وفق التقويم العبري يحتفل اليهود بأعيادهم المختلفة ضمن طقوس توراتية تتنوع ما بين الصلوات والصوم والدعاء والرقص التلمودي، وذلك بأزياء وأدوات مختلفة حسب كل عيد كما تسرد الكتب اليهودية.
وتبدأ الأعياد اليهودية "الخريفية"، بداية بعيد رأس السنة العبري بتاريخ 26/27 أيلول، مرورًا بيوم الغفران" الذي يصادف 5 تشرين أول/أكتوبر، ثم انتهاءً بعيد "العُرش" اليهودي الذي يبدأ بتاريخ 9 تشرين أول/ أكتوبر وينتهي بتاريخ 16 أكتوبر.
ومنذ أيام يتجهز (الإسرائيليون) للاحتفال في عيد العرش، حيث حشدت جماعات لأكبر اقتحام للمسجد الأقصى في تاريخه 11-10 وقد حددت تلك الجماعات هدفها بالوصول إلى 5,000 مقتحم في يوم واحد، وهو رقم لم يصله أي اقتحام منذ احتلال المسجد الأقصى عام 1967.
ويعتبر عيد العرش أو المظلات (سوكوت) يهودي، ويتربط بذكرى سكن اليهود في الخيم وتحت المظلات خلال ضياعهم في سيناء، ونزول المن والسلوى، ويعتبر هذا العيد بداية السنة الزراعية الجديدة وفق معتقداتهم التوراتية، ويمتد لثمانية أيام.
ومن الطقوس التي يفعلها اليهود في عيد العرش بناء خيمة أو سقيفة من سعف النخل أو غيرها، ويمنع الأكل خارجها، كما يضاء الشمعدان والأنوار على وقع أدعية خاصة.
كما وتسعى "جماعات المعبد" لممارسة طقوس أخرى لفرضها في الأقصى، وهي تقدم خلال العيد قرابين نباتية وهي الأترج، والصفصاف، وسعف النخل، والآس، ويحملونها معهم أثناء توجههم للصلاة، كما يصل سعر ثمرة الأترج (تشبه الليمون) الخاصة بالحاخام إلى نحو 7 آلاف دولار.
يعتقد بعض اليهود أن السماء إذا أمطرت خلال العيد فإن الله ساخط عليهم، لأنهم يضطرون إلى مغادرة العرائش والخيم عند المطر.
وتستغل جماعات الهيكل هذه الأعياد لتنفيذ اقتحامات للمسجد الأقصى، وبسبب طول عيد العرش تعتبره جماعات المعبد المتطرفة موسم سباق سنوي لزيادة أعداد المقتحمين التي تتطلع لأن تصل بها حدود 60 ألفا هذا العام.
*** اهداف سياسية لاقتحام الاقصى
بعدما كانت عمليات الاقتحام فردية ثم تحولت لدخول منظَّم، خاصة وقت المناسبات الوطنية (الإسرائيلية) والدينية اليهودية، وتزايدت أعداد المقتحمين، إلا أنهم لا يشكّلون سوى 5% من المجتمع (الإسرائيلي)، خاصة أن من تبقى لا يؤمنون بفكرة دخول الأقصى لعدم وجود فتوى توراتية تبيح لهم ذلك.
وهناك جماعات دينية متطرفة تعمل على جلب المستوطنين وحثهم على اقتحام الأقصى، مستغلة النواحي الدينية الأيديولوجية لتحقيق مكاسب سياسية لفرض سيطرتها على حكومتها.
يقول زياد ابحيص المختص في الشأن المقدسي إن الاحتلال يحاول تكريس فكرة المسجد الأقصى مركز العبادة التوراتية بالتقديم الفعلي للقرابين النباتية، مشيرا إلى أن ما يشجع على ممارسة المستوطنين المتطرفين لتلك الطقوس الدينية والاجتماعية، هي "جماعات الهيكل" التي تعتبر الأقصى "مكانا يهوديّا مقدسا وهيكلا قائمًا" رغم هويته الإسلامية.
وذكر ابحيص أن من أهداف الجماعات المتطرفة من زيادة عدد المقتحمين للأقصى وقت الأعياد هو تكريس الحضور الكثيف على حساب المقدسيين المسلمين.
ولفت إلى أنه مع ختام العرش العبري يجري استعراض لهيمنة شرطة الاحتلال على الأقصى باعتبارها هي سلطة إدارته مقابل تهميش حضور الإدارة الإسلامية متمثلة بالأوقاف الأردنية.
وتجدر الإشارة إلى أن هناك حملة ممنهَجة من قبل المؤسسة (الإسرائيلية) الرسمية، المدعومة بقطعان المستوطنين الذين ينتمي بعضهم إلى ما يُسمّى بالتيار الديني الوطني، على المسجد الأقصى، بهدف خلق واقع جديد يتمثل بتقاسم المسجد مع المسلمين.
ومن أبرز وأخطر الجماعات الداعمة للاقتحام بشكل مستمر: أمناء جبل الهيكل، ونساء من أجل الهيكل، وحرّاس الهيكل، وعصبة الدفاع اليهودية "كاخ" والحركة من أجل بناء الهيكل.
أما عن أبرز المواجهات التي حدثت وقت عيد الغفران كانت مجزرة الأقصى في الثامن من أكتوبر 1990 حينما حاولت جماعة "أمناء جبل المعبد" وضع حجر الأساس للمعبد المزعوم في الأقصى في "عيد العرش"، وكذلك انتفاضة السكاكين في الثالث من أكتوبر 2015 بعد محاولة سلطات الاحتلال فرض التقسيم الزماني التام واغلاق الأقصى في وجه المسلمين في موسم الأعياد الطويل بأكمله بدءا من الثالث عشر من سبتمبر 2015.
رد المقدسيين على اقتحام الأقصى
وما رفع وتيرة الاقتحامات أيضًا هو عمليات التطبيع العربي التي جرت في السنوات الأخيرة، وبقاء المقدسي وحيدًا يدافع عن الأقصى، لذا بات الحمل عليه أكبر حيث اليقظة عبر الرباط الدائم، لإفشال الاعتداءات (الإسرائيلية) القادمة وأي مخططات من شأنها تغيير ملامح الهوية الإسلامية والعربية للمسجد.
ومنذ ساعات الصباح الباكر يتوافد العشرات من المستوطنين لاقتحام الأقصى، وتحاول شرطة الاحتلال في الوقت ذاته عرقلة وصول المقدسيين لتأدية صلاة الضحى والظهر في مسجدهم،
وتضيق على المصلين الوافدين للمسجد لتفريغه لاقتحامات المستوطنين.
وتنقل "الرسالة نت" ما يكتبه الناشط المقدسي رضوان عمرو بأن موجة اقتحامات عيد العُرش اليهودي بدأت، وفي المقابل قلة من المرابطين يتواجدون في ساحات الأقصى بعد حملة اعتقالات وابعادات طالت عشرات النشطاء خلال الأسابيع والأيام الماضية.
وذكر أنه رغم الملاحقات إلا أن بعض الشباب يؤدون صلاة الضحى أمام المصلى القبلي، في ظل تضييق شرطة الاحتلال على المصلين الوافدين للأقصى وانتشارها بكثافة في أرجاء المسجد.
ووفق قول عمرو فإن صلاة المسلمين في الأقصى تتحول وقت الأعياد اليهودية إلى تهمة، بينما صلاة المقتحمين باتت واقع يفرض بقوة السلاح وكطرقة القضاء (الإسرائيلي) ودسائس التواطؤ.
وفي الوقت الذي تسعى فيه سلطات الاحتلال وجماعاتها المتطرفة لتعزيز التقسيم الزماني والمكاني في الأقصى، إلا أن دعوات الفلسطينيين للحشد والرباط في المسجد مستمرة للتصدي لتلك الاقتحامات رغم محاولات الابعاد والاعتقال والقتل.