أوصى إعلاميون وأكاديميون ومهتمون بضرورة مواكبة فصائل العمل الوطني لمجريات الحالة الثورية في الضفة الغربية، وتصدير المواقف الداعمة والمساندة لها، وتنويع أشكال الدعم المعنوي والإعلامي للحالة الثورية. وطالبوا بالاهتمام بإيصال الرواية الفلسطينية للإعلام الدولي وتفنيد دعاية الاحتلال، ودعم الإعلام الوطني لتعزيز قدرته على متابعة الأحداث ومواجهة الاستهداف (الإسرائيلي)، داعين إلى الاهتمام بالتغطية الإعلامية الشاملة من قبل وسائل الإعلام الرسمي وتعزيز الدعم المالي والإداري للعاملين في المؤسسات الإعلامية الفلسطينية.
وأكدوا خلال مؤتمر إعلامي نظمه منتدى الإعلاميين الفلسطينيين، اليوم الخميس 24 نوفمبر 2022، بقاعة مطعم لوريتا بمدينة غزة، وبمشاركة نخبة واسعة من الإعلاميين والأكاديميين والكتاب والمهتمين، على ضرورة الاهتمام بتوظيف الكوادر الإعلامية ذات الكفاءة في وسائل الإعلام، ودعم وتدريب الشباب والناشطين الذين يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي، وإنشاء منصات خاصة للرد على الرواية (الإسرائيلية) وتعزيز رواية المقاومة.
خطاب وطني ثوري
واستعرض الناطق باسم حركة حماس حازم قاسم دور الفصائل وخطابها الإعلامي المساند للحالة الثورية في الضفة الغربية، مشدداً على ضرورة الحرص على الخطاب الوطني الوحدوي "الذي يجمع ولا يفرق، ويؤكد على الثوابت الوطنية.
وقال: "مطلوب تبني خطة عمل موحدة للحفاظ على وتيرة اشتباك إعلامي وميداني مع الاحتلال، إضافة لدعم الإعلام الوطني لتعزيز قدرته على متابعة الأحداث ومواجهة الاستهداف (الإسرائيلي)".
وأشار قاسم إلى أهمية مواكبة فصائل العمل الوطني لمجريات الحالة الثورية "أولا بأول، وتصدير المواقف الداعمة والمساندة"، مبينا أن القيادات الوطنية لابد أن تتصدى لفضح جرائم الاحتلال، والإشادة بصمود الثوار للحفاظ على حضور دائم للحالة الثورية في أجندة فصائل العمل الوطني، وهذا يقتضي ضرورة تنوع أشكال الدعم المعنوي والإعلامي للحالة الثورية في الضفة الغربية".
وأضاف الناطق باسم حركة حماس أن الخطاب الإعلامي للفصائل ينبغي أن يركز على تمجيد بطولات الثوار الذين رفضوا الانكسار أمام الاحتلال وجبروته، وكذلك التأكيد على وحدة الشعب والمصير وربط ثورة الحاضر بأمجاد وبطولات الماضي، فضلاً عن ضرورة الاهتمام بإيصال الرواية الفلسطينية للإعلام الدولي وتفنيد دعاية الاحتلال وربط الحالة الثورية بحلم العودة وحماية المقدسات.
بدوره، ذكر رئيس منتدى الإعلاميين الفلسطينيين د. خضر الجمالي أن مؤتمر "دور الإعلام المحلي والدولي في إسناد الحالة الثورية في الضفة الغربية" يأتي في سياق الاهتمام بالقضايا الوطنية، قائلا: "نسعى في منتدى الإعلاميين الفلسطينيين لتعزيز الأداء الإعلامي الفلسطيني بما يرتقي لمستوى التحديات الراهنة ويتصدى لآلة الدعاية (الإسرائيلية) الساعية لتشويه النضال الوطني الفلسطيني".
وأشار إلى أهمية الإعلام في فضح وجه الاحتلال وتعريته أمام المجتمع الدولي، مبيناً أن نجاح الإعلام الفلسطيني بذلك سبب رئيس لاستهدافه من الاحتلال بمختلف الأشكال ومنها اغتيال أيقونة الصحافة الفلسطينية شيرين أبو عاقلة والزميلة غفران وراسنة والصحفي نضال اغبارية.
غياب التغطية الشاملة
من جانبه، سلط رئيس قسم الصحافة في الجامعة الإسلامية د. وائل المناعمة الضوء على تفاعل الإعلام الرسمي مع الحالة الثورية في الضفة، مشيراً إلى غياب التغطية الإعلامية الرسمية الشاملة لمختلف فعاليات وأحداث ثورة الضفة، وضعف الحوارات الصحفية مع ذوي الشهداء والأسرى في الضفة الغربية نتيجة مقاومة الاحتلال.
وقال:" لا تتصدر أخبار ثورة الضفة وسائل الإعلام الفلسطيني الرسمي، وهناك تراجع باستخدام العناصر التيبوغرافية مع أخبار ثورة الضفة".
ونوه إلى غياب الفنون الصحفية المختلفة مثل الحوار والتحقيق والمقال عن متابعة وتغطية ثورة الضفة في وسائل الإعلام الرسمي، موصياً بضرورة الاهتمام بالتغطية الإعلامية.
توظيف الكوادر المؤهلة
بدوره، تناول الكاتب الصحفي في مرصد الشرق الأوسط للأبحاث والدراسات الإعلامية بلندن، معتصم دلول، دور الإعلام الدولي في تسليط الضوء على الحالة الثورية في الضفة الغربية، مبيناً أن الإعلام العربي يتناول الأحداث في الضفة الغربية أو غيرها، كحدث مرحلي فقط، ينتهي الحديث عنه بانتهاء الحدث.
وفيما يخص الإعلام الغربي، أوضح أنه يتعاطى مع القضية الفلسطينية كنزاع بين طرفين متساويين في القوة والمكانة السياسية والحضور الدولي، ومواده الإعلامية تخلو تماماً من السياق التاريخي للقضية الفلسطينية وكذلك تخلو من السياق الميداني على أرض الواقع".
وأوصى الكاتب دلول بضرورة اهتمام الإعلام العربي بوضع المواطن العربي في صورة ما يعيشه الشعب الفلسطيني من معاناة في جميع المناطق الفلسطينية المحتلة، وتعزيز الدعم المالي والإداري للعاملين في المؤسسات الإعلامية الفلسطينية الداعمة للمقاومة، وكذلك العربية إن أمكن، مشيراً إلى ضرورة توظيف الكوادر الإعلامية ذات الكفاءة في وسائل الإعلام التنظيمية المختلفة والبعد عن التوظيف على قاعدة الواسطة والمحسوبية.
اغتيال رقمي
بدورها، استعرضت المختصة بالإعلام الرقمي آية أبو طاقية أبرز قيود منصات التواصل الاجتماعي على الرواية الفلسطينية، مبينة أن المحتوى الرقمي الفلسطيني يعاني قمعا ممنهجا، وحصارا غير مسبوق، وانحيازا للسردية المقابلة".
وأشار إلى توثيق مركز صدى سوشال أكثر من 125 حالة انتهاكٍ للمحتوى الفلسطيني، منهم 46 حذفا كاملا لحسابات وصفحات عن الفضاء الرقمي في شهر أكتوبر 2022 فقط، واصفة ذلك بأنه" اغتيال رقمي لمضامين المقاومة الفلسطينية العادلة".
ونوهت إلى خطابات الاحتلال للمؤسسات الدولية لفصل الصحفيين الذين ينشطون على مواقع التواصل الاجتماعي أو عقابهم، ومضت تقول: "الرواية الفلسطينية ضد الاحتلال أياً كان شكلها السلمي أو المسلح ممنوع أن تتواجد على مواقع هذه الشركات، لا بالكلمة ولا بالصورة ولا بمقاطع الفيديو، وهذا السلوك يساهم بشكل كبير في التغطية على الانتهاكات (الإسرائيلية) وتغييب رواية الضحايا الفلسطينيين، وينتهك بشكل فاضح حرية الفلسطينيين في التعبير عن قضاياهم وثوابتهم".
وتابعت: "إن اغتيال المنشور الفلسطيني لا يعني نهاية المطاف، بل يعني إعادة إحيائه، عبر إنشاء صفحات رئيسية وبديلة واحتياطية وإن تم تقييد وصولها، لكن الاستمرار في نشر الحدث الفلسطيني، بالذات من قلب الضفة الغربية هو مقاومة حية لا يمكن أن تزول.
وأوصت أبو طاقية باستخدام التطبيقات التي تعمل على تصفية المحتوى قبل نشره، ومنها أداة بال فلتر التي طورها المركز الشبابي الإعلامي لمساعدة المستخدمين على تجاوز مشكلات التقييد والحظر وملاحقة المحتوى. وشددت على ضرورة تفعيل الأدوات الدبلوماسية والقانونية لوقف التغول على الرواية الفلسطينية، وتطوير آليات مساءلة قانونية دولية بالتعاون مع دول وجهات شريكة.
تعظيم الاشتباك
من جانبه، شدد الحقوقي د. صلاح عبد العاطي رئيس الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني "حشد" على ضرورة الاستثمار الدولي للحالة الثورية في الضفة الغربية، مضيفاً أن الاعلام المحلي والعربي والدولي لعب دوراً في إسناد الفعل النضالي والموجة الانتفاضية في الضفة الغربية، وقد ساهم ذلك في دحض الرواية (الإسرائيلية) التي تحاول إثباتها بالصراع على هوية الأرض".
وقال:" الفعل النضالي على الأرض يساعد في ضمان تحريك المياه الراكدة وإيجاد اختراقات في دواليب اللاعبين السياسيين الإقليميين والدوليين للتأكيد على أحقية الشعب الفلسطيني في إنهاء الاحتلال وإقامة دولته مستقلة وعاصمتها القدس وتمسكه بباقي الحقوق الفلسطينية.
وأوضح أن الموجة الانتفاضية نجحت في إسناد الفعل الفلسطيني على كافة المستويات، وإعادة موضعة القضية الفلسطينية في العالم الذي يتجه نحو عالم متعدد الأقطاب، عدا عن أن تثمير هذا الفعل في حراك قانوني ودبلوماسي نجح في الحصول على جملة من القرارات الدولية وإدانات دولية للاحتلال (الإسرائيلي).
واستدرك:" لكن هذا الفعل يحتاج لإسناده على الأرض من خلال تبني استراتيجية وطنية تقوم على تعظيم الاشتباك الشعبي والدبلوماسي مع دولة الاحتلال وتدويل الصراع واستعادة الوحدة على أساس الشراكة وإعادة بناء المؤسسات الوطنية الفلسطينية والتحلل من التزامات اتفاقيات أوسلو، وعندها ستكون مفاعيل هذا الفعل واستثمار التضحيات الفلسطينيات أقدر على تحقيق مزيد من الإنجازات للشعب الفلسطيني".