الرسالة نت- شيماء مرزوق
مفاجئة من العيار الثقيل فجرتها حركتي فتح وحماس ليلة أمس من القاهرة بالتوقيع على اتفاق للمصالحة ينهي الخلاف بين الطرفين ويقضي بتشكيل حكومة وحدة وطنية تمهد للانتخابات بعد عام.
الخبر لم يفاجئ "اسرائيل" والولايات المتحدة والمجتمع الدولي فقط, وانما أذهل الفلسطينيين أنفسهم, لأن الحدث كان أكبر من التوقعات في الوقت الحالي والذي لم تظهر فيه اي بوادر لإنهاء الانقسام من الطرفين, اللذان كانا حتى مطلع الاسبوع الحالي يتبادلان الاتهامات ويشنان الحملات الاعلامية ضد بعضهما البعض.
الالتزام بالثوابت
المواطنة ريهام عبد الحميد "25 عاما " لم تخفي قلقها الكبير وخوفها من احتمال فشل هذا الاتفاق كما الاتفاقات السابقة قائلة "أتمنى ان تتم المصالحة بالفعل بين الطرفين وان يطبق هذا الاتفاق, لكن تجربتنا في هذا المجال مريرة, فقد وقع الطرفين من قبل اتفاقات عديدة لكنهم لم يطبقوا منها حرفاً واحداً".
وأضافت "الاتفاق جاء في ظروف غامضة ومفاجئة وهو ما يثير شكوكي حول جدية الحركتين في انهاء الانقسام", متسائلة لماذا وافقوا على المصالحة في هذا التوقيت بالذات؟", معتبرة ان الملف الامني وحده كفيل بالإطاحة بالاتفاق".
اما العامل محمد سعيد "45 عاما" فقد عبر عن فرحه الشديد بهذه الخطوة الهامة، مطالبا الفصائل الفلسطينية بان تتبرأ من كل الاجندات الخارجية والالتزام بثوابت الشعب الفلسطيني حتى لا يلقى الاتفاق مصير اتفاق مكة.
بينما اكدت الطالبة ريما ابراهيم ان الاتفاق كان مفاجئة كبيرة لها ولم تصدقه في البداية, لكنها عادت لتتأكد من الخبر من وسائل الاعلام التي كثفت الحديث عنه ليلة أمس الاربعاء.
وقالت "هذا الاتفاق خطوة مهمة لكل الفلسطينيين برغم انه كان مفاجئ للجميع", مضيفة "فرحتي لا توصف بهذا الخبر الذي كنت اتوق لسماعه منذ سنوات, وامل ان يبذل الطرفان كل جهدهما حتى يتم تطبيقه خاصة وأنه يرضي جميع الاطراف ويحل القضايا الخلافية العالقة".
واعتبرت ريما ان الثورات العربية كان لها اثر بالغ على قضية المصالحة وخاصة الثورة المصرية التي افرزت قيادة جديدة تضع القضية الفلسطينية على سلم اولوياتها, موضحة ان "اسرائيل" هي الخاسر الاكبر من هذه المصالحة وانها ستحاول عرقلتها.
من جانبها، عبرت الطالبة هداية الصعيدي عن تشاؤمها من قضية المصالحة بسبب الاتفاقات العديدة التي وقعها الطرفان ولم يطبقاها. وقالت "الصراع بين الطرفين هو صراع أيديولوجي وفكري وكل منهما له منهجه الخاص البعيد كل البعد عن منهج الطرف الاخر ومن الصعب ان يلتقيا في منتصف طريق", معتبرة ان البرنامج السياسي لحكومة الوحدة عقبة كبيرة يصعب تجاوزها.
بدوره، تساءل المواطن أحمد سعد 30 عاماً عن امكانية صمود السلطة في وجه الضغوط الامريكية لرفض للمصالحة خاصة وانها ستوقف دعمها المالي لها ؟
وينتظر الفلسطينيون في قطاع غزة بترقب الخطوات العملية لإعلان المصالحة وإنهاء القضايا الخلافية التي علقت بين "فتح وحماس" منذ ما يزيد عن أربعة أعوام.
توقعات صهيونية
"اسرائيل" التي تفاجئت بخبر التوقيع على اتفاق مصالحة لم يروق لها مشهد القيادات الفتحاوية والحمساوية وهي تقف متجاورة في المؤتمر الصحفي الذي عقد في القاهرة أمس لإعلان انهاء الانقسام بين الطرفين, وسارعت الى تحذير وتهديد فتح من الاتفاق مع حماس, وبأنها تتجاوز الخطوط الحمراء بهذا التوقيع.
لكن الخبراء الصهاينة الذين اعتبروا ان المصالحة حدث تاريخي, اعطوا بعض التطمينات للقيادة الاسرائيلية من خلال الحديث عن ان الفجوة عميقة جداً بين "فتح وحماس", وأن الاتفاق لن يصمد طويلا
، لكنهم حذروا من وضع جديد سيضطر العالم معه إلى الاعتراف بدولة فلسطينية تحت إدارة حماس .
ورأى خبراء آخرون ان المصالحة التاريخية ستلقى دعما دوليا مما سيلين موقف حماس وبالتالي ستفتح الطريق أمام انطلاقة في مفاوضات السلام.
وتبقى قضية المصالحة حلم يراود جميع الفلسطينيين مهما اختلفوا او اجتمعوا عليها, وان كان التشاؤم ما زال يسيطر عليهم بسبب انعدام الثقة في المتحاورين الذين وقعوا كثيراً ولم ينفذوا.