غزة-لميس الهمص-الرسالة نت
في الطريق إلى ما بات يعرف بمدينة الأنفاق المتشابكة التي ترامت على مرمى العين بالقرب من الشريط الحدودي، كانت "الرسالة" تشق طريقها بين مداخل الأنفاق التي يتراوح عمقها ما بين ثلاثة عشر إلى عشرين مترا تحت الأرض، ويلف محيطها ألواح حديدية "زينقو" وغطي سقفها بأقمشة ونايلون أشبه بالدفيئات الزراعية.
في مدخل المدينة علت أصوات مولدات الكهرباء التي تعمل من خلالها الأنفاق، وكانت بعض الشاحنات تهم بنقل كميات البضائع التي نجح المهربون في إيصالها بسلام، فيما كانت جرافتان تحاولان العثور على جزء من النفق الذي انهار من منتصفه.
هناك ارتفعت التكتلات الرملية على جانب الأنفاق حيث يجمعها الحافرون أثناء شق النفق، فيما اتخذ عدد من الشبان فوقها مكانا للاستراحة يلتقطون أنفاسهم بعد رحلة شاقة في باطن الأرض.
الحركة في المكان كانت توصف بالمكوكية بعد إشاعات أطلقت عن تضييق مصري على المعابر والأنفاق لفشل المصالحة الأخيرة.
حملات مداهمة
وذكرت مصادر أمنية مصرية وشهود عيان في رفح المصرية أن المدينة تشهد حالياً حملات مداهمة غير مسبوقة تستهدف مخازن البضائع المتجهة إلى قطاع غزة.
وأضافت المصادر أنه تم خلال الأسبوعين الماضيين ضبط مخزنيْن ومصادرة بضائع متنوعة فيهما.
ونتيجة انتشار هذه الأنباء بدأ بعض المواطنين بتخزين بعض المواد الغذائية تخوفا من قيام السلطات المصرية بتدمير الأنفاق، فيما ذكر (ن.أ) وهو صاحب أحد الأنفاق لـ"الرسالة نت" إنه يحاول جلب أكبر كمية من البضائع فنفقه يعمل ليل نهار تحسبا لأي شيء قد تقوم به السلطات المصرية.
وأوضح أن منطقة الأنفاق بالرغم من القصف تشهد حركة غير معهودة فقد بدأ التجار بجلب كميات كبيرة من الوقود والسجائر خوفا من الضغط على حركة حماس عبر تدمير الأنفاق، مبينا أنه بالرغم من تلك الأقاويل إلا أن الجانب المصري المستفيد الأكبر من تلك الأنفاق وسيفكر مائة مرة قبل الإقدام على تدميرها.
في حين تحدث م.ح وهو أحد العاملين في الأنفاق أن قوات الاحتلال تقصف الأنفاق بشكل يومي فكثيرا ما تسمع سيارات الإسعاف والمطافئ تهرع للمنطقة إلى أن العمل داخل الأنفاق لازال يجري على قدم وساق ولم يتأثر بكل تلك الأحداث والانهيارات التي تحدث يوميا.
من جانب آخر يراود سكان القطاع الخوف على مصير معبر رفح المغلق منذ فترة، فقد اعتاد الغزيين على فتح المعبر لمدة ثلاثة أيام شهريا إلى أن ذلك لم يحدث حتى اللحظة.
هناء محمد والتي تنتظر معبر رفح بفارغ الصبر للخروج لزوجها قالت: "بعد الإعلان عن إمكانية فشل المصالحة أصبحت قلقة على مصير معبر رفح وخصوصا أن زوجي في انتظاري أنا وأبنائي في مصر".
كما أبدت تخوفها من زيادة التعقيدات على المعبر ومنع الطلبة والمرضى من السفر مما سيسبب ضياع مصالح العديدين ممن ينتظرون فتحه كالمعتاد.
أما أبو المعتصم فذكر أن دراسته بدأت في جمهورية مصر ولم يتمكن حتى اللحظة من مغادرة القطاع ويخشى أن يكون ما يشاع حول إغلاق المعبر للضغط به على حركة حماس صحيح عندها ستعقد الأمور وسيصعب حلها.
مخاوف
حالة من الخوف تنتاب الشارع الغزي حول مصري كل ما تسيطر عليه جمهورية مصر كونها لجأت من قبل لإغلاق معبر رفح لأشهر كما دمرت العديد من الأنفاق وملأتها بالغازات السامة في محاولة منها لتقليص عملها كما أنها تضيق الخناق منذ فترة على التجار المصريين الذين ينقلون البضائع لغزة.
وكانت منطقة الحدود المصرية مع قطاع غزة قد شهدت في أوقات سابقة زيارات مكثفة لوفود أمريكية وغربية بعضها سرية والأخرى معلنة، بهدف متابعة ومراقبة الجهود المصرية الجارية لمنع "تهريب" الأسلحة إلى القطاع عبر الأنفاق التي تمر من محيط معبر رفح إلى الجانب الفلسطيني، بحسب ما كشفت عنه مصادر أمنية مصرية معنية بالتنسيق لهذه الزيارات.
وتقوم هذه الوفود، خاصة ذات الطابع العسكري، بتفقد الحدود بدءا من معبر رفح، والتجول في أركانه بصحبة مسئولين مصريين، وتستكمل تحركاتها بالمضي سيرا مع طول الخط الحدودي، وصولا إلى ساحل البحر الأبيض المتوسط؛ لمشاهدة وتقييم عمل أجهزة تم تركيبها قبل نحو 3 أشهر للكشف عن الأنفاق، وإمكانية تطوير عمل هذه الأجهزة، وفق المصادر نفسها.
يذكر أن السلطات المصرية تغلق معبر رفح منذ التاسع عشر من أيلول/ سبتمبر الماضي بعد فتحه ثلاثة أيام سمح خلالها بعبور 5005 فلسطينيين بينهم 3338 باتجاه الأراضي المصرية و1667 في اتجاه غزة، كما تم إدخال نحو 135 طنا من المعونات الطبية.