لليوم الثالث على التوالي، يغلق جنود الاحتلال (الإسرائيلي) مداخل مخيم شعفاط ويحاصر سكانه ضمن سياسة الانتقام الجماعي، بعد عملية بطولية نفذها ثائر فلسطيني على الحاجز العسكري المقام على مدخل المخيم وقتله مجندة وإصابة جنديان آخران.
وعمدت سلطات الاحتلال لإغلاق المخيم بحجة أن منفذ العملية لايزال يختبئ فيه ويتلقى مساعدات من الأهالي ويخطط للوصول إلى الضفة الغربية المحتلة، لذا هناك حملة عسكرية واسعة في محاولة لإلقاء القبض عليه.
وتواصل قوات الاحتلال (الإسرائيلي)، حصارها العسكري المشدد لمخيم شعفاط، كما وأغلقت شرطة الاحتلال الطرق المؤدّية إليه وللأحياء الفلسطينية المجاورة، وهي عناتا وضاحية السلام ورأس خميس ورأس شحادة.
ويبدو أن سياسة الانتقام الجماعي، أسلوب لاتزال تنتهجه (إسرائيل) في الانتقام من الفلسطينيين فكما فعلت بغزة، تفعل في جنين، واليوم في مخيم شعفاط القريب من المسجد الأقصى وللاحتلال في ذلك مارب أخرى.
يذكر أن الاحتلال نصب حاجز شعفاط بشكل مؤقت خلال الانتفاضة الثانية، ومع بدء بناء الجدار حول المنطقة في 2002 تحوّل الحاجز إلى شبه دائم ولكن دون بناء إسمنتي.
الانتقام من السكان
وعلى مداخل المخيم يقف العشرات من المواطنين يراقبون الوضع يقول أحدهم "ما يجري هو انتقام يحاول الاحتلال من خلاله إيصال رسالة بأن من نفذ العملية شخص واحد لذا سنعاقبكم جميعا حتى نعتقل المنفذ (..) ويردد الجنود لو اعتقلنا المنفذ سنخفف عنكم العقاب".
ويضيف:" يحاولون القول بأن حرمان الطلبة من المدراس والمرضى من العلاج ليس عنف، وما نعيشه هو وضع طبيعي، معلقا: هذا هو المحتل الذي لا يحترم القوانين وينكل بالفلسطيني.
يصف محمود الشيخ رئيس اللجنة الشعبية للاجئين الحال في مخيم شعفاط بالمزري، حيث أن الوضع ملتهب والاقتحامات وتفتيش البيوت من قبل شرطة الاحتلال متواصل، لافتا إلى أن ليلة أمس شهدت اعتقال حوالي 70 مقدسيا من شعفاط من قبل وحدات المستعربين الذين اقتحموا المخيم وساعدوا الشرطة في اعتقال الشباب.
وذكر "للرسالة نت" أن الاحتلال يمنع دخول أو خروج أي شيء من وإلى المخيم، مما أثر على حوالي 3 الاف مريض من أصحاب الامراض المزمنة فالشرطة تحرمهم الخروج لتلقي العلاج، لافتا في الوقت ذاته إلى أنه كل نصف ساعة يسمح وبقيود مشددة ادخال سيارة للمخيم خاصة لمن كان لهم أعمال خارجه قبل اغلاقه.
وبحسب الشيخ فإن أهالي المخيم لا يكترثون للجوع حال بقي الحصار متواصلا، لكن يخشون تدهور الوضع الصحي للمرضى، بالإضافة إلى أن بلدية الاحتلال قطعت عدة مرات الكهرباء عن منازل السكان.
ولفت الشيخ إلى أن أهالي مخيم شعفاط صامدين ويدافعون عن أنفسهم حين تقتحم الجيبات المخيم عادة ويحاولون التصدي لمحاولات هدم بيوت أو ملاحقة الشباب، حيث يوصف المخيم بأنه "خط الدفاع" الأول عن الأقصى لرباطهم معظم السكان هناك.
وأشار إلى أن الاحتلال تذرع بحادثة القنص التي وقعت على مدخل المخيم ليعلن اغلاقه ومحاصرته بشكل كامل خاصة في ظل الأعياد العبرية، موضحا أن غالبية سكان المخيم من المرابطين الذي يسارعون للتصدي لاقتحامات المستوطنين لذا حاصرهم كي لا يشاركوا في عملية الرباط.
وذكر الشيخ أن الاحتلال يستعد لهدم منزل الشاب الذي أعلنوا وفق روايتهم تنفيذه لعملية مدخل المخيم، مشيرا إلى أن هناك 12 بوابة للمخيم فقط يسمح دخول المقدسيين من بوابتين وهما "عناتا" شرق المخيم، وبوابة "شعفاط" بالغرب، بينما البوابات الأخرى يستخدمها الاحتلال للاقتحامات أو تنفيذ عمليات هدم.
أهالي شعفاط سجناء معزولون
أما عن تاريخ حاجز شعفاط، فقد أعلنت سلطات الاحتلال رسميا في العام 2009 تحويله من حاجز مؤقت إلى معبر دولي، أي بناء يفصل الأراضي التابعة لبلدية الاحتلال بالقدس عن مناطق الضفة-، واستمر العمل على توسيع الحاجز وبناء غرف تفتيش ومسارات المركبات وأبراج مراقبة وبوابات إلكترونية أكثر من 4 سنوات.
ومع إغلاق الحاجز، يتحول السكان في تلك المنطقة إلى سجناء معزولين عن الضفة الغربية، وعن القدس بالحاجز.
ويتكون الحاجز من 3 مسارات رئيسية، الأول للمشاة عبر بوابات فحص إلكتروني، والثاني مخصص للحافلات التي تخضع لتفتيش دقيق أيضا، والثالث للمركبات الخاصة.
ويتحكم الجنود في هذه المسارات، وفي بعض الأيام يفتحها الاحتلال بالكامل، وفي أيام أخرى يفتح مسارا واحدا للفئات الثلاث، مما يخلق أزمة خانقة على الحاجز ويعرقل وصول أكثر من 10 آلاف مقدسي لمناطق أعمالهم في القدس والداخل المحتل.
وسيطر الحاجز على أراض واسعة، عمل الاحتلال فيما بعد على بناء ما أسماها بـ"مراكز الخدمات المدمجة"، التي تضمّ مقرا للشرطة ومكاتب لوزارات ومكاتب أخرى تابعة لبلدية الاحتلال.
هذا البناء وإن بدا أنه تسهيل لتنقل الفلسطينيين الحاملين للهوية المقدسية، إلا أنه شكل أداة للتحكم فيهم وفرض إجراءات تنكيليه بحقهم.