لا زالت موجات صعبة تضرب الرأي العام في قطاع غزة حول حريق جباليا والذي أدى لاستشهاد (22) من عائلة أبو ريا، في ظل التحقيقات التي تجريها وزارة الداخلية للكشف عن ملابسات الحادث، والوقوف أمام كافة المعطيات المتوفرة لتوظيفها في سياقها الطبيعي خلال إجراءات التحقيق والفحص المستمر لمكان الحادث، وفي ضوء ذلك يمكن التأكيد على الآتي:
أولاً: التعاطف الدولي غير المسبوق تجاه قطاع غزة، يضعنا أمام خيار وحيد، وهو ملاحقة الاحتلال دوليًا عن الحصار الذي يعاني منه القطاع منذ ما يزيد عن (15) عامًا، إذ ان الدول التي تعاطفت مع الضحايا قادرة على فك الحصار ولجم العدوان الصهيوني، ووضع حد للظروف التي يعاني منها الغزيين، وهو مطلب رئيس ينبغي ان يمر عبر منظمات دولية حقوقية، لتثبيت حقوق غزة المنتهكة والتي لا يعترف بها أحد، نتيجة تغول الاحتلال على القرارات الدولية.
ثانيًا: ينبغي ألا نقف امام الحادث كمسألة عرضية ستنتهي مع مرور الوقت، بل يجب أن تُقدَّم دعوات للمجتمع الدولي والعربي لزيارة غزة، وأن يلامس الحادث تعاطف الشعوب العربية القادرة على اتخاذ موقفًا شعبيًا تجاه بعض الأنظمة التي تغلق أبوابها أمام غزة، وترفض التعاطي معها، باعتبار أن المسألة تتعلق بالجوانب الإنسانية بمعزل عن أي جانب سياسي، وهو ما يجب تسويقه عربيًا ودوليًا.
ثالثًا: على الرغم من الجهد الكبير جدًا الذي بذلته وزارة الداخلية واستخدامها لكافة إمكاناتها اللوجستية والفنية، وتقديم رجالها نموذجًا نفتخر به، وقيامهم بواجبهم الوطني على أكمل وجه، أجد أنه من الطبيعي أن نحاول صياغة التدخل ضد الازمات من جديد، ليكتمل مشهد بطولات أبناء أجهزتنا الأمنية في غزة بالصورة المشرقة التي رأيناها في حريق جباليا.
رابعًا:فيما يتعلق بمنصات الاعلام، أرى أنه من الضروري ألا ينساق صناع القرار خلف مهاترات نشطاء التواصل الاجتماعي، باعتبار أن صياغة أي رؤية تتعلق باتخاذ القرار لا تتوفر معطياتها عبر وسائل التواصل، وهو ما يستدعي الوقوف امام هذه المسألة من خلال قيادة الإعلام في قطاع غزة، لأن الهجمة الإعلامية التي تتعرض لها غزة في كل حادث تؤكد أن الذباب الالكتروني يقدم رسائل مبطنة عبر ساحات الاعلام، لضرب الرأي العام وخلق بيئة غير مستقرة، تهدف لانعدام الثقة بين المواطن والمسؤول.
خامسًا: أرى أنه من الخطأ الضغط على وزارة الداخلية للتعجيل في تحقيقاتها، بل عليها أن تتريث، وأن تحصل على الوقت الكافي في عملية التحقيق للوصول إلى معطيات قوية تقودنا إلى قراءة حقيقية وواقعية، فالأمر ليس سهلاً، لأن كافة الخيارات والفرضيات ما زالت مطروحة على طاولة الإخوة في وزارة الداخلية كما صرح المتحدث باسم الوزارة إياد البزم، وبالتالي علينا أن نشد بعضنا بعضًا، كالبنيان المرصوص، وعدم الانجرار خلف أي دوافع أخرى.