ليقرروا اغلاق معبر المنطار نهائيا بداية الشهر القادم، لعله يرفع أسعار السلع، فتكون ذات المشاهد التونسية في غزة.

ووقع مسئولون فلسطينيون وإسرائيليون اتفاقًا لإغلاق معبر المنطار التجاري "كارني" شرق مدينة غزة بشكل نهائي اعتبارًا من نهاية الشهر الحالي، واعتماد معبر كرم أبو سالم جنوب شرق غزة كمعبر تجاري وحيد للقطاع.

 ونقلت صحيفة "الأيام" المحلية عن مصادر وصفتها بـ"موثوقة رفيعة المستوى فضلت عدم الإشارة إلى هويتها" أن "اجتماعًا عقد بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي في فندق دان في مدينة تل أبيب مساء 27 من الشهر الماضي، ناقش هذا الأمر".  

سياسة متعمدة

المحلل السياسي مؤمن بسيسو يرى أن إسرائيل تحاول تفصيل أوضاع على مقاساتها الخاصة فيما يتعلق بالحالة الموجودة في قطاع غزة.

وقال لـ"الرسالة نت" أن إسرائيل منذ البداية تحاول أن تدخل التحركات التجارية في معابر تتحكم بها بشكل كامل، وهذا ما دفعها لبناء معبر أبو سالم في أقصى أطراف القطاع.

وأكد بسيسو أن اغلاق المعبر فيه مضاعفة لمعاناة الشعب الفلسطيني ومزيد من التشديد من الحصار وممارسة سياسة متعمدة ضد غزة.

وحول موقف حركة فتح أوضح أنها تتبدل مواقفها وفق مصلحتها حتى لو كان مناقضا للمصلحة الوطنية، مبينا أن فتح نزعت عن نفسها كل أوراق التوت التي كانت تستر عورتها بها.

زيادة الأسعار

بدوره أكد الخبير في الشئون الاقتصادية عمر شعبان  أن إغلاق معبر كارني بشكل نهائي والاعتماد فقط على كرم أبو سالم له أبعاد سياسية نظرا لأنه كان مطلبا إسرائيليا ورفض عدة مرات، محذرا من الآثار السلبية لهذا القرار على  أسعار السلع في القطاع.

وقال شعبان في تصريح لـ"الرسالة نت" أن اتخاذ هذا القرار يعني تثبيت الوضع القائم وبقاء حالة الانقسام بين شطري الوطن.

وأضاف أن موقع معبر أبو سالم لا يتسع لإدخال احتياجات قطاع غزة حتى قبل الحصار، مبينا ان ذلك من شأنه ظهور حالة ازدحام مروري في شارع صلاح الدين الواصل بين جنوب القطاع وشماله، "وهذا سبب الحوادث المرورية الحاصلة".

واستغرب شعبان موافقة سلطة فتح على هذا المطلب، رغم رفضها له باستمرار، موضحا أن ذلك سيزيد من تشديد الحصار على غزة.

أمر كارثي

ومن جهتها اعتبرت الحكومة الفلسطينية في غزة أن قرار اغلاق معبر المنطار "كارني" نهاية الشهر الحالي سيكون له نتائج كارثية, حيث ان هذا المعبر تم تهيئته على مدار 15 عاما بكافة المعدات وأدوات الفحص والبنية التحتية اللازمة لانسياب مختلف البضائع والسلع الخفيفة والثقيلة الي قطاع غزة.

وأوضح المهندس حاتم عويضة مدير مكتب وزير الاقتصاد الفلسطيني في تصريح لـ "الرسالة نت" ان اتخاذ القرار وموافقة السلطة الفلسطينية عليه دون دراسته سيزيد الوضع في القطاع سوءا وسيفرض حصار فوق الحصار الموجود حاليا, معتبرا ان السلطة "ترتكب جريمة جديدة" بموافقتها على هذا القرار, فبدلا من ان تضغط على الجانب الاسرائيلي لفتح جميع المعابر توافق على اغلاق معبر المنطار.

وشدد على ان معبر كرم ابو سالم الذي تسعى (اسرائيل) لجعله المعبر الوحيد في القطاع، غير مهيئ بالمطلق لاستيعاب حاجات قطاع غزة, حيث ان طاقته الاستيعابية لا تتجاوز 200 شاحنة حاليا, كما انه يخضع للسيطرة الاسرائيلية الكاملة, لافتا الي ان القطاع بحاجة لفتح جميع المعابر لتسهيل حركة البضائع والمواطنين من والي قطاع غزة.

تشديد للحصار

وفي ذات السياق عدت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) الاتفاق الفلسطيني الإسرائيلي بإغلاق معبر المنطار شرق مدينة غزة نهائيًا، تشديدًا إضافيًا للحصار على قطاع غزة.

 وشدد الناطق باسم الحركة سامي أبو زهري في بيان وصل "الرسالة نت" نسخة عنه على رفض حركته هذا القرار، معتبرا أنه يأتي تشديدًا إضافيًا للحصار المفروض على القطاع منذ نحو أربعة سنوات.

 وقال أبو زهري: إن "موافقة حركة فتح على هذا القرار دليل إضافي على تورطها في حصار غزة بالتعاون مع الاحتلال".

 ودعا كل الأطراف الدولية المعنية إلى الضغط على الاحتلال لوقف هذه الخطوة وإبقاء جميع المعابر مفتوحة باتجاه قطاع غزة مع تسهيل وصول جميع السلع والاحتياجات.

ويشتمل معبر المنطار على 34 بوابة "خانة" لتسهيل حركة الصادرات والواردات من وإلى قطاع غزة، وبلغت أقصى طاقة استيعابية للمعبر نحو 850 شاحنة يوميًا منها 750 شاحنة واردة و100 شاحنة صادرة، وكان معدل نشاطه اليومي يقدر باستيراد حمولة 450 شاحنة وتصدير نحو 70 شاحنة يومياً وذلك على مدار ساعات عمل المعبر التي كانت تمتد من الساعة الثامنة صباحاً وحتى العاشرة ليلاً.

وكان معبر كرم أبو سالم الذي افتتح العمل به في الثاني والعشرين من آذار عام 2006 يعمل كمعبر مخصص لإدخال المساعدات والبضائع الواردة من وعبر مصر، حيث كان معدل عدد الشاحنات المحملة بالمساعدات الإنسانية يقدر بنحو 80 شاحنة شهرياً ما معدله 20 شاحنة أسبوعياً، فيما بدأ التحول تدريجياً لاستخدام المعبر المذكور لإدخال سلع وبضائع محددة في أعقاب أحداث حزيران العام 2007، ومنذ ذلك الحين تم تطوير المعبر لإدخال كافة السلع التي يسمح الاحتلال بدخولها والتي جلها من السلع الاستهلاكية إلى أن أصبحت طاقة المعبر تستوعب ما يتراوح بين 300 و350 شاحنة، وإن كان معدل الشاحنات الواردة عبر المعبر ذاته حتى الآن يقدر بنحو 150 شاحنة يومياً.

 

البث المباشر