وافقت اللجنة الرابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة، المعنية بإنهاء الاستعمار، على مشروع قرار فلسطيني يطلب من محكمة العدل الدولية إصدار رأي قانوني، بشأن ما إذا كان الاحتلال (الإسرائيلي) للأراضي الفلسطينية يشكل ضما بحكم الأمر الواقع.
وسيُعرض مشروع القرار على الدول الأعضاء في الجمعية العامة للأمم المتحدة الشهر المقبل للتصويت عليه واعتماده بصفة رسمية.
ويطلب مشروع القرار من محكمة العدل الدولية إصدار رأي استشاري، يحدد التبعات القانونية الناشئة عن انتهاك (إسرائيل) المستمر لحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، واحتلالها الطويل الأمد واستيطانها وضمها للأراضي واعتمادها تشريعات وإجراءات تمييزية.
مراكمة الانجاز
وفي السياق قال المحلل السياسي، أمير مخول، إن قرار اللجنة الرابعة في الأمم المتحدة بإحالة موضوع الاحتلال بمجمله إلى نظر محكمة العدل الدولية هو انتصار دبلوماسي نوعي فلسطيني وعربي وعالمي، مما يجعل الاحتلال خاضعا لمحكمة العدل وليس فقط ممارساته، وهذا معناه اعتبار فلسطين دولة تحت الاحتلال ما يحول دون تقرير مصيرها.
وأضاف أن (إسرائيل) سعت إلى ترهيب العالم من خلال مندوبها في الأمم المتحدة، وفعلت آليات الضغط على السلطة الفلسطينية لثنيها عن قرارها بالتوجه إلى اللجنة الرابعة والتي تنظر في قضايا الاستعمار وحق تقرير المصير، إلا أن ضغوط الاحتلال باءت بالفشل.
وأكد مخول إن المعركة لم تنته مع الاحتلال بل هناك جهود كبيرة ومتواصلة لضمان فتوى محكمة العدل في هذا الصدد، مشيراً إلى عدم وجود حلول حاسمة في الوضع الراهن، لكن مراكمة الانجازات هي الطريق.
استغلال الفرصة
بدوره قال المختص في الشأن الصهيوني عادل شديد إن تقديم الاحتلال لمحكمة العدل الدولية أعاد القضية الفلسطينية إلى الواجهة بعد تغييبها لفترة طويلة، مشيرا إلى أن مواقف الدول الممتنعة أو الرافضة للحق الفلسطيني، بُنيت على المصالح وليس على الأخلاق.
وأيدت 98 قرار اللجنة الرابعة للجمعية العامة، مقابل اعتراض 17 دولة، وامتناع 52 دولة عن التصويت.
ولفت شديد إلى أن الفترة الحالية والسنوات القليلة المقبلة لن تشهد تحولًا على أرض الواقع، ولاسيما أن المحاكم تأخذ وقتها في الإجراءات التنفيذية.
ويرى أن السلطة في موقف صعب إذ إنها غير قادرة على فتح جبهات مع الممتنعين عن التصويت وعليها العمل بجهد عال لتصويب قراراتهم.
وذكر أن على السلطة استغلال الفرصة لاعتبارات سياسة ومقايضة الاحتلال ورفع قضايا عليه، ما يجبر (إسرائيل) على الحد من التطرف والفاشية ولجم شهيتها للقتل".
وآخر مرة تناولت فيها محكمة العدل الدولية الصراع الفلسطيني (الإسرائيلي) كانت في عام 2004، عندما قضت بأن الجدار العازل (الإسرائيلي) غير قانوني، وقد عارضت (تل أبيب) رأي المحكمة.
مهم إعلاميا وسياسيا
الدكتور جواد الهنداوي، رئيس المركز العربي الأوروبي للسياسات وتعزيز القدرات، قال إن قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة أصبحَ بمثابة مرافعة قانونية أمام محكمة العدل الدولية؛ مرافعة تتضمن عناصر واقعة وحقيقة الاحتلال وضّمْ الاراضي وانتهاك حقوق الشعب الفلسطيني.
وبين الهنداوي في مقال له أن المرافعة تتضمن أيضاً مقاربة لعناصر واقعة الاحتلال وضّمْ الأراضي والانتهاكات مع مبادئ القوانين الدولية والإنسانية وقرارات مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة، والتي توصي بحّل الدولتين.
ووفق الهنداوي، فإن محكمة العدل الدولية لا يمكنها أنْ تجازف وتجامل وتبدي رأياً وتفتي بما لا يتطابق مع الحقائق والوقائع وما تنصُّ عليه القرارات الدولية والشرائع الدولية الانسانية.
ويؤكد أن رأي المحكمة سيكون تعزيزاً للحق الفلسطيني ووصفاً قانونياً لاحتلال مخالف لمبادئ القانون الدولي والإنساني ومخالف لقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة.
وأهم من ذلك -بحسب الهنداوي- هو رأي المحكمة بشأن مواقف الدول تجاه الاحتلال (الإسرائيلي) وآثاره القانونية! كيف سيكون موقف الدول التي تواصل دعمها السياسي والاقتصادي والعسكري (لإسرائيل)، وهي تعلم بأنها تدعم كيانا محتلا للأراضي الفلسطينية ومنتهكا لحقوق الفلسطينيين ومخالفا للقوانين الدولية، وبموجب الرأي القضائي الذي ستصدره محكمة العدل الدولية.
ويرى أنه رغم أن رأي محكمة العدل الدولية غير مُلزم قانونياً، لكن له أثره ونتائجه المهمة جداً على الصعيد السياسي والمعنوي والإعلامي على الدول والرأي العام الدولي، مشيراً إلى أن رأي محكمة العدل الدولية سيكون رافعة قانونية وقضائية وسياسية مهمة في مسار اعتراف الدول بالدولة الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني.
وبين أن (إسرائيل) لن تستطيع فعل شيء الآن، بعدما وصل أمر الشأن الفلسطيني إلى أبواب محكمة العدل الدولية، لذلك تدرك (اسرائيل) أنها خاسرة لمواجهة تأريخية فاصلة وحاسمة.
ويرى الهنداوي أن الاحتلال أدرك الآن أنه بين فكيّ الفم الفلسطيني و المقاومة بالسلاح وعلى الأرض وفّكْ المقاومة بالقانون وفي أروقة الأمم المتحدة.