منذ 35 عاما، انتهج الاحتلال (الإسرائيلي) وسائل للقضاء على حماس حيث "الملاحقة والاعتقال، والاغتيال، والابعاد، والحصار" في الضفة والقدس وقطاع غزة، وكل مرة تثبت تلك الأساليب فشلها الذريع مقابل تنامي شعبية الحركة.
ولأن نهج حماس هو تمسكها بمقاومة المحتل دون التراجع، تلتف الجماهير حولها لتأييدها ودفعها لمواصلة الجهاد وقلع الاحتلال الذي حاول محاصرة الحركة في غزة لسنوات طويلة.
والدليل على التفاف الفلسطينيون حول حماس هو ما يجري في الضفة حيث يواصل مؤيدي الحركة دعمها رغم ملاحقات الأجهزة الأمنية التابعة لسلطة رام الله وقمع أي نشاط للحركة سواء بالضرب والتنكيل أو الاعتقال.
ورغم العقوبات التي تقع على مؤيدي الحركة في الضفة والقدس عند اعتقالهم لدى الاحتلال على خلفية انتمائهم لحماس، إلا أن ذلك يزيدهم تمسكا واصرارا على التمسك بمبادئها ودعمها حتى داخل السجون (الإسرائيلية).
اليوم تأتي الذكرى الـ 30 لعملية الابعاد لمرج الزهور حين ابعدت قوات الاحتلال (الإسرائيلي) إلى منطقة مرج الزهور في جنوب لبنان في 17 ديسمبر 1992، مواطنين ينتمون إلى حركتي – حماس والجهاد الإسلامي.
ورابط المبعدون في مخيم العودة لإرغام سلطات الاحتلال على إرجاعهم وقد نجحوا في ذلك.
اقصاء القيادات السياسية
يقول سليمان بشارات المحلل السياسي إن الاحتلال تعامل مع الحالة النضالية باستخدام مجموعة من الأدوات والوسائل بهدف الاقصاء والابعاد عن ساحة المواجهة المباشرة.
وأوضح أن ما جرى لحماس من حالات ابعاد في السنوات الأخيرة ليست جديدة، فالاحتلال اعتمد سياسة ابعاد الشخصيات السياسية المؤثرة منذ زمن بعيد كما فعل وقت مرج الزهور (1992 – 1993) حين أبعد حوالي 415 شخص في ذات الوقت، وهذه السياسة استمرت ما بعد ابعاد مرج الزهور، ضمن سياسة الاحتلال في الاقصاء المباشر.
ويرى بشارات خلال حديثه "للرسالة نت" أن الهدف الأساس من الابعاد هو تفريغ الساحة الفلسطينية من الشخصيات القيادية أو المؤثرة التي تشكل مرجعية للعمل الوطني.
ويشير إلى أن عملية مرج الزهور استفادت منها حماس بشكل مغاير عما يرعب به الاحتلال آنذاك، حيث شكلت محطة إعادة تفكير ووعي وقراءة ومراجعة لعملها، وكان من فوائدها هو اجتماع الأشخاص والقيادات الحمساوية من كل الأماكن الفلسطينية المختلفة في مكان واحد وكانوا متواصلين مع بعضهم وبالتالي عززت من قيادة الحركة فيما بعد، وما أصبحت عليه من قدرة ووعي أكبر.
ولفت بشارات إلى أن الاحتلال سعى لمنع تنامي شعبية حماس إلا أنا النتائج كانت عكسية، مشيرا إلى أن محاولات اقصاءها استفادت منها في انخراط الكثير من الشعب في العمل المقاوم مما شكل حالة احتضان شعبية داخلية وعلى الساحات الخارجية أيضا.
وبين أن الابعاد لمرج الزهور كان بوابة انطلقت فيها حماس في علاقاتها الخارجية الأوروبية والغربية خلال الوفود التي كانت تزورها في مرج الزهور.
وفي السياق ذاته يقول المحلل السياسي شرحبيل الغريب إنه من الواضح خلال مسيرة حماس الـ35 تعرضها للكثير من الوسائل للقضاء عليها وذلك لطبيعة المشروع الذي تتبناه وهو المقاومة والتمسك بحقوق الشعب والثوابت الوطنية.
وأكد أن مشروعها شكل حالة من الالتفاف الجماهيري والشعبي حولها وهو ما جعلها حركة كبيرة يصعب القضاء عليها لأن هذه المعتقدات والمفاهيم أصبح في عقل كل فلسطيني.
ويذكر الغريب "للرسالة نت" أن حماس تعرضت منذ عملية الابعاد إلى مرج الزهور لمؤامرات كبيرة حيث الملاحقة والاعتقالات والاغتيالات لكنها لم تحقق أي نجاح للاحتلال في القضاء عليها، مشيرا إلى أن الحروب العسكرية عليها في قطاع غزة كانت بمثابة أن "تهب الرياح بما لا تشتهي السفن".
ورغم مرور 35 عاما على تأسيس حركة حماس ومحاولات اقصاءها، إلا أن وسائل القضاء عليها كانت بمثابة وقود للمقاومة ودافع لتطويرها.