يعيش المقدسي حياة لا تشبه الحياة، وتفاصيل يومية لا يعرفها الكثيرون من داخل فلسطين وخارجها، تجعلهم يقفون في وجه الاحتلال لإيقاف مخططات التهويد، ولأجل هذا الهدف يدفع المقدسي الأثمان مضاعفة، ويتفنن الاحتلال في تدفيعه ثمن حياة مبنية على الانتهاكات.
"الرسالة" فتحت ملف الانتهاكات التي يتعرض لها المقدسيون في حوار مع الناشط المقدسي أسامة برهم والذي قال إن الاحتلال هدفه المحافظة على سيطرته على القدس ليبقى متصدر للمشهد السياسي.
ويضيف برهم:" ما حدث في مخيم شعفاط أفقد الاحتلال هيبته، مشيرا إلى أن الاحتلال عليه أن يفهم أن ابن مدينة القدس يخوض صراع بقاء، لذا لا مجال للاستسلام.
ووفق برهم فإن أهالي القدس يعيشون واقع مأساوي فهم مطاردون في لقمة عيشهم، وتعليمهم، مبينا أن في كل دول العالم توجد مدارس إسلامية، إلا في القدس لأن هناك هدف لدى الاحتلال هو انتهاك خصوصية المقدسي وانتهاك حرمته، لذلك يريد أن يفرض على المقدسي بالذات منهجه التهويدي، لأنه بذلك يعتقد أنه سيطر عليه.
وفي سياق انتهاك خصوصية المقدسي كذلك يقول برهم:" حتى بيوت المقدسيين لم تسلم من الانتهاكات فهي مكشوفة بسبب الكاميرات الموزعة في ساحات البيوت والتي لا يدري أحد كم عددها، ولكنها تجعل المقدسي يعيش في دوامة الخوف لأنه يعتقد أن هناك عين تراقبه أينما أدار وجهه.
ويضيف برهم:" المصالح التجارية أيضا مراقبة، والبلدة القديمة أصبحت وكأنها قاعة تصوير، هناك امرأة قالت لي" لا أطبخ إلا وأنا ارتدي حجابي، لأن الكاميرا معلقة على شباك المطبخ!
ويفند برهم ادعاء الاحتلال بأن زرعه للكاميرات لتحقيق الأمن، لكن على أرض الواقع وفي المقابل لو حدثت جريمة قتل أو سرقة بين عائلتين مقدسيتين لا يتدخل، لكن لو يهودي واحد أضاع محفظته، فالكاميرات تلتقط المكان والزمان وتتحجج لانتهاك حق المقدسيين.
وحول الضغوط الاقتصادية التي يتعرف لها المقدس لفت برهم إلى أن مسألة الضرائب المفروضة على أهالي القدس مبالغ فيها، فالمقدسي يدفع 450 شيكل ضريبة لو دخن سيجارته في مكان عام، ومفتش البلدية يتسكع يوميا في البلدة القديمة يتصيد الأخطاء لفرض الضرائب والمخالفات على المقدسيين، وفي النهاية هذا يجعل واقع المقدسي مضغوط اقتصاديا.
ويقول: ببساطة " لا يوجد شخص في القدس إلا وعليه ديون ضرائب وأرنونة لصالح " دولة الاحتلال" .
وفي تعليقه على تطور الأحداث في القدس قال: أن ما حدث على حاجز شعفاط هو نتيجة حتمية لحياة متراكمة ومبنية على الظلم والاضطهاد وما يحدث في باب العامود هو ردة فعل طبيعية على حياة مأساوية يعيشها المقدسي.
ولكن الأدهى والأمر من هذا الواقع هو أن الاحتلال يعذب أهالي القدس ثم يطالبهم بالتعايش وقبول هذا الواقع، وهو الذي لا يقبله عقل ولا يستوعبه منطق على حد تعبير برهم.
ويعبر برهم عما يراه على أرض الواقع مضيفا:" يخطفون ابناءنا، يعتقلونا، يضربوننا، يحتجزون جثامين أبناءنا، يهينون كبار السن على حاجز قلنديا كل صباح، ثم يريدون منا أن نعيش بشروطهم وتحت ظلمهم ونقبل، كيف؟
وحول الدور المطلوب في ظل كل تلك الانتهاكات ذكر برهم أن القدس يجب أن تبقى في الصورة دائما، مبينا أن الانتهاكات يومية، ولكن للأسف اعتدنا على الخبر وأصبحت تغطية قضايا القدس موسمية.
ويطالب بتغطية دائمة للحياة في القدس لتكون عمليات الهدم الذاتية والقتل الممنهج، تهويد أحياء كاملة في القدس، اعتقال الأطفال، قضايا حاضرة بشكل دائم في وسائل الإعلام.
ويلفت برهم إلى أننا اليوم ولكي نخدم قضية القدس يجب أن نعرف من أين ينفجر المقدسي، ولماذا ينفجر، وما هي الرسالة التي ينقلها عن القدس.
ودعا إلى ضرورة أن يقود المثقف المرحلة ، ويشرح للمطبع واقع حياة المقدسي لأنه لا يعرفها قبل أن يقوده (الإسرائيلي) إلى فكرته ويقنعه بها.