قائد الطوفان قائد الطوفان

حماس الإنسان!

الكاتب: الناشط طارق شمالي

آلافَ الأسرى والأسيراتِ سيُعانقونَ شمسَ الحريةِ في موطنِ كرامةٍ وفرحٍ؛ يُعَزُّ فيه الإنسانُ، ويُذَلُّ كلُّ من يسعى لإذلالِه وإهانتِه، هذه إنسانيةُ “حماس” التي انتصرَ لها شيخُها الشهيدُ، مُذْ قهرَ عجزُه وشلَلُه؛ فسبقَ الأصِحاءَ في عزمِه وثباتِه وعنفوانِه الثوريّ؛ وما زال رجالُه في ميدانِها ينتظرونَ بشغفٍ ابتسامةَ شيخِهم …لينتصروا!


حماس الإنسان!

رُبما كان الوصفُ الطبيعي لرجلٍ مشلولٍ؛ يتنقلُ عبرَ كُرسيٍّ متحرّكٍ؛ أنه معاقٌ يستحقُّ الشفقةَ؛ لكنَّ هذا الرجلَ المشلولَ _وبحَولِ اللهِ وقوّتِه_ قدْ انتصرَ بإرادتِه الفولاذيةِ لجوهرِ الإنسانِ في داخلِه، وزاحَمَ صفوفَ الأصِحاءِ فسَبقَهم، حملَ الفكرةَ في قلبِه؛ فانتفضتْ بها جوارحُه، لم يكنْ في المكانِ الذي يتواجدُ فيه الكبارُ وحسْب؛ بل كان في مقدّمةِ صفوفِهم، القائدَ والأبَ والمُلِهمَ والزعيمَ الروحيَّ للشيبِ والشبابِ!

الصورةُ السلبيةُ التي أخذَها الناسُ عنه كرجلٍ مُقعَدٍ _قيَّدَه الشللُ_ قدْ تغيَّرتْ، أصبحَ بِعزمِه وإرادتِه إنسانًا قويًّا بنَهجِه وفِكرِه وبندقيتِه، وأربعةِ حروفٍ قدْ شكّلتْ اسمَ حركتِه، التي أصبحَ العدوُّ يثيرُ شَفقةَ العالمِ كلِّه؛ وهو يسعَى عاجزًا لِكسرِها أو تَغييبِها، وقد بثَّ فيها شيخُها القعيدُ كلَّ الحركةِ والنشاطِ، وهي اليومَ تحتفي بعيدِ ميلادِها الخامسِ والثلاثينَ؛ وفيها من عزمِ وثباتِ وإرادةِ شيخِها “الياسين” ما فيها، وقد كان فيها النهجَ الصادقَ، والصدَقةَ الجاريةَ، والجيلَ الصالحَ الذي يدعو له!.

هذا الإنسانُ حينَ سُئلَ عن آلافِ الأسرى والأسيراتِ في سجونِ المحتلِّ الغاصبِ؛ ابتسمَ ابتسامةَ القائدِ الواثقِ وقالَ: ” إحنا بِدنا أولادنا يروحوا غصبًا عنهم “، لم ينتبِهْ العالمُ حينَها لإعاقتِه، ولا لِكُرسيِّهِ المتحرّكِ، ولم يشغلْهم عجزُه وشلَلُه والسؤالُ المشروعُ والمتوَقعُ ” هل يستطيع..!؟ ، وما لفتَ انتباهَ العالمِ حينَها أفعالُ جنودِه في ساحاتِ الوَغَى؛ الذين فهِموا ابتسامةَ شيخِهم فَبرُّوا بقَسمِه!

على مدارِ (35) عامًا، منذُ أسَّسَ الشيخُ الإنسانُ وثُلَّةٌ من رفاقِه ِالأوفياءِ حركةَ المقاومةِ الإسلاميةِ (حماس)، وحتى يومِنا هذا؛ نفَّذَ رجالُ الشيخِ الشهيدِ عشراتِ المحاولاتِ لأَسرِ الجنودِ الصهاينةِ؛ في سعيٍّ حثيثٍ لتحريرِ الأسرى من سجونِ العدوِّ، في ترجمةٍ واقعيةٍ وعمليةٍ لتصريحاتِ الشيخِ المتعلّقةِ بالأسرى؛ وهي القضيةُ التي شغلتْ بالَ المستوَى السياسيِّ والعسكريِّ في الحركةِ على مرِّ الأيامِ، وعلى رأيِ زعيمِهم الياسين ” اللي بينجحش اليوم بينجح بُكرا “، وقد تسلَّحوا بإصرارِ الإنسانِ لنُصرةِ أخيهِ الإنسانِ، فكيف وهذا الإنسانُ هو شريكُهم في الدِّين والوطنِ والقرابةِ والجيرةِ!؟، حتى كتبَ اللهُ لهم التوفيقَ في “صفقةِ وفاءِ الأحرارِ”، والتي تحرّرَ خلالَها مئاتُ الأسرى والأسيراتِ من سجونِ العدوِّ؛ مقابلَ الجنديِّ الصهيونيّ “جلعاد شاليط” في تشرين أول من العامِ (2011.(

هؤلاءِ الرجالُ أصابهم الحبُّ حدَّ الجنونِ؛ من شِدّةِ انتمائهم لإنسانيةِ قائدِهم؛ فحاولوا ذاتَ مرّةٍ أسرَ جنديٍّ من جيشِ الاحتلالِ من أمامِ بيتِ الإرهابي المجرمِ “أريئيل شارون”؛ رئيسِ وزراءِ العدوّ؛ِ حينَها ذُهِلَ العدوُّ من جرأتِهم وجنونِهم، قُتل الجنديُّ وآخَرُ؛ وانتهتْ المعركةُ حينَها؛ وشغفُ المحاولةِ لم ينتهِ بعدُ، فشكَّلوا خلايا ومجموعاتٍ خاصةً لأَسرِ الجنودِ الصهاينةِ؛ أطلقوا على إحداها ” شهداءُ من أجلِ الأسرى “، في تناغُمٍ واضحٍ وصريحٍ بينَ القولِ والفعلِ، وبينَ الوعدِ والوفاءِ به.

واليومَ في غمارِ احتفاءِ حركةِ المقاومةِ الإسلاميةِ “حماس” بالذكرى الخامسةِ والثلاثينَ لتأسيسِها؛ هناكَ (4) من أسرى العدوِّ؛ تأسِرُهم كتائبُ القسامِ_ الذراعُ العسكريةُ للحركةِ_؛ لأجلِ مهمةٍ إنسانيةٍ، إنْ كُتبَ لها النجاحُ بحَولِ اللهِ؛ فإنَّ آلافَ الأسرى والأسيراتِ سيُعانقونَ شمسَ الحريةِ في موطنِ كرامةٍ وفرحٍ؛ يُعَزُّ فيه الإنسانُ، ويُذَلُّ كلُّ من يسعى لإذلالِه وإهانتِه، هذه إنسانيةُ “حماس” التي انتصرَ لها شيخُها الشهيدُ، مُذْ قهرَ عجزُه وشلَلُه؛ فسبقَ الأصِحاءَ في عزمِه وثباتِه وعنفوانِه الثوريّ؛ وما زال رجالُه في ميدانِها ينتظرونَ بشغفٍ ابتسامةَ شيخِهم …لينتصروا!

البث المباشر