قائد الطوفان قائد الطوفان

مقال: عرين الأسود وزريبة المقاطعة

عمار خليل قديح

الحشود المؤلفة التي خرجت تحمل أبطال عرين الأسود على أكتافها في شوارع نابلس، جدَّدت التأكيد على التفافها حول خيار المقاومة واحتضانها للمقاومين، فكانت الصور لموكب زفاف الشهداء، أبلغ رد وأعظم صفعة تلقاها كيان العدو في غمرة نشوته واحتفاله بجريمته وعدوانه.

وبينما يسابق العدو الصهيوني الزمن في محاولة القضاء على ظاهرة عرين الأسود التي أقضت مضجعه، تتوسع رويدا رويدا شعلة النار الملتهبة في مدن الضفة المحتلة، التي تجلت في فزعة الرجال في أكثر من محافظة لخوض مواجهات مع قوات الاحتلال، للتأكيد على أن نابلس ليست وحدها، وعرين الأسود ليسوا مقطوعين من شجرة.

#فزعة_الأسود، هكذا أطلق نشطاء مواقع التواصل على الحالة المتصاعدة من المؤازرة والمساندة من أبناء الضفة المحتلة لأهلهم وأبطالهم في جبل النار، وهي حالة مقرونة بالفعل على الأرض كما حصل بعملية الطعن في قلقيلية أمس وإصابة مستوطن بجروح، وعمليات إطلاق النار التي لم تتوقف واستهدفت عدة بؤر للاحتلال.

أستطيع القول أن محاولة العدو الصهيوني القضاء على مجموعات عرين الأسود ستبوء بالفشل، ذلك لأن العرين أصبحت فكرة تراود شريحة واسعة من شباب الضفة، الذين عبروا عن الانتماء لها والاقتناع بها والانخراط فيها، من خلال هتافاتهم بمواكب تشييع الشهداء، أو من خلال ما شاهدناه من فزعة ونخوة أثناء مواجهة قوات الاحتلال التي هاجمت نابلس.

هذا فيما يتعلق بعرين الأسود، ماذا إذا بخصوص زريبة المقاطعة؟، المؤسف أنه في خضم الحاجة لتركيز كل الجهود الرسمية والفصائلية والشعبية لتشكيل حالة إسناد ودعم قوي لمحافظة نابلس في مواجهة حصارها الذي دخل أسبوعه الثالث، تبدو السلطة في رام الله في واد آخر تماما.

فقد أصدر رئيس السلطة محمود عباس قرارا بقانون يحل بموجبه مجلس نقابة الأطباء المنتخب ديمقراطيا، ويعين مكانهم موالين له ومسبحين بحمده، الأمر الذي استفز كل النقابات المهنية والمؤسسات الحقوقية التي عبرت عن رفضها واستيائها الشديدين.

فهل يسعى عباس وفريق المقاطعة لإشغال النقابات التي من المفترض أنها تمثل واجهة ونخب المجتمع في معارك جانبية وتحييد دورها النضالي والإسنادي لأبناء شعبنا في هذا الظرف الحساس؟.

الحقيقة أنه لم تبق ذرة خجل في وجوه قادة السلطة التي مازالت تتهرب من مسؤوليتها تجاه نابلس، وعوضا عن ذلك، تصدر أصواتا عالية من برميلها الأجوف الخالي من كل شيء عدا التصريحات العنترية التي لا تسمن ولا تغني من جوع.

وفد وزاري صغير زار نابلس في حركة استعراضية هزلية، بينما فضل اشتية السفر للخارج تعبيرا عن عدم اكتراثه بما يحدث في المدينة المحاصرة، بينما تكشفت معلومات عن شخصيات أمنية في أجهزة السلطة جلست مع القائد الشهيد وديع الحوح وقادة عرين الأسود قبيل استشهادهم، وأعادت عليهم العرض السابق والذي يقضي بتسليمهم سلاحهم وأنفسهم لأجهزة السلطة مقابل دمجهم في الأجهزة الأمنية واستصدار عفو (إسرائيلي) لهم، لكنهم ركلوا العرض بأرجلهم، وفضلوا القتال بشرف على الخنوع والاستسلام.

ومما لا شك فيه أن كيان العدو الصهيوني سعيد بأداء أجهزة سلطة المقاطعة، التي ما زالت تعتقل في سجونها أحد مؤسسي عرين الأسود القائد المطارد مصعب اشتية، الذي حرمته من وداع رفاقه الشهداء، إلى جانب الاستمرار بحملة اعتقالاتها وملاحقاتها للمقاومين، وتعذيبهم في سجونها.

عشرات المعتقلين سياسيا، يقبعون في سجون السلطة منذ 142 يوما، بينما طرأ تدهور كبير على الوضع الصحي للمعتقلين المضربين منهم عن الطعام لليوم الـ31 على التوالي، ثم تتشدق بعض قيادات السلطة بشعارات الوطنية والشرف!.

لا شيء يمكن أن يقنع السلطة بالتوقف عن إهانة الحالة النضالية المتصاعدة في الضفة، ووقف جريمة التنسيق الأمني مع العدو، سوى تحريض عناصر الأجهزة الأمنية الشرفاء على التمرد، والانحياز إلى المقاومين والمشاركة معهم في مواجهة المحتل والدفاع عن شرفهم وعرضهم ومقدساتهم، وهو ما حصل بالفعل في حالات عدة لكن بحاجة إلى تكرار بشكل أوسع ومؤثر.

البث المباشر