قائد الطوفان قائد الطوفان

في الضفة..ملفات فساد تُفتح وتحقيقات تُطوى

فايز أيوب الشيخ

سرعان ما تراجع النائب العام في سلطة فتح أحمد المغني عن تصريحاته بشأن إخضاع شخصيات كبيرة في السلطة ووزراء حاليين برام الله للتحقيق ضمن نحو 80 ملف قضايا فساد تم تحويلها إلى هيئة مكافحة الفساد التي شكلها عباس قبل ستة أشهر.

ولم يعقب لـ"الرسالة نت" أعضاء في اللجنة المركزية والمجلس الثوري لحركة فتح، على ما أورده النائب العام ورفضوا الخوض في التفاصيل، ومن هؤلاء "نبيل شعث، محمود العالول، أمين مقبول وصبري صيدم".

رفع حصانة وزراء

أما رئيس هيئة مكافحة الفساد وعضو اللجنة المركزية السابق لحركة فتح رفيق النتشة فقد قال لـ"الرسالة نت": " حولت النيابة لنا نحو 70 ملف فساد كانت مخزونة في خزائنها لمدة من أربعة الى ستة أعوام"، مؤكداً أن هيئته بدأت بدراسة تلك الملفات كل ملف على حدة.

 وأوضح النتشة أنه بالرغم من النفي اللاحق الذي أورده المغني بخصوص تورط وزراء حاليين في حكومة فياض بملفات فساد، إلا أنهم في –هيئة مكافحة الفساد-طالبوا فياض برفع الحصانة الدبلوماسية عن أي وزير يثبت تورطه بقضايا فساد من هذا النوع، كما أوضح أنه لم يصلهم إلى الآن أي ملف يتعلق بالوزراء الحاليين، على حد قوله.

واشترط النتشة موافقة المحكمة العليا للإعلان عن الجهات والأشخاص المتورطين بقضايا الفساد قائلاً :"ممكن أن نعلن عن أسماء الجهات والأشخاص المتورطين بالفساد في حال قررت المحكمة العليا ذلك، لأننا لسنا الجهة التي تدين أو تبرئ، فنحن نجمع الحقائق ونقدمها للمحكمة".

وأضاف: حينما نتمكن في الهيئة من تحصيل أموال السلطة سنعيدها فوراً، لافتاً الى أنهم استطاعوا إعادة الملايين-دون تقديرها- إلى السلطة من الحقوق والأموال المهدورة بفعل الفساد ولا زالوا يتابعون الكثير من ملفات الأموال المهدورة، كما قال.

وفيما يتعلق بملف التحقيق الجاري مع "محمد دحلان"، أشار النتشة إلى أنه يتابع ذلك الملف من الأخبار فقط..!.

أهداف حزبية وسياسية

من ناحيته عبر الدكتور أحمد الخالدي وزير العدل سابقاً، عن خشيته من أن يكون إعلان أحمد المغني عن بعض قضايا الفساد المستشري في السلطة "إعلاناً جزئياً.. ويأتي خدمةً لأهداف حزبية وسياسية تعكس حالة الصراع السياسي والشخصي بين فئات وشرائح أو أشخاص حتى في التنظيم الواحد"، في إشارة إلى الصراع الأخير الدائر بين عباس ودحلان.

غير أن الخالدي لم يستبعد أيضاً في حديثه لـ"الرسالة نت"، أن يأتي الإعلان في هذه الظروف الحالية التي تشهد حراكاً شعبياً في الوطن العربي "كنوع من امتصاص الغضب الشعبي على الأحداث والجرائم والفساد المستشري في أجهزة السلطة بالضفة الغربية "، معتقداً أنه ربما استناداً إلى قرار سياسي في السابق تم طي هذه الملفات أو تأجيلها، وجاء اليوم موعد فتحها لاستيعاب ما يدور في أذهان الناس بعد الأحداث التي جرت في تونس، على حد قوله.

وانتقد الخالدي تدخل هيئة مكافحة الفساد في صميم عمل ليس من اختصاصها، مبيناً أنه كان  باستطاعة النائب العام الشروع مباشرة في التحقيق بقضايا الفساد دون الرجوع للهيئة المذكورة.

وقال الخالدي بحكم تجربته "الأصل بأن هذه الهيئة هي تبقى معاونة للنيابة، والمفترض أن النيابة إذا وصلها شكوى ، فعليها أن تشرع بالتحقيق وتُحيل من يثبت أنه ارتكب المخالفات والجرائم إلى المحاكمة، كما أن النيابة يفترض عليها أن تلتقط تقارير الفساد وتحرك لها الدعاوى الجنائية ضد من تنسب إليهم هذه الجرائم".

ولفت إلى أن لدى النائب العام ملفات فساد كثيرة كان قد أعلن عنها في السابق ولم يتخذ فيها أي إجراء، و كان من المفترض أن يتم التحقيق فيها وأن يُستدعى لها الأشخاص المتورطون.

ملفات المكدسة

ويعود الخبير القانوني الخالدي بذاكرته قليلاً، إلى ما كان قد أعلنه المغني في العام 2006عن فساد مالي واختلاس بقيمة 700 مليون دولار، ولكن سرعان ما عاد وتراجع بعدها عما أعلنه، مبرراً ذلك حينها بأنه التقى مع الشخص الذي نُسب له المبلغ المختلس، وما زال الصمت على هذا الملف الخطير سيد الموقف حتى الآن، كما ذكر الخالدي.

ولم يغفل الخالدي حق القانون في محاسبة الجميع من الوزير حتى العامل، حيث يمكن للنائب العام أن يطلب من رئيس الوزراء رفع الحصانة عن الوزراء مباشرة ويطلب من النيابة الشروع بالتحقيق معهم وإذا تمت إدانة أي منهم مع الأدلة فإنهم يحالون إلى المحاكمة.

وفيما يتعلق بالمختلسين الفارين من العدالة خارج البلاد، أكد الخالدي أنه يفترض على النائب العام إحالة الأمر إلى المحكمة التي تقوم بدورها بتكليف وزارة العدل بمخاطبة الأنتربول أو الدول المقيمين فيها هؤلاء الأشخاص لإلقاء القبض عليهم وتحويلهم للمحاكمة .

وكان المغنى أشار إلى وجود عقبات تعترض عمل الهيئة والنيابة، وهي وجود بعض المتهمين خارج فلسطين لاسيما في الأردن ومصر، ومنهم من يحمل الجنسية المزدوجة ويصعب استدعاؤه.

وكما الأنظمة العربية المجاورة والمحيطة تسابق الزمن لإنقاذ صورتها المشوهة عند شعوبها بعد انتفاضة تونس، تحاول "سلطة فتح" في الضفة الغربية من خلال فتحها لهذا "الملف الساخن"أن تنقذ نفسها من الغضب الشعبي على ظلمها وفسادها، وأن تروج بشكل أبو بآخر جزءاً تزعمه من النزاهة والشفافية في مكافحة الفساد المستشري لدى أجهزتها ومؤسساتها المختلفة.

 

البث المباشر