قائمة الموقع

"اليتيم العربي".. حكاية مدرسة تتعرض لمؤامرة بغرض التهويد والمصادرة

2022-11-14T13:55:00+02:00
وقفة داخل المدرسة رفضا لمخططات الاحتلال
رشا فرحات

ليست هذه المرة الأولى التي تخوض فيها مدرسة دار اليتيم الأثرية في القدس معركة مع الاحتلال، فبعد احتلال القدس خاض الشاب المهندس سليمان القيق، الذي عين مديرا للمدرسة معركة مع الاحتلال مدتها أربعين عاما، وكان له الفضل في صمود المدرسة وحمايتها من التهويد.

في ذلك الوقت سيطر جيش الاحتلال على المدرسة الصناعية وعسكر في مبناها شهرا كاملا، وطلب من مديرها حسن القيق إفراغها من طلابها خلال وقت قصير، ولكنه رفض بشكل قطعي الاستجابة لطلب الاحتلال.

استدعى القيق نخبة من المعلمين والموظفين وطلب منهم حشد 60 طالبا من القرى المجاورة للمدرسة ليبيتوا في السكن الداخلي.

 كان القيق يستيقظ ليلا ويحاول إرجاع السلك الشائك -الذي حوط الاحتلال به المدرسة- إلى الوراء؛ ليكسب مزيدا من مساحة الأرض التي يحاول الاحتلال مصادرتها، وهكذا تنازل الاحتلال عن مصادرة الأرض وانسحب منها فورا.

محاولات جديدة

اليوم لا أحد يعرف ما الذي يحدث تدريجيا في مدرسة اليتيم الفلسطيني مرة أخرى، ولكن الجميع على يقين بأن هناك مؤامرة هدفها تهويد المدرسة ومصادرة الأرض التي كانت تعتبر أحد الوقفيات التابعة للحكومة الأردنية.

تقع المدرسة على أرض موقع مهم على رأس تلة مطلة على مطار القدس والرام وبيت حنينا، ولم يستطع الاحتلال مصادرة الأرض لوجود مدرسة تحقق منفعة عامة، لكن يتخوف الأهالي من إغلاق المدرسة الأثرية التي تعمل منذ ما قبل العام 67 م وتخضع لإدارة الأوقاف.

وحسب مصدر مطلع فإن المدرسة تابعة لجمعية اليتيم العربي والتي تقع في القدس وتحمل ترخيصا أردنيا وتشرف عليها لجنة منبثقة عن الجمعية مقرها القدس.

وحسب المصدر فإن هناك حلقة مفقودة والمؤامرة بدأت حين تفاجأت إدارة المدرسة باستبدال ملكية الجمعية بشركة تحمل ذات الاسم "اليتيم العربي" لكنها بتسجيل (إسرائيلي) ولا أحد يعرف كيف جرى ذلك، متوقعا إدخال المنهاج (الإسرائيلي) وتوكيل إدارتها للمعارف (الإسرائيلية).

وتتخوف إدارة المدرسة التابعة للجمعية القديمة -وفق المصدر- من إجراءات المالك الجديد بعد أن طرح فكرة إلغاء صفوف وتقليل عدد الطلاب، لافتا إلى أن الإدارة تفاجأت بأن المالك ألغى خدمات مجموعة من الأستاذة من مدرسي المواد الأساسية.

سرقة تدريجية

أحمد خاطر أستاذ التكنلوجيا في المدرسة قال إن الإدارة أغلقت عددا من المشاغل المهمة، كما أنها أوقفت استقبال الطلبة في بعض المشاغل الأخرى تمهيدا لإغلاقها رغم وجود إقبال عليها، مبينا أن المالك أبلغ الأساتذة في الاجتماعات بعدم الرغبة في استقبال طلبة جدد في العام القادم والتوجه لتحويل المدرسة إلى مركز تدريب.

وتابع خاطر: نحن وصلنا إلى نصف الفصل الأول وليس لدينا أستاذ لمشغل النجارة ولا أستاذة تصميم جرافيك، ولا أستاذ علم الصناعة، وترفض التربية تعيين مدرسين، وحتى اللحظة طلاب الصف العاشر والحادي عشر لا يأخذون تدريبهم المهني.

ويضيف:" بسبب عدم وجود أساتذة، طلاب التوجيهي لا يأخذون نصيبهم من التدريب كبقية المدارس، نحن نناشد جلالة الملك الأردني ووزير التربية والتعليم الفلسطيني، ووزير القدس، والأوقاف الأردنية لإنقاذ مستقبل المدرسة والطلاب ولا نعرف هل سيكمل العام أم لا".

بدوره قال الباحث المقدسي أسامة برهم: المدرسة تاريخية وليست مؤسسة عمرها عام أو عامين، وهي المدرسة التي حماها حسن القيق رحمه الله في حرب 67، مؤكدا أنها تستحق التفافا جماهيريا لأن القضية ليست قضية عمال ومدرسين، ولا توظيف، بل هي رسالة يجب حملها مع أولياء الأمور والنشطاء والأحرار في مدينة القدس.

الشواهد تدلل على أن الاحتلال ينسل تدريجيا ويسلب الحقوق ويحاصرها، فقد بدأ بإلغاء المدرسة الداخلية والتي كانت تستوعب 200 يتيم، ثم فصل الحراس الأربعة، وستة من معلمي المدرسة تحت حجة اقترابهم من سن التقاعد ووعد باستبدالهم بمعلمين جدد وهذا لم يحدث.

طرق ملتفة

وحسب المصدر المطلع فإن الشركة استحدثت فكرة التلمذة المهنية التي تعتمد على تدريب الطلبة في سوق العمل وليس على تعليمهم في المدرسة، ثم بدأت تعرض الاستقالة على الأساتذة مقابل المال، وقلصت عدد الطلاب في الصف الحادي عشر، ثم حولت الصف العاشر إلى أكاديمي، موضحا أن ذلك يعني أن المدرسة يمكن أن توزع الطلاب على أي مدرسة لاحقا.

ويضيف أحد العاملين في إدارة المدرسة والذي رفض الكشف عن اسمه:" هذه الشركة تحاول إنهاء التعليم الثانوي وقد عرضت آخر فكرة لها وهي تحويل المدرسة إلى حاضنة تكنلوجية، وهذا يعني أنها يمكن أن تؤجر أي غرفة من غرف المدرسة المبنية على 43 دونما، أو تهدم وتعيد البناء وكل هذه الطرق لتسريب العقارات في القدس باتت معروفة لدى المقدسيين.

خلاصة الأمر أن هناك مجموعة من المستثمرين يفكرون بالمال ولا يفكرون بالوطنية، وربما سنجد المدرسة قد سُربت كأي عقار من العقارات الوقفية التي استلمت إدارتها مؤسسات يهودية ثم أصبحت ملكهم إلى الأبد.

اخبار ذات صلة