خرجت وصية الشهيد المقدسي عدي تميمي بعد استشهاده بساعات لترسم ملامح الطريق نحو تحرير المسجد الأقصى.
وكما فعل الشهيد إبراهيم النابلسي، وجّه التميمي رسالة للشباب من بعده بمواصلة حمل البندقية.
عمليتا الشهيد التميمي اللتان ضربتا منظومة الأمن الصهيونية وأربكت جيش الاحتلال على مدار 12 يوما من المطاردة دون القدرة على الوصول إليه أو معرفة أي أخبار عنه، جعلت من التميمي صاحب الـ 22 عاما أيقونة في وجه جبروت الاحتلال.
البندقية طريق التحرير
وجاء في كلمات الوصية: "أنا المطارد عدي التميمي من مخيم الشهداء شعفاط.. عمليتي في حاجز شعفاط كانت نقطة في بحر النضال الهادر".
وأضاف: "أعلم أنني سأستشهد عاجلا أم آجلا، وأعلم أنني لم أحرر فلسطين بالعملية، ولكن نفذتها، واضعا هدفا أساسيا أن ثمرة العملية مئات من الشباب ليحملوا البندقية من بعدي".
وذيّلت الوصية بتاريخ 11 أكتوبر الجاري، "أي بعد 3 أيام من تنفيذ التميمي عملية حاجز مخيم شعفاط".
وطاردت قوات الاحتلال التميمي على مدى 12 يوما، بعد تنفيذه عملية أولى على حاجز مخيم شعفاط أدت إلى مقتل جندية وإصابة آخر بجراح حرجة.
ومساء الأربعاء الماضي، نفّذ الشاب عملية ثانية عند مدخل مستوطنة "معاليه أدوميم"، أدت لإصابة أحد حراس المستوطنة، قبل أن يستشهد.
بدوره، أكد الكاتب والمختص في الشأن السياسي، مصطفى الصواف، أن الصدق من المقاوم مسألة مهمة، "فالشهيد عدي كان صادقا مع نفسه ومع شعبه، مؤكدا أن عمليتيه لن تحررا فلسطين بل هما لبنة في طريق التحرير".
وقال الصواف في حديث لـ "الرسالة نت": "وصية الشهيد التميمي، هي دعوة ليس للمقاومين فحسب بل لكل الشعب الفلسطيني بالصدق في القول والعمل، هو يقول للمقاومين أن عملياتكم ومقاومتكم تؤسس لمرحلة التحرير وهي مراكمة للقوة وللأثر والدعوة لزيادتها حتى تحقيق الهدف".
وأوضح أن الشهيد التميمي أكد أن البندقية طريق التحرير وبحاجة إلى حملها من الجميع وهي عبارة عن نداء: "توحدوا في حمل البندقية ولا تتركوها فهي الطريق لتحقيق الهدف".
ومنذ اللحظات الأولى لتنفيذه عملية شعفاط، لاقت عملية التميمي البطولية إشادة كبيرة ومساندة من الجميع، بدءا من تعسير مهمة البحث عنه عبر إحراق كاميرات المراقبة، مرورا بحلق الرؤوس وتكثيف ذكر الاسم عبر الرسائل والمكالمات لتضليل المخابرات (الإسرائيلية)، وليس انتهاء بدعم عائلته والحضور معها بشكل دائم.
في حين، أكد الكاتب في الشأن السياسي سليمان أبو ستة أن وصية الشهيد التميمي تعبر عن الإيمان الفلسطيني العميق بأن خيار المقاومة هو الوحيد لطرد الاحتلال من أرضنا المحتلة، وهو ما آمن به عدي، وعمل على تطبيقه عمليا".
وأوضح أبو ستة في حديث لـ "الرسالة نت" أن الشهيد التميمي كان يسعى ليكون فعله المقاوم نموذجا يحتذي به آلاف الشباب الفلسطيني على امتداد الأرض الفلسطينية، وغالب الظن أن أولئك الذين اقتدوا به في حلق شعورهم لحمايته من مطاردة الاحتلال سيكون لهم دور أساسي في ترسيخ منهجه المقاوم فعليا على الأرض.
وأشار إلى أن وصية الشهيد التميمي تدلل على أنه لم يكن مجرد مقاوم فحسب، "بل كان قائدا فذا يستهدف إيصال رسالة عظيمة للشباب الفلسطيني في الضفة والقدس، وقيادتهم بفعله لا بمجرد القول في طريق المقاومة".
وبيّن أبو ستة أن وصية التميمي تدلل على سر الجرأة البالغة التي تمتع بها عدي، قائلا: "لقد كانت رسالة وطنية عظيمة أكثر منها ردة فعل مقاومة فحسب".
وختم حديثه: "بهذا الفعل يفتتح عدي التميمي مرحلة جديدة من الصراع مع المحتل الصهيوني، عمادها الجرأة، والهجوم والمبادرة".