الرسالة نت - وكالات
تحولت الاحتجاجات غير المسبوقة التي تشهدها العاصمتان تونس والجزائر منذ اكثر من اسبوع بسبب ارتفاع الاسعار وانتشار البطالة ، الى اشتباكات دامية اوقعت المحتجين ما بين قتلى وجرحى من البلدين.
وكانت اخر حصيلة رسمية اعلنت عنها العاصمة تونس هي ان عدد قتلى الاحتجاجات المتواصلة منذ منتصف ديسمبر/كانون الاول الماضي وصل الى 14 قتيلا ،بينما تؤكد المعارضة ان عددهم وصل الى اكثر من 20، فيما اعلنت الجزائر ان عدد قتلى الاحتجاجات المتواصلة منذ 5 يناير/كانون الثاني وصل الى خمسة اشخاص.
وترجع اسباب تلك الاحتجاجات التي تشهدها البلدين الى ارتفاع اسعار السلع الاساسية ، بالإضافة الى ارتفاع معدل البطالة ،والقيود على الحريات العامة.
الجيش يتصدى
وفي تونس، استنجدت الحكومة بوحدات من الجيش لحماية منشآتها في القصرين وتالة المشتعلتين ، بعدما هاجم مجموعة من المتظاهرين المحتجين على ارتفاع الاسعار وانتشار البطالة، محطة للوقود ومركزاً للشرطة.
وقالت وزارة الداخلية التونسية في بيان اصدرته امس الاحد "ان مجموعات من الافراد قاموا بمهاجمة محطة للوقود ومركز للشرطة بالزجاجات الحارقة والحجارة وان هؤلاء الاشخاص عمدوا ايضا الى مهاجمة قوات الامن التي كانت تحرس مقر المعتمدية في مدينة تالة بالحجارة والعصي، في محاولة لاقتحام هذه المؤسسة، ما دفع قوات الامن الى استعمال الرصاص للدفاع عن النفس".
واضاف "ان المواجهات التي شهدتها تالة والقصرين، اسفرت عن 14 قتيلا وعدد من الجرحى، غير أن مصادر نقابية وحزبية أشارت إلى أن حصيلة هذه المواجهات أكبر بكثير، حيث اعتبر المعارض أحمد نجيب الشابي أن عدد القتلى اقترب من 20 فيما قال نقابيون وحقوقيون إن 16 شخصا لقوا مصرعهم في هذه المواجهات".
وفي أبرز رد فعل من المعارضة على ما يجري طالب نجيب الشاب وهو قيادي بارز في الحزب الديمقراطي التقدمي، الرئيس زين العابدين بن علي بالأمر بوقف اطلاق النار حالا حفاظا على ارواح المواطنين وامنهم واحترام حقهم في التظاهر السلمي.
واكد الحزب في بيان انحيازه ومساندته لشرعية المطالب الشعبية عبر الاحتجاجات السلمية، ودعا لتجنب المساس بالممتلكات العامة والخاصة والحفاظ على السلامة الجسدية للأفراد.
ووصفت تلك الاحتجاجات بانها الاخطر منذ تولي الرئيس زين العابدين بن علي السلطة منذ 23 عاما.
وكان الشاب التونسي محمد البوعزيزي الذي اشعل النار في نفسه الشهر الماضي احتجاجا على بطالته هو الذي تسبب في تلك الاحتجاجات الواسعة التي شهدتها ولاية سيدي بوزيد ، وتوفي محمد فيما بعد بمستشفى في العاصمة.
وكان الرئيس التونسي زين العابدين بن علي قد زار البوعزيزي في المستشفى كما استقبل عائلته بقصر قرطاج وقال انه يتفهم احباط الشبان العاطلين ، إلا أنه قال إن الشغب يضر بصورة تونس لدى المستثمرين والسياح الاجانب.
واشارت تقارير صحفية الى ان الهدوء بدأ يعود تدريجيا الى المدن الجزائرية بعد الاضطرابات والاحتجاجات على الارتفاع الحاد في أسعار المواد الغذائية، فيما انتشرت عناصر الامن في الشوارع والاحياء الشعبية، وبدأت المحلات التجارية والمطاعم تفتح أبوابها، كما باشر عمال البلدية منذ الصباح الباكر في العاصمة تنظيف الشوارع من الحجارة وإطارات السيارات المحترقة .
وقالت مصادر مطلعة في الجزائر ان عدد قتلى الاحتجاجات ارتفع الى 5 أشخاص .من جهته، اعلن وزير الداخلية الجزائري دحو ولد قابلية أنه تمت السيطرة على الاحتجاجات ، مشيرا إلى أنه عثر على جثة شخص داخل فندق تعرض للحرق بالكامل من قبل متظاهرين بمدينة تجلابين الواقعة على بعد 45 كلم من العاصمة الجزائرية.
وأضاف أن 763 رجل أمن و63 متظاهرا أصيبوا خلال تلك الاحتجاجات إضافة إلى اعتقال أكثر من ألف شخص. ومن جانبها ذكرت وكالة الأنباء الجزائرية أن المحتجين نهبوا الخميس والجمعة مبان حكومية وبنوكا ومكاتب بريد في عدة مدن شرقي البلاد من بينها قسنطينة وجيجل وسطيف والبويرة.
وكانت احتجاجات جديدة اندلعت الاحد في مدينتي بجاية وتيزي وزو بمنطقة القبائل شرقي العاصمة الجزائرية. وجاء تجدد الاحتجاجات رغم قرار الحكومة الجزائرية تعليق الضرائب والرسوم المفروضة على بعض السلع الغذائية الأساسية .
ووافقت الحكومة عقب اجتماع وزاري طاريء الاحد خصص لبحث الاحتجاجات على إجراءات تعلق بموجبها لثمانية أشهر الرسوم على أسعار السكر وزيت الطعام بنسبة 41% من العبء الإجمالي. ونقلت وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية عن بيان حكومي اعتباره ارتفاع الأسعار بأنه غير مبرر.
وأضاف البيان أن أسعار السكر والزيوت الغذائية بالسوق الدولية لا يمكن لوحدها أن تكون سببا يبرر الزيادات المفاجئة في أسعار بيع هذه المواد بالتجزئة التي طغت في الأيام العشرة الأخيرة.
وأشار البيان أيضا إلى أن الحكومة قررت تعليق ضريبة القيمة المضافة على واردات السكر الأبيض حتى 31 أغسطس/ آب المقبل كما أكدت أن أسعار القمح الذي تزود به المطاحن ستبقى مدعمة من طرف الحكومة ولن يطرأ عليها أي تغيير.
ودعت الحكومة أيضا المنتجين والموزعين إلى تنفيذ تلك الإجراءات على أن تتشاور مع المتعاملين المعنيين بهدف تحديد نظام كفيل لضمان الاستقرار الدائم للأسعار. ويبلغ معدل البطالة في الجزائر التي يبلغ تعداد سكانها 35 مليون نسمة نحو 10% وفق الأرقام الرسمية، غير أن منظمات مستقلة تقدر النسبة بنحو 25%.
وكانت الجزائر قد أعلنت أن ميزانها التجاري حقق خلال الـ11 شهرا الأخيرة فائضا بلغ 14.83 مليار دولار مقابل 4.68 مليارات بالمدة نفسها من العام الماضي.