هي البلد الـ 33 المشاركة بالمونديال، كما تصفها الصحف البرازيلية، فهي الحاضرة الدائمة على طاولة المستديرة الكروية، هي الهتاف الحاضر في كل مباراة، هي الكوفية التي يرتديها مشجعون من كل بلاد العالم بموازاة أعلامهم المرفوعة، وهي الشعار المرفوع على أكتاف المشجعين من كل أنحاء العالم.
فلسطين الذي لم تغب عن خيال المشجعين العرب والعجم معا، حتى صرخ المراسلون العبريون، "هم لا يعترفون بنا، لا يوجد شيء اسمه (إسرائيل)"، لم يكن ذلك نابعا من مواقف شعوب ترفض التطبيع فحسب، بل أيضا من شعوب دول ظنّ الاحتلال أنه طبّع معها!
اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، هو يوم أقرته الأمم المتحدة للتعبير عن التضامن بشكل سنوي مع القضية الفلسطينية، يقف المونديال خير شاهد ودليل على حب الشعوب العربية والدولية أيضا مع القضية، فقد رصدت كاميرات القناة العبرية مشجعين ألمان يهتفون لفلسطين، ولم يكن بوسع المذيع سوى التعليق "حتى أنتم؟!"
واقع التضامن الدولي الذي حاول الاحتلال تزييفه بستار "الديانات الابراهيمية"، لم يكن سوى وهم تكتشفه قنوات الاحتلال ذاتها، حين رصدت على لسان مراسليها "للأسف لا يوجد تطبيع!"، ليجعل المشجع العربي التطبيع في مهب الريح أمام حقيقة التضامن مع القضية.
ونجحت معادلة "الكف بمواجهة المخرز!" ، في اثبات نفسها أمام الشعوب التي تنامى لديها محبة القضية الفلسطينية، بحسب مراقبين.
أوجه التضامن!
برزت وسائل التضامن في أوجه متعددة، كان أكثرها تأثيرا بحسب الأوساط السياسية والإعلامية العبرية، تلك التي نشطت في مجال المقاطعة، وما مثلته من خسائر فادحة على صعيد عزل الاحتلال اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا أيضا، حتى دفع الأخير لمطالبة دول غربية بفرض غرامات ومحاسبة هذه المؤسسات.
وتأسست الحركة العالمية لمقاطعة (إسرائيل) -التي تعرف اختصارا بـ "بي دي أس"- سنة 2005، على يد قوى مدنية فلسطينية، وهي تنسق أعمالها مع اللجنة الوطنية الفلسطينية لمقاطعة وفضح ومعاقبة (إسرائيل).
وبعد انتفاضة الأقصى ووفاة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، برزت الحركة العالمية لمقاطعة (إسرائيل) والحملة الفلسطينية للمقاطعة الأكاديمية والثقافية (لإسرائيل) التي تعرف اختصارا بـ "بي أ سي بي آي" التي انطلقت عام 2004، وصارت الحركتين بوصلة لحركة المقاطعة العالمية لإسرائيل.
ترى الحركة أن (إسرائيل) انتهكت لعقود طويلة حقوق الفلسطينيين المتمثلة في الحرية والمساواة والحكم الذاتي، وواجهت مطالبهم بالعنف والعنصرية والتطهير العرقي وتكريس الاستيطان وطرد أهل البلاد من أراضيهم.9
وتستهدف الحركة مقاطعة منتجات شركات (إسرائيلية) ودولية داعمة لها تحقق أرباحها على حساب حقوق الفلسطينيين الأساسية. ولا يقتصر مبدأ المقاطعة على المجال الاقتصادي، بل إن الحركة تركز أيضا على مقاطعة الأنشطة الرياضية والأكاديمية والفنية مع المحتل (الإسرائيلي). وبفضل جهود الحركة، رفض العديد من الفنانين والأكاديميين التعاون مع مبادرات (إسرائيلية) في مجالات مختلفة.
وتستند حركة المقاطعة إلى فكرة الاعتماد على التجمعات الفلسطينية في تعزيز دعوات التضامن، فهي ترى من وجهة نظر مؤسسيها أن توزيع الشعب الفلسطيني بالعالم يمكنه تشكيل سلاح ضاغط على الاحتلال لعزله.
القضية الأعظم!
وأكدّ د. مصطفى البرغوثي الأمين العام لحركة المبادرة، أن حملات التعاطف والتضامن مع الشعب الفلسطيني أصبحت أكثر اتساعا، مشيرا إلى أن حركة المقاطعة نجحت في ترك أثر كبير وأحدثت اختراقا مهما في مجال عزل الاحتلال وكشف عنصريته.
وقال البرغوثي لـ "الرسالة نت " إن أفضل شعار ليوم التضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني هو ما قاله المناضل الراحل نيلسون مانديلا بأن" قضية فلسطين هي قضية الانسانية الاخلاقية الاعظم في عصرنا".
ونبه إلى أن الجمع الناجح بين المقاومة والانتفاضة الشعبية مع حركات التضامن والمقاطعة العالمية من شأنه ان يؤثر بشكل فعال في تغيير ميزان القوى لصالح الشعب الفلسطيني كما انه يخلق ضغطا شعبيا على الحكومات لتغيير مواقفها لصالح الشعب الفلسطيني.
وشددّ البرغوثي على أن تعزيز التضامن مع شعبنا يتطلب إنهاء فوري للانقسام وتشكيل قيادة وطنية موحدة وحكومة وحدة وطنية، وإصلاحاً جذرياً شاملاً في السلطة، وسيادة القانون واستقلال القضاء.