قائد الطوفان قائد الطوفان

انطلاقةُ الأخضرِ ليستْ كما سبقَ

الكاتب: اسماعيل الثوابتة

في الذكرى الخامسةِ والثلاثينَ لانطلاقةِ حركةِ المقاومةِ الإسلاميةِ “حماس”؛ لابدَّ من شذراتٍ ونظراتٍ لهذه الحركةِ الأبيّةِ الصامدة.

هذه الحركةُ أصبحتْ تتربّعُ في قلوبِ الأمةِ العربيةِ والإسلاميةِ، وأصبحتْ مكانتُها مكانةً سامِقةً ساميةً عاليةً؛ تناطحُ الجبالَ الشامخاتِ التي تعانقُ خيوطَ الشمسِ والقمرِ والنجوم..

أضحتْ لا تُمثِّلُ نفسَها فقط؛ بلْ إنّها ممتدّةٌ وتمثّلُ الملايينَ الذين ينظرونَ لها من جاكرتا شرقًا؛ إلى موريتانيا غربًا؛ على أنها أملُ الأمّةِ في التحريرِ والخلاصِ؛ إلى جانبِ فصائلِ العملِ الوطني الضاربةِ الأبيّةِ الباسلةِ.

باتت تُدركُ تمامًا متى تتقدّمُ؟ ومتى تتوقفُ؟ ومتى تنظرُ إلى الجدارِ بعدَ البناءِ؟ باتت تُقيِّمُ خطواتِها خُطوةً خطوة قبلَ أنْ يرميها الآخَرون.

بالأمسِ كانت تُعدُّ على أصابعِ اليدِ الواحدةِ منذُ التأسيسِ والانطلاقِ، واليومَ أضحتْ تُعدَّ بعشراتِ الآلافِ تنظيمًا، وبالملايينِ مناصَرةً وتأييدًا .

بالأمسِ كان رجالُها فلسطينيّينَ فقط؛ والآنّ باتوا عربًا وعجَمًا، ومن كلِّ الأصقاعِ، على غرارِ “الزواري” وإخوانِه الجهابذةِ، الذين منهم مَن قضَى نحبَه، ومنهم من ينتظرُ على طريقِ التحريرِ والخلاصِ، ويَكفيهِم أنَّ اللهَ معهم.

أصبحتْ كلمتُها تُكتبُ بمِدادِ الذهبِ، وتُقاسُ بميزانِ الياقوتِ، فإذا قالت؛ الكُلُّ سَكتَ، وإذا أشارت؛ الكُلُّ راقَبَ، وإذا نفّذتْ؛ الكلُّ شاهِدٌ، وإذا ضربتْ أوجعتْ، وإذا زأرتْ؛ الكلُّ لَبَّى.

وضعتْ النقاطَ على الحروفِ؛ عندما أصبحتْ الكلماتُ مُبهَمةً، والعباراتُ صمّاءَ، وكرّستْ مبادئَ الانتماءِ والوفاءِ؛ حينما طبّلَ الغُثائيونَ على دُفوفِ التطبيعِ والانبطاحِ والتخاذلِ.

لم تكُنْ مكانتُها التي وصلتْ لها؛ قد جاءتْ هباءً منثورًا؛ بل إنها جاءت بالدماءِ على طريقِ الشهادةِ، وبالعَرقِ في أنفاقِ الكرامةِ، وبالتضحياتِ الجِسامِ في غَياهِبِ السجونِ، وآهاتِ الجرحَى، وعذاباتِ اللاجئينَ والمَكلومينَ، ومن سارَ على دربِهم.

فرضتْ هذه الحركةُ احترامَها على جميعِ الأحرارِ في العالمِ، فلا تَتدخّلُ في شؤونِهم، ولكنها تَجُرُّهم وشعوبُهم إلى فلسطينَ قضيةِ الأُمّةِ وقلبِها النابضِ بالحياة.

لقد اكتملتْ مَحبَّتُها في قلوبِ الأحرارِ الذين ينظرونَ لقضيةِ فلسطينَ نظرةَ عِزٍّ وشموخٍ، على أنها القضيةُ التي سوفَ تُغيِّرُ مَعالمَ الكونِ والعالمِ، مَعالمَ الوحدةِ والحضارةِ، واستعادةِ الكرامةِ الضائعةِ على أعتابِ الاستعمارِ والمفاوضاتِ والتطبيعِ؛ كلُّ ذلكَ سيكونُ في خبرِ كان، وسيعودُ لفلسطينَ بريقُها ولَمعانُها، وهنيئًا لِمن كان من العاملينَ المخلصينَ أيًّا كان انتماؤه، فالعملُ لفلسطينَ شرفٌ عظيمٌ، وفلسطينُ تَتّسِعُ للجميعِ.

البث المباشر