قال تعالى :(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) (التوبة:119)
الصدق وهو مطابقة الحديث للواقع والحقيقة ، وهو صفة لازمة للمؤمنين ، كما أن الكذب وهو مخالفة الكلام للواقع والحقيقة ، وهو صفة لازمة للمنافقين ، وقد حثنا ديننا الحنيف على الصدق ، ، كما أمرنا أن نكون دائماً في صف الصادقين ، الذين لا يرضون عن الصدق بديلاً ، ولا عن صحبة الصادقين تحويلا . وفي حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يحث على الصدق والالتزام به حتى يصبح سجية للمؤمن لا تنفك عنه ، كما حذر رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم من الكذب لأنه صفة تتنافى مع الإيمان ، كما ورد في الحديث الذي رواه الإمام مسلم رحمه الله في صحيحه : عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :"عَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ فَإِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَصْدُقُ وَيَتَحَرَّى الصِّدْقَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ صِدِّيقًا وَإِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ فَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَكْذِبُ وَيَتَحَرَّى الْكَذِبَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا ." أرأيتم كيف يهدي الصدق إلى البر ، والبر كلمة جامعة لكل معاني الخير ، ولا يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقاً .
والصديقية درجة تأتي بعد درجة النبوة . وأرأيتم كيف يهدي الكذب إلى الفجور ، والفجور كلمة جامعة لكل معاني الشر والعياذ بالله ، ولا يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يصبح الكذب جزءاً من كيانه ، فلا يستطيع أن يتخلى عنه ، فإذا تحدث كذب وخالف ما حدث من حقائق ووقائع ، وإذا نظر كذب وجعل عينية قد رأتا ما لم يريا، وإذا عمل كذب في عمله ، فلم يتقنه ، بل قد يغش في العمل . ولذا أبعد الناس عن الكذب هم المسلمون ، لأن الكذب صفة للمنافق كما بين ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي أخرجه الإمام البخاري رحمه الله في صحيحه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:" آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلَاثٌ إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ ."
وفي الحديث الآخر عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْ النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعَهَا إِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ وَإِذَا حَدَّثَ كَذَبَ وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ ." وعند الإمام ابن ماجه رحمه الله أنه لا يحل الكذب ولا يصلح بالجد ولا بالهزل ، حتى في الأمور التي قد لا ينتبه إليها كثير من الناس كما إذا ما وعد رب الأسرة أحد الأولاد بشيء كهدية إذا نجح أو أخذه رحلة إذا فاز أو حفظ جزءاً من القرآن، فلا يجوز أن لا يفي بوعده ، بل الوفاء دليل الصدق وعنوانه ، فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ... ٍ أَلا وَإِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ فَإِنَّ الْكَذِبَ لَا يَصْلُحُ بِالْجِدِّ وَلَا بِالْهَزْلِ وَلَا يَعِدُ الرَّجُلُ صَبِيَّهُ ثُمَّ لَا يَفِي لَهُ فَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارَ وَإِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ وَإِنَّهُ يُقَالُ لِلصَّادِقِ صَدَقَ وَبَرَّ وَيُقَالُ لِلْكَاذِبِ كَذَبَ وَفَجَرَ أَلَا وَإِنَّ الْعَبْدَ يَكْذِبُ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا". فإذا كان الكذب على الصغار محرم ، فكيف بمن امتهن الكذب ، وتحرى الكذب حتى أصبح يعرف بالكذاب . ولأن الكذب يتنافى كلياً مع الإيمان ، فلا يجوز أن يكذب المؤمن ولو مازحاً ، فقد أخرج الإمام مالك بن أنس رضي الله عنه في الموطأ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ أَنَّهُ قَالَ قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَيَكُونُ الْمُؤْمِنُ جَبَانًا؟ فَقَالَ :نَعَمْ . فَقِيلَ لَهُ: أَيَكُونُ الْمُؤْمِنُ بَخِيلًا ؟ فَقَالَ :نَعَمْ . فَقِيلَ لَهُ: أَيَكُونُ الْمُؤْمِنُ كَذَّابًا؟ فَقَالَ: لا". وكيف إذا كان الكذاب ملكاً أو رئيساً يكذب على شعبه وقومه ، الذين صدقوا توجهه فيما وعدهم به من إرادة الخير لهم ، واجتهاده في تجنيبهم الشر ما استطاع إلى ذلك سبيلاً ؟! كأني بهؤلاء قد انطبق عليهم ما توعدهم به ممثلنا الشرعي والوحيد ، حبيبنا المصطفى صلى الله عليه وسلم في قوله الذي أخرجه الإمام مسلم رحمه الله في صحيحه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ثَلاثَةٌ لا يُكَلِّمُهُمْ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ قَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ شَيْخٌ زَانٍ وَمَلِكٌ كَذَّابٌ وَعَائِلٌ مُسْتَكْبِرٌ." ولذا أليس عيباً أن يخرج علينا محمود عباس مغتصب الرئاسة ، والمنتهية ولايته ، ليقول : حماس تحاول زعزعة الاستقرار في الضفة ولا نخشى انقلاب – هكذا بالنص - ، وإنما نخشى أن يقوموا بأعمال تخريبية فهذا ما نمنعه ولا نسمح به .
من الذي يصف أعمال المقاومة بالتخريب غير يهود ومن والاهم ؟! أرأيتم كيف يكذب كبير القوم في المقاطعة ؟ ثم أين الاستقرار في الضفة ؟ وقد قامت سلطة فتح التي تتزعمها عام 2010م بتنفيذ أكثر من 3000 حالة اعتقال سياسي منها 1404 لأسرى محررين ، 49 إمام مسجد ، 24 أستاذا جامعياً ، 36 صحفياً ، 32 عضو مجلس بلدي ، 417 طالباً جامعاً ومدرسي ، و9 محامين . ماذا يقصد الكذاب بالاستقرار في الضفة ، وهل يريد الاستقرار لشعبنا أم ليهود وعصاباتهم وجيشهم الذي يحرس المغتصبين وهم ينهبون أرضنا ويقتلون رجالنا ونساءنا وأطفالنا ؟ وهل اعتقال الأسرى المحررين والأئمة وأساتذة الجامعات وطلبتها والصحفيين وأعضاء المجالس البلدية والمحامين سيجعل لك استقراراً ، وسيرضي عنك من يحمونك من يهود وغيرهم ؟!!!
ثم يخرج علينا كذاب أشر ليكذب دون حياء ولا خجل حتى ممن يسمعونه ليقول : نتحدى أن يكون هناك مضربون عن الطعام لدينا ، نتحدى اعتقال مجاهدين لأن سلاحهم ليس موجهاً للاحتلال ، وإنما ضد السلطة . تتحدى مَنْ أيها الكذاب الأشر ، ومن الذين أفرجتم عنهم من سجونكم ، في اليوم نفسه الذي كذَّبَتْكَ به أجهزتك الأمنية ، وذلك بالإفراج عن الستة المضربين عن الطعام ، والذين تآمرتم مع يهود قتلة الأنبياء والأولياء والشهداء ليعتقلوهم ، عبر بوابة الباب الدوار ، أليس الأسرى المحررون بمجاهدين ؟! وهل لو وجه المجاهدون أسلحتهم ضد السلطة المتعاونة – كما تطلقون على أنفسكم – والمنسقة أمنياً مع يهود ، هل تصمدون أكثر مما صمد أولئك الذين كانوا يكذبون على كبيركم الذي علمكم الكذب ويقولون له : إن هؤلاء لا يتحملون معنا غلوة . حتى أصبح الناس يطلقون على المتحدث لقب (أبو غلوة) .
ثم ليخرج علينا من ليس في وجهه نقطة دم ولا حياء ، ليحمل الدكتور عزيز دويك والدكتور عمر عبد الرازق مسئولية اعتقال واختطاف المفرج عنهم من سجونكم ومسالخكم على يد يهود الذين تآمرتم معهم لاعتقالهم . وقد صدق المثل القائل : رمتني بدائها وانسلت . وهل تريد من رئيس المجلس التشريعي وعضو المجلس التشريعي أن يكذب كما تكذبون ؟ ولا يطالب بالإفراج عن المجاهدين والسياسيين ، وقد حفظ الدستور لكل أفراد شعبنا الحق في توجههم السياسي ، ويجب ألا يعتقل أحد على توجهه السياسي ، وهل تريد من أعضاء المجلس التشريعي أن يكونوا ساكتين صامتين عن كذبكم وشركم المستطير ؟ وألا ينبهوا شعبهم الذي انتخبهم إلى خطورة ما أنتم مقدمون عليه . ثم من الذي تآمر على تسليم المختطفين المضربين عن الطعام ؟ ألستم أنتم الذين مكرتم بهم مع يهود وخنتم الرجال والنساء ( وَأَنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ) (يوسف:52)