بقي يوم واحد على طوفان الاقتحامات الصهيونية للمسجد الأقصى تزامنا مع رأس السنة العبرية، ومنذ عدة أيام يتوافد عشرات المستوطنين لباحات المسجد الأقصى بحماية الشرطة الاحتلال لممارسة طقوس تلموديه ورقص وترانيم وانبطاح على أبوابه خاصة محيط باب الرحمة.
ليس هذا فحسب، بل رسموا على سور القدس الذي يضم وصية الرسول في المسجد الأقصى عبارات وصور توراتية مضيئة.
ومن ضمن الطقوس هي أن جماعات الهيكل أحضرت خمس بقرات حمراوات من الولايات المتحدة ضمن مسيرة تلموديه، سيخصص رمادها لما وصفوه تطهير الهيكل، بعد هدم الأقصى، كل تلك المؤشرات تؤدي إلى انتفاضة جديدة بسبب استفزاز مشاعر المسلمين، لاسيما في ظل الغضب العارم في صفوف المقدسيين ورباطهم
وتشير المعطيات إلى أن العام الماضي والممتد من سبتمبر 2021 حتى سبتمبر 2022، شهد اقتحام أكثر من 55 ألف مستوطن للمسجد الأقصى.
وينتظر المستوطنون مساء يوم غد الأحد للتجمع لاقتحام الأقصى، وإقامة طقوسهم التلمودية والتي سيكون أبرزها النفخ في البوق داخل المسجد وليس عند حائط البراق، حيث يعتبر النفخ جزء من سلسلة لا نهائية لها من فرض وقائع جديدة على الأقصى.
واستفزاز لمشاعر المقدسيين والمرابطين، أمس نفخ سمحا روتمان عضو الكنيست في بوق "الشوفار" اليهودي قرب مقبرة الرحمة الملاصقة لسور الأقصى الشرقي، وقرب أضرحة الصحابة.
واحتشدت أعداد كبيرة من المستوطنين في منطقة حائط البراق استعداداً للاحتفال بما يسمونه "رأس السنة العبرية"، واقتحام المسجد الأقصى على شكل مجموعات من جهة باب المغاربة.
وفي مثل تلك الأحداث يحرص الفلسطينيون على شد الرحال للأقصى وتكثيف الرباط داخل باحاته، لإحباط المخططات الاستيطانية
وتصل صلوات كل يوم من يومي العيد ذروتها حين ينفخ في "الشوفار" - مصنوع من قرن كبش.
وأعلنت جماعات الهيكل المتطرفة عن وصول خمس بقرات حمراء قادمة من تكساس في الولايات الممتدة كتبرع من جماعات مسيحية انجليه لصالح مزرعة "معهد الهيكل" الواقعة في بيسان، والتي كرست نفسا لإحياء تراث الهيكل المزعوم وطقوسه وألبسته وتعاليمه وكل ما يتعلق به من تفاصيل، والتي يمكن القول إنها من الناحية العملية المؤسسة الأم لجماعات الهيكل المتطرفة وإن لم تكن هي الأولى نشأة.
ويرتبط الإعلان عن البقرات الحمراء بمحاولة توسيع دائرة المستوطنين المنخرطين مباشرة في اقتحامات الأقصى، إذ أن المشاركة في الاقتحامات ماتزال محدودة عدديا رغم أن فكرة إقامة الهيكل المزعوم في مكان المسجد الأقصى وعلى كامل مساحته تشكل محل اجماع لمختلف مكونات اليمين الصهيوني الذي يشكل التيار المركزي في المجتمع والسياسة (الإسرائيلية).
تهويد القدس والأقصى
ما تشهده هذه الأيام وما سبقها من ممارسات في الضفة والقدس كفيل بانفجار انتفاضة جديدة خاصة، حيث رصد مركز معطى خلال الشهر الماضي 3013 انتهاكًا (إسرائيليًا)، ومن ضمنها اعتقال 657 فلسطينيًا، وإصابة 590 آخرين، و215 عملية إطلاق نار نفذها جيش الاحتلال ومستوطنوه، وهدم 43 منزلًا، فضلًا عن القيام بـ648 اقتحامًا لمناطق مختلفة في الضفة والقدس، ووجود 297 حاجزًا ثابتًا ومؤقتًا.
واستطاع الاحتلال تسجيل بعض النقاط هذا العام، خصوصًا المضي في تهويد القدس والأقصى، وتنظيم مسيرة الأعلام، ولكن الرد الفلسطيني "بالانتفاضة" من نوع جديد يثبت مرة أخرى عدم إمكانية كي وتغيير الوعي الفلسطيني.
وفي العامين الأخيرين وفي ظل الاعتماد على وسائل التواصل الاجتماعي في توثيق الاحداث، وفضح الممارسات (الإسرائيلية) حتى في اعيادهم وتدنيسهم للأقصى، ارتفعت وتيرة الغضب لدى الفلسطينيين في الدفاع عن أقصاهم ومدينة المقدسة، حيث الحشود التي تصل من مدن الضفة والداخل المحتل للرباط في الأقصى ومحاولات منع الاحتلال من ممارسة صلواتهم وانبطاحهم التلمودي لتعزيز الانقسام المكاني والزماني الذي تسعى جماعات الهيكل من تعزيزه.
كالعادة، فاجأت ردة الفعل الفلسطينية الاحتلال، فبدلًا من الخضوع والتعايش والقبول بالمخططات الإسرائيلية، أصبح التصدي معلنا من قبل الشباب والكبار، خاصة لو كان الامر يتعلق بالأقصى والمساس بالمقدسات الإسلامية.
وفي الآونة الأخيرة كثر حديث المختصون في الشأن المقدسي عن الحلول لمواجهة مشاريع التهويد والحد من الاقتحامات اليومية بحرب جديدة "انتفاضة"، لذا وفي ظل الدعوات المستمرة للحشد في الأقصى قد تشهد الأيام المقبلة مواجهات عنيفة.