تهدأ كل القلوب إلا قلب جنين، فها هي تعيش من جديد ليلة قاسية، في واقع أصبح فيه كل ليل قاسيا في الضفة الغربية، وكأن الاحتلال يصب نيران غضبه وتوجسه على جنين مركز المقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية.
وفجرا، أعلنت وزارة الصحة عن استشهاد ثلاثة مواطنين وإصابة آخرين برصاص جنود الاحتلال، بعد اقتحام أكثر من عشر مدرعات تحمل عشرات الجنود إلى ساحات المدينة ومخيمها، بينما قالت مصادر إعلامية إن الجنود اعتقلوا ثلاثة شبان، ضابط أمن وأسيرا محررا وشابا من المخيم، وقد كان الاقتحام لأجل ذلك.
تتسلل القوات الخاصة إلى المدينة والمخيم كل ليلة، وتنشر القناصة على أسطح البنايات، وتطلق النار عشوائيا، ورغم ذلك يهب أهالي جنين شبابها ورجالها للدفاع عن المدينة والوقوف أمام نوايا الاحتلال الخبيثة، وجرافاتها التي تصدرت المشهد، تهدم في طريقها كل ما يعيقها عن دخول أزقة المخيم.
المسعف غسان السعدي كان شاهدا في المكان، وقال إن الاحتلال كان في قمة همجيته الليلة الماضية، يتقصد الضرب في الوجه وإطلاق النيران على الرأس: "كان إطلاق النار مكثفا، وخرجنا بسيارات الإسعاف".
ويكمل السعدي: "الشهداء كانوا مواطنين عاديين، منهم من هو خارج من صلاته، أو ذاهب لعمله، وقد قابلتهم مدرعات الاحتلال فأعدمتهم بدم بارد".
ويلفت إلى أن الاحتلال منع الطواقم الطبية، موضحا أنهم استطاعوا في البداية انتشال شهيدين، فيما "بقي شهيد واحد على قارعة الطريق، ومع ازدحام إطلاق النار لم ينتبه له أحد، وتحت زخات الرصاص حاولت انتشاله ولكن الاحتلال أنزل القناصة من فوق الأسطح لمنعي".
ونشر جيش الاحتلال عبر تويتر مقطع فيديو وصورا لاقتحام مناطق بالضفة الغربية ومدينة جنين، وقال إنه اعتقل 15 فلسطينيا من الضفة الغربية بينهم 3 من شباب المخيم وصفهم بأنهم ضالعون في عمليات، واستطاع مصادرة أسلحة من بيوت المواطنين.
ولكن المعلومة الأهم أن هيئة البث (الإسرائيلية) أعلنت أن جيش الاحتلال يحقق في تقارير عن سقوط خرائط عسكرية حساسة كانت بحوزة جنوده في جنين.
ويروي الإعلامي عدنان صباح المحلل السياسي ورئيس مركز جنين للإعلام ما حدث بأنه بدأ بدخول جيش الاحتلال إلى المدينة مع ساعات الفجر الأولى في عملية استمرت ثلاث ساعات وكان الاحتلال فيها يقتل ويضرب بطريقة عشوائية وعنيفة بحجة البحث عن مطلوبين.
ويرى صباح أن الأوضاع في جنين على وشك الانفجار فهي تزداد تصاعدا، ويومية تقريبا، ولا يمضي يوم من دون مواجهات وشهداء وجرحى.
ويقول: "الاحتلال غير معني بعملية واسعة النطاق في مخيم جنين لأنه لا يريد أن يعيد تجربة 2002 ولكن تجاربه اليومية فاشلة ولا تمر بسهولة، لأن استعدادات الاشتباك من الأهالي دائما أيضا في ازدياد وصمود.
ويخشى الاحتلال من تصاعد الأوضاع وانتقالها إلى أماكن أخرى خارج جنين، أو إلى غزة، فهو معني ببقاء الأوضاع محصورة داخل جنين، لذلك تتجدد الاشتباكات يوما بعد يوم داخل المدينة والمخيم حسب قول صاح.
يبدو أن كابوس اغتيال المدينة الصامدة ومخيمها لن ينتهي مع نهاية هذا العام، فكلما زادت الاقتحامات زاد صمود الأهالي، حيث تتمركز معظم المواجهات في جنين ونابلس، بحجة ملاحقة مطلوبين حسب تصريحات الاحتلال.
تقول الإحصائيات إن عدد الشهداء ارتفع منذ بداية العام الجاري إلى 216، بينهم 164 في الضفة الغربية، و52 في قطاع غزة.