قائد الطوفان قائد الطوفان

انطلاقةُ “حماس” ال(35) أبجديِّاتُ التأسيسِ المستمرةِ

الكاتب: محمد شكري عبيد

 

تمرُّ ذِكرى الانطلاقةِ لفصائلِ المقاومةِ بِعُمومِها لنقطةِ ملاحَظةٍ ومقارنةٍ سنويةٍ على مستجدّاتِ الأهدافِ التي حقَّقتْها هذه الفصائلُ، وفي انطلاقةِ حركةِ “حماس” تتزاحمُ الملاحَظاتُ والمستجدّاتُ حولَ ما أنجزَتْهُ الحركةُ، وما قدَّمَتْهُ على أكثرَ من صعيدٍ، خاصةً على صعيدِ القضايا الوطنيةِ .

وعندَ ربْطِ التاريخِ بالحاضرِ والمستقبلِ؛ نرَى عِيانًا الأبجدياتِ التاريخيةَ التي ما زالت ماثِلةً لدَى حركةِ “حماس”، فرُوحُ المقاومةِ تصاعدتْ؛ بلْ وتميّزتْ وتطوّرتْ باختلافِ الوسائلِ والأساليبِ، أو بتَطوُّرِ القدرةِ على إدارةِ المعركةِ والصراعِ مع الاحتلالِ؛ بما يحافظُ على استدامةِ المواجهةِ وتصاعُدِها.

وعندَ الحديثِ عن تضحياتِ قادةِ “حماس”؛ فَهُمْ حاضرونَ بكُلِّ جنودِهم.. وما زالت “حماسُ” تعطي في ذلكَ دروسًا للعالمِ في التضحيةِ والفداءِ؛ فَثُلَّةُ القادةِ الذين ارتقَوا في السنةِ الأخيرةِ؛ (باسم عيسى، وجمال الزبدة، ورفاقُهم) كانوا برهانًا ودليلًا على الأبجدياتِ التاريخيةِ التي ظلّتْ حاضرةً منذُ انطلاقِ “حماس” وحتى انطلاقتِها ال ( 35).

وتطوّرتْ المقاومةُ على امتدادِ سنواتِ عُمرِ “حماس” في قُدرتِها على مراكمةِ القوةِ واستخدامِها بذكاءٍ، فارتِكازُ هذه القدراتِ على حاضنةٍ شعبيةٍ؛ ظهرتْ بشكلٍ أكثرَ وضوحًا في ساحاتِ المسجدِ الأقصى في معركةِ “سيفِ القدسِ”،حيثُ راياتِ “حماس” والهتافاتِ بأسماءِ قادتِها، التي حضرتْ بقوةٍ، وأثنَتْ على أولَويةِ “حماس” الأولى “القدسُ والمسجدُ الأقصى” .

وما زالتْ “حماس” تَعُدُّ أنَّ من أولَوياتِها تحريرَ الأسرى؛ مُستحضِرةً بذلكَ كلامَ شيخِها ومؤسِّسها؛ عندما قالَ :” إحنا بِدْنا أولادنا يروِّحوا غَصْبًا عنهم” فهي ما زالتْ مُتمتْرِسةً خلفَ شروطِها للإفراجِ عن الجنودِ المأسورينَ لدَيها، كما وَردَ على لسانِ قادتِها في أكثرَ من تصريحٍ حولَ قضيةِ الأسرى؛ بأنَّ الحركةَ لن تَترَدَّدَ في زيادةِ غلَّتِها من الجنودِ الأسرَى؛ للعملِ على تحقيقِ استراتيجيةِ الشيخِ “أحمد ياسين”؛ وبالثباتِ على خيارِ المقاومةِ على طاولاتِ العملِ السياسيِّ الإقليميِّ والدولي، واستطاعتْ “حماس” إحداثَ اختراقاتٍ مميَّزةٍ على هذا الصعيدِ؛ رغمَ بازاراتِ التطبيعِ التي تَفاقمتْ في المنطقةِ العربيةِ، فكانت العلاقاتُ السياسيةُ المتراكمةُ مع روسيا، وقطر، وتركيا، وإيران، وسوريا.

كما حافظتْ “حماس” على روحِ الثورةِ لدَى أبناءِ الشعبِ الفلسطينيّ، ودعمتْ في كلِّ المحطاتِ كلَّ حراكٍ يَعكِسُ حالةَ الالتفافِ حولَ المقاومةِ وخيارِها، وحولَ خيارِ المواجهةِ مع هذا الاحتلالِ، ورفضِ كلِّ الأعمالِ التي يُمكِنُ أنْ تصُبَّ في مصلحةِ هذا الاحتلالِ، فدَعمتْ “حماس” حالةَ المقاومةِ الفرديةِ في الضفةِ المحتلةِ؛ بلْ ورَفدَتْها بكُلِّ وسائلِ الدعمِ المعنويِّ والإعلاميِّ والُّلوجستيِّ والماديِّ والعسكريّ، فكان التدَخُلُ العسكريُّ حاضرًا؛ عندَما تَطلَّبَ الأمرُ.. وكان التدخُلُ الماديُّ بالمالِ حاضرًا دائمًا، وكان الدعمُ الإعلاميُّ والمعنويُّ مستمرًّا؛ ولم يَنقطِعْ في كلِّ المحطاتِ .

وعملتْ “حماس” بشكلٍ ملحوظٍ على تصعيدِ أعمالِ المقاومةِ في الضفةِ المحتلةِ؛ وحَشدتْ كلَّ طاقاتِها لتعزيزِ ذلكَ؛ في حالاتٍ كثيرةٍ قد لا ترتبطُ بها تنظيميًّا، فدَعْمُها لِعرينِ الأُسودِ، وكتيبةِ جنين، ووحداتِ العملِ الشعبيِّ في الخليلِ، وبلاطة، وقلقيلية، وبيتَ لحم، وكلِّ مُدنِ الضفةِ لتحقيقِ هدفِ تَوسيعِ المواجهةِ.

فَعلتْ “حماس” ذلكَ كُلَّهُ على أرضيةِ استحضارِ القضايا الوطنيةِ المركزيةِ؛ وخاصةً القدسَ والمسجدَ الأقصى، وتَجاوزتْ خلالَ ذلكَ كلَّ التقسيماتِ الحزبيةِ، وعمِلتْ على توحيدِ كلِّ الصفِّ الفلسطينيّ لتحقيقِ ذلكَ، فالعلاقاتُ الوطنيةُ الحمساويةُ مع شعبِنا الفلسطينيِّ بكافّةِ تَوَجُّهاتِه؛ تَطوَّرتْ ومَرّتْ بحالةٍ فريدةٍ من نوعِها؛ أُطلِقَ عليها “”الغرفةُ المشترَكةُ” والتي أظلَّتْ كلَّ فصائلِ العملِ الوطنيِّ نحوَ القدسِ والمسجدِ الأقصى، وتحريرِ الأسرى؛ لِتُؤكِّدَ أنَّ “حماس” اليومَ هي قائدةُ العملِ الوطنيِّ الفلسطينيِّ، والأمينةُ عليه حتى التحريرِ والعودةِ ودَحْرِ الاحتلالِ من كلِّ فلسطينَ، والتي تَظهرُ في شعارِ انطلاقتِها ال (35).

البث المباشر