تجار ومختصون: الاغلاق يهدد مجمل الاقتصاد الفلسطيني
الرسالة نت-ديانا طبيل
لا زال الاقتصاد الفلسطيني وخصوصا في قطاع غزة المحاصر للعام الخامس على التوالي يتلقى صفعات متتالية من دولة الكيان منذ بدأت الانتفاضة الفلسطينية وجمعيها هادمة، اخرها كان بعد اعلان "اسرائيل" إغلاق معبر المنطار "كارني" شرق غزة كلياً اعتباراً من نهاية الشهر الحالي، ونقل العمل إلى معبر كرم أبو سالم واعتماده كمعبر تجاري وحيد للقطاع.
ونقلت مصادر صحفية عن مصادر وصفتها بـ"موثوقة رفيعة المستوى فضلت عدم الإشارة إلى هويتها" أن "اجتماعًا عقد بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي في فندق دان في "تل أبيب" مساء 27 من الشهر الماضي، تم الاتفاق خلاله على اغلاق المنطار واعتماد أبو سالم.
ممثلو القطاع الخاص والتجار وصفوا قرار الاغلاق بالكارثي، لأنه سيدمر ما تبقي من أنشطة غزة الانتاجية وسيزيد من فعالية الحصار، مؤكدين أن الطاقة الإنتاجية لمعبر أبو سالم لا تكفى لتوريد كافة احتياجات القطاع من القمح والحبوب والوقود والبضائع والمواد الغذائية والأدوية والشاحنات الاغاثية.
مزيدا من الغلاء
ويعد "المنطار" المعبر الوحيد المجهز بكافة المعدات وأدوات الفحص والبنية التحتية اللازمة لانسياب مختلف البضائع والسلع الخفيفة والثقيلة، فضلاً عن موقعه الجغرافي في شرق مدينة غزة وقربه من المنطقة الصناعية التي أقيمت بمحاذاة المعبر لتسهيل أعمال عشرات المصانع التي كانت تصدر منتجاتها مباشرة إلى الخارج.
ويشتمل المعبر على 34 بوابة "خانة" لتسهيل حركة الصادرات والواردات من وإلى القطاع ، وبلغت أقصى طاقة استيعابية " لكارني " نحو 850 شاحنة يومياً منها 750 شاحنة واردة و100 شاحنة صادرة، وكان معدل نشاطه اليومي يقدر باستيراد حمولة 450 شاحنة وتصدير نحو 70 شاحنة يومياً وذلك على مدار ساعات عمل المعبر التي كانت تمتد من الساعة الثامنة صباحاً وحتى العاشرة ليلاً.
أبو وسيم حرز الله "55 عاما " تاجر حبوب وأعلاف يقول لـ"الرسالة نت" :إغلاق المنطار وتحويل العمل إلى "أبو سالم" كارثة جديدة تضاف إلى سلسة الكوارث التي يتلقاها التجار الفلسطينيين منذ بدء الحصار المشدد على القطاع.
ويضيف:" إغلاق المعبر يعنى ارتفاع تكاليف النقل، مما سيدفعنا إلى رفع الأسعار من اجل تحقيق نسبة من الربح المطلوب، علما بان أسعار الحبوب والقمح باتت مرتفعة بفعل التغيرات العالمية والارتفاع الجنوني بالأسعار.
وتابع:" أوضاع القطاع ستزداد سوءً في الأشهر المقبلة إذا تم تنفيذ القرار، فالطاقة التشغيلية لـ" كرم أبو سالم" لا تكفى لتغطية احتياجات السوق، إضافة إلى أن الجميع سيصبح مضطر إلى دفع المزيد من الرسوم والمبالغ التشغيلية من اجل استقبال البضائع.
جريمة جديدة
في حين ينظر التاجر أبو العبد الشرفا "66 عاما" إلى قرار الاحتلال، بعين القلق والخسارة ويعتبره مزيد من تشديد الحصار غزة بالصورة، لا سيما وان إغلاق كارني سبقه إغلاق عدد من المعابر الأخرى التي كانت تستخدم لبضائع مختلفة.
ويقول :"المنطار هو رئة غزة الكبيرة، وإغلاقه سيؤدي إلى قطع الاوكسجين عن سكان القطاع ، وبالتالي ستشهد الأيام القادمة ارتفاع طفيف في أسعار البضائع.
بينما، يؤكد علي الحايك نائب رئيس الاتحاد العام للصناعات، أن قرار اغلاق المنطار، من شأنه أن يدمر ما تبقى من اقتصاد غزة، مطالباً رام الله وكافة الأطراف ذات العلاقة برفض هذا القرار والعمل على إيقافه.
ونوه إلى أن معبر أبو سالم غير مجهز لتلبية احتياجات غزة ولا يتمتع بالإمكانات والتجهيزات التي كانت متوفرة في معبر المنطار، واصفاً إغلاق المعبر الأخير بأنه كارثة اقتصادية وإنسانية.
من جانبه، اعتبر الخبير في الشئون الاقتصادية عمر شعبان، إغلاق كارني بشكل نهائي والاعتماد فقط على أبو سالم له آثار سلبية في مجال الأسعار والبنية التحتية.
وقال:" وجود معبر أبو سالم في أطراف جنوب القطاع يزيد من تكاليف نقل السلع والبضائع، وبالتالي رفع أسعارها أمام المستهلكين، علاوة على أنه سيؤدي إلى ازدحام مروري مستمر في شارع صلاح الدين الواصل بين جنوب القطاع وشماله.
فيما يري الخبير في الشئون الاقتصادية، د. معين رجب أن إغلاق "المنطار" سيزيد من حالة الاختناق التي يعيشها القطاع، محذراً من الآثار الكارثية المترتبة على هذا القرار.
وأضاف:" الاعتماد على معبر واحد سيشكل خطورة كبيرة ، فمعبر أبو سالم لا يتسع لإدخال جميع احتياجات القطاع المحاصر ، لأن تجهيزاته ليست بمستوى تجهيزات "كارني" ، مما يعنى مزيد من الاختناقات وتكدس البضائع على الجانب الصهيوني مما قد يعرضها للتلف، وزيادة تكلفة نقلها وزيادة فترة تخزينها.
من جهته، أكد المهندس حاتم عويضة مدير مكتب وزير الاقتصاد الفلسطيني ، أن معبر كرم أبو سالم، غير مهيأ بالمطلق لاستيعاب حاجات غزة, حيث أن طاقته الاستيعابية لا تتجاوز 200 شاحنة حاليا, كما أنه يخضع للسيطرة الصهيونية الكاملة، محذراً من العواقب الكارثية المترتبة على إغلاق المنطار نهاية الشهر الحالي.
وقال:" موافقة رام الله على هذا القرار دون دراسة، سيزيد أوضاع القطاع سوءً، معتبرا موافقتها" جريمة جديدة تقترفها بحق أهالي غزة .
ويذكر أن قوات الاحتلال اغلقت في الثاني عشر من أيلول العام 2008 معبر "صوفا" الذي كان مخصصاً لتزويد القطاع بالحصمة وبعض مواد البناء ، وفي الأول من شهر كانون الثاني من العام الماضي أغلق الاحتلال كلياً معبر الشجاعية "ناحل عوز" الذي كان مخصصاً لتزويد غزة بمختلف مشتقات الوقود، واعتباراً من شهر تشرين الأول الماضي خفض العمل في المعبر المنطار التجاري لمدة يوم واحد فقط لإدخال الحبوب والأعلاف واليوم الآخر لإدخال الحصمة تمهيداً لإغلاقه كلياً.