قائد الطوفان قائد الطوفان

حركة حماس في الضفة الغربية .. تصاعد القوة

أ. أَسعد بدوي

منذ انطلاق حركة المقاومة الإسلامية حماس عام 1987 وهي تسعى لمد مقاومتها لكافة الأراضي المحتلة، ورغم التحديات الكثيرة التي جابهتها في هذا المسار إلا أنها استطاعت وفي زمن قياسي أن تكون حاضرة في ميدان المقاومة للاحتلال الإسرائيلي، ورغم أن الانطلاقة كانت من قطاع غزة لكن جذوة المشروع المقاوم المبدئي من الاحتلال الإسرائيلي كان أسرع من عقارب الساعة في امتداد ثقل وشعبية الحركة في الضفة الغربية.

واليوم مع الوجود القوى للحركة ونشاطها هناك تُبدي اسرائيل قلق واضح للعيان من تنامي نفوذ حركة المقاومة الإسلامية حماس في الضفة الغربية، وهو ما عبر عنه مسئولين إسرائيليين تباعاً، فقد صرح للصحافة في وقت سابقا رام بن باراك، رئيس لجنة الشؤون الخارجية والدفاع في الكنيست، في تصريح صحفي، إن "حماس تحاول تصعيد الوضع في الضفة الغربية".                                                          

وأردف قائلا على الرغم أنها تحكم قطاع غزة منذ عام 2007، إلا أنها تتمتع بحضور قوي في الضفة الغربية، التي تديرها السلطة الفلسطينية وأبرز فصيلها، فتح.

وتطرح صحيفة TheArabWeekly الصادرة في لندن وجهة نظر مفادها أن الأجهزة الأمنية في الضفة الغربية غير قادرة على السيطرة على عناصر حماس في المناطق الواقعة تحت سلطتها. وتقول إن هذا يربك حسابات السلطة الفلسطينية في سعيها لاستئناف مفاوضات السلام مع إسرائيل.

وبهذا الصدد يتحدث المسئولين الاسرائيليين عن مشكلة أمام هذا الواقع أنه من غير الممكن استئناف مفاوضات السلام الفلسطينية الإسرائيلية بينما تظل المناطق خارج سيطرة السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة.

حركة حماس اليوم ستستمر في تقدم دورها المقاوم في الضفة الغربية رغم تعقيداته الواقعية، فمن ناحية هناك الأجهزة الأمنية للسلطة الفلسطينية المكبلة بشروط التنسيق الأمني، إضافة إلى العدوان المتزايد لدوريات الجيش الإسرائيلي في مدن الضفة الغربية خاصة جنين ونابلس والخليل وجميعها توجد فيها قاعدة صلبة للحركة.

ويتزايد الاهتمام الإقليمي بحيثيات الظروف والاحداث في الضفة الغربية فالأردن الحليف الأقوى للسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية لديها حساباتها تجاه أي تنامي لقوة حركة حماس هناك، من حيث تأثيره على دور ومكانة حركة فتح وسيطرة السلطة على مجريات الأمور في الضفة الغربية.

ولا تبتعد حسابات الجهات الدولية الفاعلة عن تلك المحددات خاصة مع تنامي السخط الشعبي لدور السلطة الفلسطينية في ظل التوغل الإسرائيلي المتكرر وحملات الاعتقالات والاغتيالات المتزايدة من الجيش الإسرائيلي، إضافة إلى التراجع في مؤشرات الاقتصاد والغلاء وتراجع القدرة الشرائية وتنامي حالة النفور بين المواطن والحكومة.

وفقًا للمحللين، فإن دور حركة حماس المتزايد في الضفة الغربية، يشكل أيضًا تحديًا لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، ولهذه القضية أبعاد أخرى تدخل في الحسابات الإسرائيلية، وتتعلق بسؤال المستقبل، فهي من ناحية لديها مشكلة قطاع غزة الخارجة عن سيطرتها، وفي الضفة الغربية تنامي في قوة حركة حماس ويقابله تراجع في قوة وسيطرة أجهزة السلطة الفلسطينية الأمنية على الحركة.

وهذا ما دفع رئيس جهاز الأمن العام (الشاباك) الإسرائيلي رونين بار مؤخرا توجيه تهديده الى قائد الحركة في قطاع غزة يحيى السنوار، بالتوقف عن تشجيع الهجمات ضد إسرائيل ومحاولة إشعال الوضع في الضفة الغربية. ملوحاَ أن الوضع في غزة لا يمكن أن يظل هادئا بينما تقوم حماس بإشعال الضفة الغربية.

 

عوامل ومؤشرات القوة لحركة حماس:

أولا: قوة الردع العسكري لكتائب القسام

رصدت دراسة لـ "معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى "مستوى التطور لدى كتائب القسام وأوضحت أنه بينما اشتبكت حماس والجيش الإسرائيلي عدة مرات من قبل، مع حدوث بعض الاشتباكات على نطاق واسع إلى حد ما، قدمت معركة (الرصاص المصبوب) عام 2008 اختبارًا حقيقيًا لكيفية تطور قدرات حماس العسكرية منذ انسحاب الجيش الإسرائيلي من غزة.

على مدرا عدة حروب شنتها قوات الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة برز التأثير الفاعل للقوة الصاروخية لكتائب عز الدين القسام أفقيا وعموديا على حد السواء، كمعادل استراتيجي لآلة التدمير الإسرائيلية، ورغم تفوقها في قوة التدمير لكن هناك بعد آخر مهم تمثل بضرب الوعي الجمعي في الجبهة الداخلية الإسرائيلية الذي تساوق لسنوات طويلة على قاعدة انحسار القوة العسكرية ليس الفلسطينية وحدها ومعها العربية أمام جبروت الآلة العسكرية الإسرائيلية.

وفي نفس السياق اشارت الدراسة سابقة الذكر لمعهد واشنطن ركزت استعدادات كتائب القسام على مجالين رئيسيين: زيادة قدرة قواته البرية على الدفاع ضد توغلات الجيش الإسرائيلي في غزة، وتحسين قدرة المنظمة على ضرب أهداف داخل إسرائيل من خلال توسيع قدرات سلاح المدفعية ... واعتمدت جهود حماس لضرب أهداف في إسرائيل على نظام كبير ومعقد.

 

ثانيا: توسع القاعدة الشعبية لحركة حماس

مثلت انتخابات جامعة بير زيت الأخيرة قبل عدة أشهر مؤشر لا يستهان به في تنامي القوة المجتمعية لحركة حماس في الضفة الغربية خاصة في أوساط النخب المجتمعية، وكانت الحركة بالأساس كسبت الكثير من التأييد والتعاطف من المواطنين الفلسطينيين حتى من غير المنتمين لها نظرا لمجابهتها المستمرة والفاعلة لقوات الاحتلال الإسرائيلي.

وبالسؤال عن تنامي قوة حماس في الضفة الغربية، فلا بد من الإشارة أولا أن الحركة حصلت على أكثر من اربعمائة وأربعين ألف صوت من أصوات مليون ناخب فلسطيني في انتخابات عام 2006، وبالتالي فإن الالتفاف الجماهيري تجاه الحركة قائم ومتزايدا لاعتبارات متعددة، دينية وعسكرية وسياسية واقتصادية واجتماعية.

فيذهب مثلا كل من ميلتون إدوارد أستاذ العلوم السياسة في جامعة كوينز بالفاست، وستيفن فاريل مراسل صحيفة نيويورك تايمز إلى وجهة النظر القائلة أن سبب نجاح الحركة في المزيج المحسوب من العمل الاجتماعي والكفاح المسلح والنقاء الداخلي المعلن. ويتفقان أن حركة حماس تتقدم بصفتها فاعلًا فلسطينيًا اجتماعيًا.

يلخص ميلتون إدواردز وفاريل فكرتهم أن حماس مهما كانت نواياها ومسار التنمية المقصود، هي ممثل راسخ على الساحة الفلسطينية المحلية. إنه مدمج بعمق في جميع جوانب الحياة الفلسطينية، بحيث يصعب الخروج بأي مخرج من المأزق الحالي دون مشاركته.

وعززت الحركة دورها الفاعل على الصعيد الجماهيري، حيث يمتد دور الحركة لكافة المفاصل الجغرافية في الضفة الغربية خاصة الاستراتيجية منها، إضافة إلى الحاضنة الشعبية القوية له، وحلفاء أقوياء محليا، وإقليميا كما استطاع أن يفرض تواجدا سيسيولوجيا في القضايا الحيوية بدءا من رياض الأطفال وحتى مشاريع الإغاثة بكافة اشكالها والصحة والتعليم والرياضة والترفيه وغيرها.

 

ثالثا: حضور نموذج حركة حماس المقاوم

   وقاد حضورها الفاعل في القدس وعلى أرض المواجهة عبر دعمها واسنادها للمرابطين رصيدا إضافيا منحها ثقة المواطن الفلسطيني هناك، وأدى هذا الحضور إلى التساؤل الوجيه عن تأثيرها على قوة الحركة، وفي هذا الصدد يمكن الوقوف على أكثر من اعتبار لتحليل أفق ذلك التنامي والمتسارع لقوة وحضور الحركة في الضفة الغربية في الوقت الراهن.

وعلى صعيد الروح الجهادية بات واضحا وفقا لرسائل من بعض الشهداء الذين نفذوا عمليات مقاومة والأساليب التي يلجئون اليها أن المقاومين وإن كان بعضهم ينفذون عملياتهم بشكل فردي لكنهم يستندون إلى روح المقاومة التي بثتها الحركة على مدار عقود طويلة خاصة في السنوات الأخيرة مع مواجهة الحروب العدوانية المتتالية على قطاع غزة، وتصاعد أداء كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس على الأرض من خلال العديد من العمليات النوعية ضد الجيش الإسرائيلي.

 

الهوامش

 

  1. Growing presence of Hamas in West Bank challenges Abbas, worries Israel, hearabweekly.com, 28/09/2021.
  2. Hamas: The Islamic Resistance Movement, Reviewe: Veronika Prochazkova, Central European Journal of International and Security Studies, Publisher: Polity Press, 2010.

www.cejiss.org/hamas-the-islamic-resistance-movement.

 

  1. احمد ملحم، إسرائيل تهدد غزة وسط تصعيد في الضفة الغربية، موقع المونيتور الاخباري، 30/9/2022. www.al-monitor.com
  2. Yoram Cohen and Jeffrey White, Hamas in Combat The Military Performance of the Palestinian Islamic Resistance Movement, The Washington Institute for Near East Policy, October 2009.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

البث المباشر