سُر سماع عموم الشعب الفلسطيني بخبر وصول قيادة المقاومة الفلسطينية المتمثلة بالأستاذ اسماعيل هنية، والوفد المرافق له من قيادات الصف الاول إلى العاصمة الروسية موسكو، للتباحث مع الخارجية الروسية آخر التطورات الاقليمية والدولية ومتغيراتها، ودراسة حالة التوتر القائمة بين الجمهورية اللبنانية الشقيقة ودولة الكيان والصراع معه وسرقته لغاز الشرق المتوسط .
لعل الآمال الفلسطينية المتطلعة أن تكون جلسات الحوار مع الخارجية الروسية بمثابة خطوة مهمة على طريق الاستفادة من تلك التغيرات الاقليمية والدولية، والتي هي نفسها في سابق الزمان من عصفت بالقضية الفلسطينية وجعلت الفلسطيني يعيش مأساته باحتلال أرضه وضياع مقدراته وممتلكاته.
والمتتبع لحجم التمثيل الذي لاقته حركة حماس من الجمهورية الروسية هو محط النظر والاحترام، ودلالة على التقدير الكبير الذي تحظي به الحركة باعتبارها رأس الحربة في مشروع المقاومة والاخت الكبيرة لرفيقاتها من الحركات الفلسطينية فالمتفحص لدلالات الاستقبال من الخارجية الروسية لوفد حماس يعطي دلالة الاهتمام الروسي الكبير، في حين أن عدداً من الدول بما فيها بعض الدول عربية لم يتجاوز حجم التمثيل للملف الفلسطيني والاهتمام رجالات المنظومة الامنية فيها.
وعند الحديث عن الدوافع الروسية ودوافع حركة حماس لهذه القاءات والتي تكررت في الآونة الاخيرة يضعنا أمام تساؤل ما هي الدوافع أمام هذا الحراك من الطرفين؟
وللإجابة على هذا التساؤل نرى المصلحة الروسية تدور حول وجوب رفع مستوى العلاقة مع حركة حماس لعدد من الأسباب لعل أهمها هو ما تمثله الحركة في رصيدها العالي لدى الجمهور الفلسطيني، وما تمثله من قوة مجابهة حقيقة للاحتلال، وما حققته من انجازات في عملها المقاوم، واضعافها للقوة الكبيرة التي كان يتمتع بها دولة الكيان، وماتحظي به الحركة من تأثير على الشارع العربي والاسلامي، وهوما يحتاجه الروسي من زيادة لأصدقائه في المنطقة العربية في ظل معركته الدولية على الأرض الاوكرانية وظلالها على أوروبا وقراراته التي اتخذها كسراً للإرادة الامريكية والاوروبية على حدٍ سواء.
أما فيما يتعلق بحركة حماس فأمامها العديد من التحديات والتي تعتصر الحالة الوطنية وهموم شعب يرزح تحت الاحتلال، ويحتاج إلى من يرفع صوته إلى المحافل الدولية والتحرك الدبلوماسي العالي لكشف جرائم الاحتلال المتواصلة، وليس آخرها سرقة الاحتلال لمقدرات الشعب الفلسطيني وثرواته الطبيعية كالغاز والبترول، بالإضافة إلى وعي حركة حماس بأنها تحتاج إلى توسيع دائرة الاصدقاء ،وتوسيع شبكة المصالح التي تهم الشعب الفلسطيني مما يعجل خلاصه من الاحتلال.
التفكير الاستراتيجي للمقاومة الفلسطينية وخططها المعتبرة، توجب التحرك في كل الاتجاهات لتعزيز واقعها وتنمية قدراتها، والاستفادة القصوى من المتغيرات الدولية والاقليمية في ظل إعادة رسم الاصطفافات في المنطقة، ومحاولة تجليس الكيان كدولة طبيعية فيها، بل معرفة المقاومة لخطط الاحتلال بسيطرته وقيادته المنطقة العربية ونهب خيراتها، وجعل التطبيع الاقتصادي والسياسي مشهد طبيعي فيها ، وبتنسيق عالي مع دول ارتبطت مصالحها بمصالح الاحتلال.
الجهد المبذول من قيادة المقاومة الفلسطينية في اطاره الدبلوماسي الثوري، هو أهم الأدوات التي يجب أن تمتلكها حركات التحرر، لمحاصرة خطوات الاحتلال وكشف زيفه وادعاءاته الباطلة ككيان طبيعي على الأرض الفلسطينية .