القدس – الرسالة نت
لطالما خرج ذاك الدخان كاشفاً النار التي توقد تحته، ولطالما خرجت تلك الألسنة فاضحة التواء النهج المستسلم لجبروت طغى على فلسطين، وبين هذا وذاك تنقشع كل الغيوم الضبابية عن علاقة اقتصادية متينة -إن صح التعبير- بين سلطةٍ احتلالية وأخرى محتلة، ويظهر الأعظم الذي كان مخفياً على حياة أولئك ممن ارتضوا أن يتحولوا إلى قطط سمان في خضمّ معركة الأرض والإنسان، بل يظهر جليا معنى أن تحفر العمالة حروفها في أضلع الشعب الفقير.. فما حقيقة التعاون الاقتصادي بين سلطة اوسلو و"إسرائيل"؟
بداية القصة
كانت البداية مع اتفاق أوسلو، كما هي بداية كل أمر مخجل، ولكن بنود هذا الاتفاق الاقتصادية نادراً ما طفت على سطح النقاشات والتحليلات والانتقادات، فإسرائيل سعت بعد إبرامه إلى زراعة الفساد والإفساد في الجسد الفلسطيني، ومنع أي استقلالية لنظام اقتصادي فلسطيني.
أما المظهر الآخر من الجانب الاقتصادي للاتفاقية فهو فرض الاندماج الفلسطيني بالاقتصاد الصهيوني، أي أن تكون "إسرائيل" منفذا للاقتصاد الفلسطيني إلى العالم وتنفرد بوضع الرسوم على السلع المستوردة وزيادتها، واعتماد عملة "الشيكل"، أي أن العلاقات بين الجانبين اقتصاديا غير متكافئة ويشوبها الخبث الصهيوني، ومع ذلك وجد رجالات السلطة ذوو الأهداف السوداء أملاً في أوسلو كي ينطلقوا إلى تأسيس "شركاتهم الدسمة".
ومع تأسيس السلطة عام 1994 انتشرت حمى تأسيس الشركات المساهمة سواء الخاصة أو العامة منها في جميع مجالات الاستثمار من قبل رجال الأعمال الذين امتلكوا الخبرة والمعرفة الكافية بهذا النمط من الشركات نتيجة عملهم في أنحاء العالم, حيث سارعوا إلى تأسيس شركات مساهمة خاصة وعامة بهدف ملء الفراغ الناتج عن فك الارتباط الجزئي للاقتصاد الفلسطيني عن نظيره الصهيوني.
شركات بلا رقابة
بعد انتشار تلك الحمى الاقتصادية لوح أصحابها بأنها تهدف إلى تعزيز الاستقلال الاقتصادي الوطني، ولكن عوامل عديدة حالت دون وضعها قيد المراقبة والبحث والتمحيص أسوة بغالبية الدول، وأبرز تلك العوامل حداثة تجربة السلطة في هذا المجال والانشغال بالهم السياسي في بناء المؤسسات المجتمعية، فأصبحت المشروعات الصغيرة المملوكة لفرد أو عدد محدود من الأفراد هي النمط السائد آنذاك.
وبناء على ذلك أسست شركات مساهمة كبيرة وتمت خصخصة قطاعات اقتصادية ضخمة دون أن تتمكن أي جهة قانونية مساءلة أصحابها عن عملها ودون أن ينضج الوعي الشعبي حول تلك الشركات، ومستفيدين من كل هذا بادر رجال الأعمال الفلسطينيين إلى تأسيس شركاتهم المسهمة الخاصة والعامة في مجالات التأمين والطاقة والكهرباء والاتصالات وغيرها.
ويؤكد المراقبون أنه رغم إنشاء السلطة بعض المنظمات والأطر القانونية المخولة لمراقبة تلك الشركات وما تقوم به من اتفاقيات اقتصادية تعود على أصحابها بالربح الوفير، إلا أن معظم أدائها بقي مسكوت عنه بموجب علاقاتها النافذة مع وسائل الإعلام وتمويل بعضها والحرص على إسكات أي صوت يحاول فضح أمرها على مبدأ "طعمي التم تستحي العين".
ويورد الخبير الاقتصادي عمر شعبان في سلسلة مقالات له أحد الأمثلة على ذلك وهي "شركة سوق الاوراق المالية" التي تأسست في نابلس كشركة مساهمة خاصة عام 1996 وبدأت أولى جلساتها في فبراير 1997 أي بعد مرور عام واحد فقط على تنظيم أول إنتخابات تشريعية في فلسطين، وقبل أن يتمكن هذا المجلس من تكوين الخبرة اللازمة للتعامل مع مثل هذه الهياكل المعقدة، في حين تم تأسيس هيئة سوق المال الفلسطيني بقانون صادر عن السلطة الوطنية الفلسطينية كجهة يناط بها الإشراف والرقابة على المؤسسات المالية من بينها سوق الأوراق المالية عام 2004 أي بعد ثماني سنوات.
ويوضح شعبان أن سوق الأوراق المالية والكثير من الشركات المساهمة الخاصة بقيت تعمل دون رقابة قانونية كافية لعدة سنوات، وأنه حسب ما نص عليه قانون تشكيل هيئة سوق رأس المال رقم (13) 2004 فإنها تهدف إلى تهيئة المناخ الملائم لتحقيق استقرار ونمو رأس المال, كذلك تنظيم وتطوير ومراقبة سوق رأس المال و حماية حقوق المستثمرين، لافتاً إلى أنه تم منح شركة فلسطين للأوراق المالية امتياز تشغيل سوق المال الفلسطيني دون أن تتم المزايدة بين شركات أخرى لإتاحة الفرصة لها.
ويبين شعبان كذلك وفي معرض طرح مثال شركة فلسطين للأوراق المالية، أنها وبعد سنوات أعربت عن رغبتها في التحول إلى شركة مساهمة عامة وفتح باب الاكتتاب في أسهمها للجمهور دون أن يتم ذلك حتى الآن، منوهاً إلى أن مدراء الشركة السبعة يشغلون مناصب أخرى في شركات متعددة مثل د. رامي الحمد لله رئيس مجلس إدارتها ورئيس جامعة النجاح، ود. فاروق زعيتر وزياد الترك وسمير حليلة ود. باسم مكحول وغيرهم، حيث أن تواجدهم في ثمانية مناصب أو أكثر يضعف الرقابة ويضرب مبدأ تكافؤ الفرص ويزرع الاحتكار بين بضعة أشخاص فقط.
ويضيف:" هيئة سوق رأس المال الفلسطيني وهي المؤسسة المنوط بها الإشراف والمتابعة يديرها مجلس مكون من ستة أشخاص مما يشكل مخالفة للقانون الاساسي الذي يشترط 7 أشخاص لإدارة الهيئة ".
دلائل وإشارات
وضمن الإشارات التي تشوب نقاء تأسيس وعمل تلك الشركات التي يرعاها رجال السلطة هي قضية المكافآت التي تقدم لأعضاء مجلس إدارتها، حيث تتراوح قيمة المكافأة بين 5% إلى 10% من الأرباح على أقل من عشرة أشخاص، أي بمعدل يقارب 150 ألف دولار سنوياً.
ويؤكد شعبان أن بعض كبار المساهمين يستخدمون عضويتهم في مجالس الإدارة للتأثير على أصحاب القرار وبعث النفوذ السياسي والحصانة ضد المحاسبة، وذلك من خلال منح أقاربهم مناصب سياسية وأمنية مؤثرة كتمثيل القدس أو قطاع غزة في مجلس إدارة الشركة، قائلاً إن الكثير من الشركات تعمد إلى تقليص عدد أعضاء مجلس الإدارة بهدف ضمان السيطرة على إدارة الشركة وإبقاء الباب مغلقاً أمام أي عضويات جديدة من جهة, وبهدف رفع قيمة المكافأة لكل عضو من جهة ثانية.
ورغم ما تقوله سلطة فتح وشركاؤها من حرب تخوضها مع الاحتلال بسبب الاستيطان وتعنت الصهاينة في عدم تجميده في ظل الحديث عن المفاوضات، إلا أن التعاون الاقتصادي بينهما يجري على قدم وساق.
وتقول صحيفة الشرق الأوسط في عددها الأخير إن السوق الفلسطينية ما زالت تستهلك ما تبلغ قيمته ثلاثة مليارات دولار سنوياً من (إسرائيل)، كما طفت على السطح مؤخراً فضيحة مساهمة 20 شركة إسرائيلية في بناء مدينة روابي الفلسطينية، التي تحاول السلطة الترويج لها بأنها تؤرق نوم الاحتلال!
وذكرت تقارير صهيونية الأسبوع الماضي أن حوالي 20 شركة صهيونية وقعت عقدا مع سلطة فتح في رام الله لتوفير الخدمات والمنتجات المختلفة لمدينة "روابي" السكنية التي يجري إنشاؤها شمال رام الله، حيث أن الشركات تعهدت بموجب العقد بعدم توفير خدمات ومنتجات مصدرها المستوطنات، بناء على مطلب السلطة، حسب ادعائها، مقدرة قيمة العقد بعشرات المليارات من الشواقل.
ولا تحد المجازر أو الحروب أو الظلم الصهيوني من أطماع رجال الأعمال التابعين لسلطة أوسلو، فيعتزم أحدهم ويدعى بشار المصري شراء شركة بناء استيطانية، وحاولت السلطة تبرير ذلك بأنه يهدف إلى الحد من بناء الوحدات الاستيطانية، ولكن أطماع مجموعة المستثمرين وصلت إلى إقامة مشاريع خارج "إسرائيل" وتحديداً في أوروبا، وإنقاذ الشركة من أزمة ديون وصلت إلى 130 مليون شيقل.
وذكرت مصادر صهيونية أن حجم التصدير الصهيوني لسلطة فتح وصل في العام 2004 إلى 1,6 مليار دولار، ما يعني زيادة بنسبة 26 في المئة المقارنة مع العام 2003 وبذلك تكون السلطة هي المستورد الثاني في العالم للبضاعة "الإسرائيلية" بعد الولايات المتحدة، وبلغت نسبة الاستيراد 4,4% من مجموع التصدير الصهيوني.
واستكمالاً على ذلك كشفت مصادر صحفية صهيونية العام الماضي أن السلطة و"إسرائيل" يبرمان اتفاقاً سياسياً أمنياً في مجال الغاز تعد أكبر اتفاقية اقتصادية بينهما منذ توقيع اتفاقية أوسلو، وبموجبها ستزود شركة بي جي البريطانية "إسرائيل" بالغاز الطبيعي المستخرج من قبالة شواطئ قطاع غزة، على أن تحصل السلطة على مبلغ مليار دولار، في حين ذكر الوزير المستقيل باسم خوري أن النمو الاقتصادي الفسطيني مخادع، وأنه يبنى وفقاً لتعاظم الاقتصاد الصهيوني.
الشعب يدفع الثمن
الأمثلة لا متناهية عن خرق الاتفاقات الاقتصادية من قبل الاحتلال رغم ما تقوم به السلطة من تنازلات لأجل إبقاء اقتصادها الاحتكاري ساري المفعول إن صح التعبير، أما من يدفع الثمن دوماً فهو الشعب.
فمثلاً تستحوذ السوق "الإسرائيلية" على 80% من الصادرات الفلسطينية، ومعظمها منتجات زراعية من زيتون وفواكه وخضار وحمضيات، إضافة إلى الحجر الكلسي والأنسجة، علاوة على الخسائر والأضرار التي عانت وتعاني منها الزراعة الفلسطينية جراء سرقة الأراضي الزراعية وتقليصها ببناء المستوطنات واقتلاع المزروعات ومنع الزراعة في مساحات واسعة بحجة الضرورات الأمنية (كما في غور الأردن الغربي) والحرمان من المياه، وما ترتبه الحواجز والإقفالات المتكررة من آثار سلبية بل كارثية على تصدير المنتجات الزراعية ومعظمها قابل للتلف السريع.
وعلى الرغم من أن اتفاق أوسلو وبروتوكول باريس قضيا بحرية تنقل العمالة، شكلت الاتفاقية الإيذان ببدء تحرر "إسرائيل" من اتكالها على العمالة الفلسطينية والاستعاضة عنها بالعمالة الوافدة، وهذا سبب رئيسي من أسباب ارتفاع معدلات البطالة التي تقدر بـ40% بل تصل إلى 50%، أما عن الفقر فقد كان مليون من أصل 3,7 ملايين فلسطيني مصنفين فقراء و820 ألفاً منهم فقراء مدقعون (لا يتجاوز دخلهم الدولارين في اليوم)، ثم ارتفع عدد الفقراء المدقعين إلى 1,069 مليون، والأراضي الفلسطينية هي المنطقة الوحيدة غير الأفريقية من بين 13 منطقة في العالم التي تحظى بالمساعدات الإنسانية، فنحو 15% من سكان الضفة و78% من سكان غزة تلقوا مساعدات إنسانية على شكل مواد غذائية.
وفي ظل المعاقبة الاقتصادية التي يستخدمها الاحتلال "بمباركة من السلطة" للفلسطينيين الذين انتخبوا حماس في المجلس التشريعي، ومع اتساع شقة الانفصال بين اقتصاد غزة والضفة، تنامت المشاريع الاقتصادية المشتركة بين "إسرائيل" والسلطة، ومثلها نمت الشراكات بين رجال الأعمال السياسيين الفلسطينيين والإسرائيليين التي بدأت في عهد الرئيس الراحل ياسر عرفات وعلامتها البارزة آنذاك الشراكة في كازينو أريحا سيئ الصيت، ومن تلك المشاريع الاقتصادية الإسرائيلية الفلسطينية المشتركة إنتاج وتسويق علامة زيتون إسرائيلية فلسطينية مشتركة، والتوأمة بين منطقة جنين ومنطقة جلبواع الإسرائيلية في مشاريع صناعية وسياحية مشتركة، وهذه المشاريع نماذج لما يسميه نتنياهو "الحل الاقتصادي".. ولكن المفارقة التي تنطوي عليه أنه يعزز استمرار الاحتلال والتوسع الاستيطاني بواسطة تدعيمه بالمزيد من الاستتباع والاتكال الاقتصاديين.
تقارير "تفضح"
وكمحاولة أخيرة للخروج ببعض من ماء الوجه أمام كل تلك الدلائل والمعلومات اتبعت السلطة نظام مساءلة مكون من بعض رجالاتها الذين يخرجون بين الفينة والأخرى ليؤكدوا أن نسبة الفساد في مالياتها وشركاتها انخفضت، في حين أصدرت منظمة الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة "أمان" تقريراً أشارت فيه إلى أن الفساد ما زال مرتفعاً في مجالات عدة بين أجهزة سلطة فتح.
ولفت التقرير إلى ان هناك ضعفاً عاماً في نظام مكافحة الفساد داخل السلطة، موضحاً أن المحسوبية والمحاباة وسوء تخصيص الأموال العامة وإساءة استخدام المنصب العام تؤثر في قطاعات كثيرة في المجتمع الفلسطيني، وأن التعمد في تعطيل عمل المجلس التشريعي تسبب في عدم تصديق كثير من قوانين مكافحة الفساد التي كانت ستغطي مجالات عدة، وأن الفساد امتد إلى القطاع الخاص بشكل لافت.
وقال مفوض "أمان" د.عزمي الشعيبي أن من أبرز أشكال الفساد في فلسطين هي الواسطة والمحسوبية، فلا يزال الانطباع السائد لدى الجمهور الفلسطيني يؤكد على ذلك وهذا ما أظهرته نتائج الاستطلاع، ويرى أكثر من نصف المبحوثين 54.8% أن الواسطة والمحسوبية والتعيينات هي أكثر أشكال الفساد انتشارا في القطاع الحكومي.
وفي دراسة أعدتها مجموعة من الخبراء بينت مواضع الفساد المستشري في دوائر ومؤسسات سلطة رام الله ومنظمة التحرير والشركات التي تقع تحت أيديهما، وحسب مؤسسة "ترانس بيرنسي انترناشيونال" في برلين جاءت السلطة في المرتبة 107 بين قائمة الدول الفاسدة عالميا والثانية عربياً، وتحدثت الدراسة عن الصندوق القومي الفلسطيني الذي تديره منظمة التحرير والذي تأسس عام 1964، ولكنه يغيب عن اجتماعات المجلس الوطني ولا يتم ذكر موارده أو ميزانيته المخصصة.
وذكرت الدراسة أن الجداول المرفقة بسجلات المنظمة تبين تضارباً بين مستوى النفقات والإيرادات، حيث تفوق الثانية كثيراً وتقل الأولى دون أن يُذكر مصير بقية الأموال، موضحة أن المنظمة استمرت بالعمل على إدارة شؤون الشعب الفلسطيني حتى توقيع اتفاقيات أوسلو وتأسيس السلطة الفلسطينية، وبعد ذلك هُمشت بمؤسساتها المالية والسياسية، وأصبحت المساعدات المالية تذهب إلى السلطة.
وبعد تأسيس السلطة تم نقل فساد المنظمة الإداري والمالي إلى أروقتها ومؤسساتها، حيث اعتمدت ممثلة برموزها من كوادر منظمة التحرير الفلسطينية إلى فرض سلطتها على جميع نواحي الحياة الاقتصادية والمالية يساندها في ذلك مجموعات مسلحة انضوت تحت مسميات أجهزة أمنية عديدة تابعة لها.
حتى أموال الأيتام
ولأن الواقع الذي فرضه احتلال جائر على أرض فلسطين كان يلزم إنشاء جمعيات خيرية تساعد الفقراء والمساكين وعوائل الشهداء والجرحى وغيرهم ممن طالتهم يد الاحتلال، سعت الحركة الإسلامية إلى تأسيسها في ظل ما توفره السلطة من أموال يذهب إلى جيوب رجالاتها مباشرة، ناهيك عن سعيها لتدعيم وضعها في ظل تآكل وجودها وشرعيتها وسطوتها.
وبعد أن ذاع صيت تلك الجمعيات وحازت على رضا الشعب المكلوم حاولت سلطة فتح السيطرة عليها خلال سنوات إنشائها، حيث سعت إلى تجفيف موارد الجمعيات الإسلامية من خلال الضغط على الحكومات العربية بملاحقة التمويل الشعبي، وتوجيه الدعم الشعبي والرسمي والعربي عن طريق قناة السلطة وملاحقة الأجهزة الغربية للجمعيات الإسلامية في الخارج بمحاصرة أنشطتها وإغلاق بعضها واعتقال مسؤوليها، ومن ثم محاولة ربط النشاط العسكري لحركات المقاومة بالأعمال الإغاثية ومحاولة خلق مشابهات في الذهن العام ما بين عمليات تنظيم القاعدة وحماس للتأثير على الرأي العام ومحاصرة العمل الاجتماعي الخيري.
أما ذروة حرب السلطة على الأيتام والفقراء فوصل إلى حد السيطرة على الجمعيات الخيرية التي كانت تديرها حماس بنزاهة في الضفة المحتلة، وذلك باستغلال الانقسام الفلسطيني الداخلي والسيطرة على إدارات الجمعيات واعتقال أفرادها والسيطرة عليها، ومن ثم إدارة امورها بفساد إداري ومالي أدى إلى ابتزاز الأيتام وضياع أموالهم بين ثلة من السارقين.
وللتوضيح فقط فإن أزمة مالية راهنة تحدث في بعض الجمعيات الخيرية بعد تغيير السلطة للهيئات الإدارية فيها دون توفير مصادر مالية مما جعلها مكشوفة الظهر، وبسبب أن مصادر التمويل في المؤسسات الإسلامية العالمية باتت لا تثق بالهيئات المعينة من قبل الأجهزة الامنية ولا تدعمها، وهذا الأمر ينطبق على المتبرعين من الداخل لان المواطنين لا يرغبون في وضع أموالها إلا بأيد أمينة، حيث وبعد سيطرة سلطة فتح عليها فقدت الأمانة والثقة خاصة مع تعيين أعضاء الهيئات الإدارية الجديدة وفرضها على هذه المؤسسات.
وتقول مصادر في مدينة الخليل إن جمعية اعتادت على دعوة المحسنين إلى إفطار خيري في رمضان وجمع نحو 200 ألف دينار أردني ، لكنها لم تجمع هذا العام أكثر من 12 ألف دينار، والسبب أن القائمين عليها محسوبون على حكومة سلام فياض، مؤكدة ان الأزمة المالية الراهنة مقصودة وتأتي ضمن خطة غير معلنة لتصفية هذه المؤسسات الإسلامية تصفية تامة ونقل أنشطتها إلى الوزارات الحكومية.
وتنتهج سلطة فتح في درب السرقة والفساد الإداري والمالي في أروقة الجمعيات الخيرية التي كانت ترعاها حماس بشفافية عالية، وباتت اموال الأيتام توزع على كبار مسؤولي الجمعيات الذين يوضعون على أسس أمنية وسياسية بحتة، بينما تتداعى أسر الشهداء والجرحى والفقراء أمام الجوع والبرد والظلم.
كيف يستويان؟!.. سلطة فتح تنادي اعلاميا بتجميد الاستيطان, ورجال أعمال محسوبون عليها يشاركون في بناء المستوطنات, لصالح من يحدث ذلك, لمصلحة الشعب أم لجيوب تلك القطط السمان؟! "الرسالة" تترك الحكم والاجابة للقارئ...