تزداد المطالبات المتطرفة لتكثيف اقتحامات المسجد الأقصى بشكل مختلف هذه المرة في ظل تشكيل الحكومة (الإسرائيلية) برئاسة الأحزاب الدينية المتطرفة التي تنادي بزيادة الاقتحام فيما يسمى عيد الأنوار العبري في الثامن عشر من الشهر الجاري.
وتشكل الطقوس الدينية مناخا مناسبا لتنفيذ الحكومة (الإسرائيلية) والمنظمات اليمينية الداعمة لها عمليات تهويد ممنهجة في القدس تطال المسجد الأقصى المبارك بكامل مساحته.
ولا يعد عيد الأنوار من الأعياد التوراتية الأصيلة ويحتفى به إحياء لذكرى تدشين وبناء الهيكل الثاني المزعوم في مدينة القدس سنة 164 قبل الميلاد، وتشير الرواية اليهودية المضللة إلى أن عددا من اليهود كانوا يهمون لإعادة إشعال الزيت في الشمعدان السباعي (المينورا)، لم يكن قد بقي من الزيت سوى ما يكفي لإشعاله يوما واحدا فقط، غير أن هذه الكمية الضئيلة من الزيت، وبفضل معجزة -حسب زعمهم- استمرت لمدة الأيام الثمانية المطلوبة حتى موعد عصر الزيتون.
وذكرت مصادر إعلامية عبرية أن هناك اجتماعات بين الأحزاب المشكلة للحكومة وشرطة الاحتلال لتأمين الاقتحامات وزيادة عدد المقتحمين، وطلب المستوطنون من الشرطة السماح لهم بإدخال الشمعدان وإضاءة شموعه داخل باحات المسجد.
وحذر خطيب المسجد الأقصى د. عكرمة صبري من مخططات ومساعي المستوطنين لاقتحام المسجد الأقصى المبارك، مشيرا إلى أنه ليس من باب المصادفة أن تضاعف شرطة الاحتلال أوامر الإبعاد والاعتقال بحق المرابطين والمصلين وحتى موظفي الأوقاف وذلك بهدف إخلاء المسجد الأقصى وتأمين الاقتحام.
بدوره قال الكاتب المختص بقضايا القدس زياد ابحيص: "تصاحب هذا العيد رقصات ليلية وابتهاج وعزف بالموسيقى واستذكار لنشوة "النصر المكابي" على العدو، وتشمل الاحتفالات شتم الأعداء بوصفهم "كلابا".
ويضيف: "يتخذ الاحتلال من العيد استعراضاً للتفوق القومي اليهودي، ويحاول إظهار ارتباطه بالمسجد الأقصى الذي يستهدفه اليمين الصهيوني اليوم بأجندة إحلال ديني تتطلع إلى إزالته من الوجود وإلى تأسيس المعبد الثالث المزعوم في مكانه وعلى كامل مساحته".
ويرى ابحيص أن تقاطع هذا العيد مع الكريسماس المسيحي يدفع اليهود حول العالم وفي فلسطين للمبالغة في أهميته الدينية تكريساً لفكرة التراث المسيحي-اليهودي المشترك.
ويذكر ابحيص أنه منذ عام 2017 نقلت جماعات المعبد المتطرفة احتفالاتها في هذا العيد العبري من ساحة البراق إلى ساحة الغزالي أمام باب الأسباط وباتت تشعل الشمعدان ملاصقاً لباب الأسباط في كل ليلة، متطلعة إلى يوم قريب تتمكن فيه من فرض إشعال الشمعدان داخل الأقصى بأي شكلٍ من الأشكال.
وبين أن المستوطنين ينتشرون في رقصاتهم واحتفالاتهم الليلية على جميع أبواب المسجد ليلاً، كما حاولوا في عام 2021 أن يشعلوا مجسماً تعويضياً للشمعدان داخل الأقصى، وهو ما يتوقع ابحيص أن يتكرر ويتصاعد هذا العام.
وينوه إلى أن تصعيد المستوطنين العدوان على الأقصى هذا العام يمكن أن يتجاوز كل الحدود السابقة، مستفيدين من تطورين مهمين لصالحهم في الشهور الماضية الأول التكتيك الذي طورته جماعات المعبد في العام الماضي باستباق كل اقتحام مركزي باجتماعٍ مع قيادة الشرطة الصهيونية بمختلف مستوياتها للمطالبة بتوسيع مساحة عدوان المقتحمين خلال الاقتحام.
وبين أن تلك اللقاءات تثمر احتضاناً أكبر من شرطة الاحتلال لهم، وغضاً للطرف عن اعتداءات تعلن رسمياً أنها ترفضها إلا أنها تتعاون ضمنياً في تمريرها مثل نفخ البوق في الأقصى وإدخال ثمار العرش إليه.
أما التطور الثاني فهو الاتفاق الذي سيعين بموجبه إيتمار بن غفير وزيراً "للأمن القومي" بصلاحيات موسعة، في القلب منها إشرافه على قواعد اقتحام المسجد الأقصى المبارك، وهو المنتمي إلى جماعات المعبد المتطرفة.