تبنّت منظمات حقوقية تنشط في إسرائيل وأمريكا مطالب عوائل فلسطينية، وخاطبت وزارةَ الخارجية الأمريكية، مطالبة بإلغاء قرار مجمع للسفارة الأمريكية في القدس المحتلة، كونها ستقام على أرض فلسطينية خاصة، صادرتها سلطات الاحتلال الإسرائيلي.
جاء ذلك في رسالة مشتركة عاجلة، بعثها كل من المركز القانوني لحقوق الأقلية العربية في إسرائيل “عدالة”، ومركز الحقوق الدستورية في نيويورك، إلى وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن والسفير الأمريكي في إسرائيل توماس نايدن، طالبا فيها إدارة الرئيس جو بايدن بـ”الإلغاء الفوري” لمخطط مجمع السفارة الأمريكية الجديد في القدس، كما طالبت السلطات الإسرائيلية بسحبها.
وأعلن المركزان الحقوقيان أن هذه الرسالة جاءت بالنيابة عن العديد من الورثة الفلسطينيين، أصحاب الشأن في الأرض التي سيُبنى عليها مجمع السفارة الأمريكية في القدس.
وقد جاءت الرسالة في أعقاب التقدم في مخطط لبناء مجمع السفارة الأمريكية الجديد على أرض تمت مصادرتها بعد النكبة بشكل غير قانوني من الفلسطينيين- كلاجئين ومهجرين داخليًا، والعديد منهم باتوا حالياً مواطنين أمريكيين، لافتة إلى أن الاستيلاء على أرضهم، كان باستخدام “قانون أملاك الغائبين” الإسرائيلي لعام 1950.
السجلات الأرشيفية، التي عُثر عليها في أرشيف الدولة الإسرائيلي، ونشرها مركز عدالة في يوليو 2022، تثبت بشكل واضح بأن الأرض كانت مملوكة لعائلات فلسطينية، وتم تأجيرها مؤقتًا لسلطات الانتداب البريطاني قبل عام 1948.
وحسب المركزين الحقوقيين، فإنه، في السابع من الشهر الجاري، نشرت اللجنة اللوائية للتخطيط والبناء مخططًا تفصيليًا لمجمع دبلوماسي أمريكي في القدس، والخطة تخضع لاعتراضات عامة لمدة 60 يومًا من تاريخ نشرها.
وأشارت الرسالة إلى ما أعلنه الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب، في السادس من ديسمبر 2017، بأنه سيتم نقل السفارة الأمريكية في إسرائيل من تل أبيب إلى القدس، حيث افتتح في 14 مايو 2018، مقرّ السفارة المؤقت في الموقع الذي كان سابقًا قنصلية أمريكية في القدس، إلى حين إنجاز مجمع السفارة الأمريكية الجديد الدائم المزمع تشييده.
في رسالتهما، أكّد “عدالة” ومركز الحقوق الدستورية، بأن إبقاء السفارة الأمريكية في القدس وتوسيعها “يعد انتهاكًا للقانون الدولي، تمامًا مثل نقل السفارة إلى القدس وإعلانها عاصمة لإسرائيل في المقام الأول”.
وأكد المركزان الحقوقيان أيضاً أن مصادرة الأرض التي سيُبنى عليها المجمع الدبلوماسي الأمريكي “تنتهك القانون الدولي”، ولا سيما المادة 46 من أنظمة لاهاي التي تنص على ضرورة احترام حق الملكية الخاصة وتحظر مصادرة الممتلكات الخاصة.
وأوضحت الرسالة أن “قانون أملاك الغائبين” الإسرائيلي “أداة أساسية لقمع إسرائيل للفلسطينيين وهيمنتها عليهم ضمن نظام فصل عنصري أوسع”، وذلك بحسب ما توصلت إليه منظمة “هيومن رايتس ووتش” ومنظمة العفو الدولية “أمنستي”.
كما أكدت المنظمتان الحقوقيتان أن العديد من مُلّاك الأراضي الأصليين هم الآن مواطنون أمريكيون، وبالتالي، إذا تقدمت الولايات المتحدة في بناء السفارة على هذه الأرض، “فهي تكون متواطئة ليس فقط مع مصادرة إسرائيل غير القانونية للأراضي المملوكة للفلسطينيين، بل ستصبح أيضًا شريكاً نشطاً في الاستيلاء غير القانوني على أراضي مواطنين أمريكيين”.
وأشارت إلى أنه بالنظر إلى الدليل على ملكية الفلسطينيين للأرض المخصصة لمجمع السفارة الأمريكية، ينبغي على إدارة بايدن أن تسحب على الفور مشاركتها في المخطط.
وقالا: “إذا مضت الخطة قُدُماً، فإنّ الولايات المتحدة لا تعمل على ترسيخ انتهاك إدارة ترامب للقانون الدولي فحسب، بل ستضيف جانباً جديداً من الانتهاكات من خلال المصادقة بشكل فعال على الاستيلاء الإسرائيلي غير القانوني على الممتلكات الفلسطينية، بما في ذلك المواطنين الأمريكيين”.
اتفاقيات الإيجار المؤرشفة تقدم تفاصيلَ حيةً حول مَن كان يملك الأرض قبل أن تستولي عليها سلطات الاحتلال، حيث تكشف وثائق عقود الإيجار أسماء ملّاكي الأرض الفلسطينيين؛ ومن بينهم أفراد من عائلات حبيب، وقليبو، والخالدي، ورزّاق، والخليلي، كما تشتمل هذه الممتلكات على قطعة أرض تخص وقف عائلة الشيخ محمد خليلي.
وكان مركز “عدالة” نقل عن المؤرخ رشيد الخالدي، وهو مواطن أمريكي، وسليل بعض مالكي هذه العقارات، قوله “حقيقة أنّ الإدارة الأمريكية تشارك وبشكل فعّال الحكومة الإسرائيلية في هذا المشروع، تعني أنها تنتهك بشكل فعليّ حقوق ملكية المالكين الشرعيين لهذه الممتلكات، بمن فيهم العديد من المواطنين الأمريكيين”.