تقدير موقف: تبعات خطيرة لحكومة نتنياهو السادسة على فلسطينيي الداخل

تقدير موقف: تبعات خطيرة لحكومة نتنياهو السادسة على فلسطينيي الداخل
تقدير موقف: تبعات خطيرة لحكومة نتنياهو السادسة على فلسطينيي الداخل

الرسالة نت-غزة

بعد مرور أكثر من شهر ونصف على الانتخابات (الإسرائيليّة) الأخيرة، وتكليف رئيس الدولة في ‏تاريخ 13/11/2022 لنتنياهو بتشكيل الحكومة، بدأت ملامح التحالف الجديد بين الليكود ‏والأحزاب الشريكة تتّضح، وكذلك تقسيم الوزارات والمناصب.‏

ومنذ العام 2009 تعاملت حكومات نتنياهو السابقة، مع المواطنين العرب بعدائيّة معلَنة، وسنّت ‏قوانين عنصريّة تجاههم، منها قانون القوميّة، وقانون النكبة، وقانون لجان القبول للبلدات اليهوديّة.‏

وطبق الاحتلال سياسات ظالمة وعنصريّة تجاه المواطنين الفلسطينيين بالداخل المحتل الذين كان ‏نتنياهو من أشدّ المحرِّضين عليهم، خاصة أن الحكومة الجديدة ستتشّكل من أحزاب يمينيّة صِرفة ‏ترتكز على اليمين الدينيّ المتطرّف والأحزاب الحريديّة، دون أن تستند إلى أيّ حزب من خارج ‏معسكر نتنياهو.‏

وفي ورقة لتقدير الموقف أعدها موقع "عرب 48" جرى التأكيد أنه بالإضافة إلى السياسات ‏العنصريّة البنيويّة تجاه المجتمع العربيّ، سيكون التحالف الجديد أخطر من الحكومات السابقة، ‏وسيعمل على نحوٍ مباشر وجليّ على تقليص الهامش الديمقراطيّ، الضيّق أصلًا، وعلى زيادة ‏جرعات العنصريّة تجاه فلسطينيي الداخل المحتل.‏

وترى الورقة أنّ الحكومة الجديدة قد تنتقل من مقاربة تقليص الصراع وإدارته إلى محاولة حسم ‏الصراع وفرض الأمر الواقع على الشعب الفلسطينيّ، عن طريق السعي إلى ضمّ المناطق "ج" ‏وتوسيع الاستيطان.‏

وتزايدت في السنوات الأخيرة انتقادات أحزاب اليمين لأداء جهاز الشرطة وتعامُله مع المواطنين ‏العرب، ولا سيّما بعد هبّة الكرامة في أيّار من العام الماضي، والتراخي في تعامله مع "انفلات ‏الحكم"، حسب ادّعاء قيادات الأحزاب اليمينيّة. ‏

فأحزاب اليمين المتطرّف ترى كلّ عمليّة احتجاج سياسيّ عربيّة نوعًا من أنواع التهديد الوجوديّ ‏على دولة (إسرائيل) وعلى هَيْمَنة المجتمع اليهوديّ، وأنّ الاحتلال فقد السيطرة على مناطق عربيّة ‏عديدة، ولا سيّما في النقب.‏

ووضع حزب "الصهيونيّة الدينيّة" وحزب "القوّة اليهوديّة" ("عُـتْسْماه يِهُودِيتْ") هذا الموضوع في ‏صدارة حملتهما الانتخابيّة، وأعلن بن غفـير أنّه سيطالب بوزارة الأمن الداخليّ إن دخل التحالفَ ‏الحكوميّ بعد الانتخابات.‏

وَفقًا لاتّفاق التحالف بين حزب الليكود وحزب "عُـتْسْماه يِهُودِيتْ"، سيتولّى بن غفير منصب وزير ‏الأمن القوميّ (بعد أن كان اسم تلك الوزارة "وزارة الأمن الداخليّ" حتّى الآن)، مع تعديلات واسعة ‏في صلاحيَات الوزير تُـمكِّنُهُ من التدخّل وبلورة سياسات الشرطة وفي القيادة العمليّاتيّة للشرطة ‏والتحقيقات، والتحكُّم في ميزانيّة الشرطة.‏

‏ إلى جانب ذلك، حصل بن غفير على التحكّم في وحدات حرس الحدود في الضفّة الغربيّة، كما ‏سيكون بن غفير عضوًا في المجلس الوزاريّ المصغَّر للشؤون السياسيّة والأمنيّة ("الكابِنِيت")، ‏وحصل حزبه على رئاسة لجنة الأمن الداخليّ في الكنيست.‏

وتشير الورقة إلى إنّ تولّي بن غفير لوزارة الأمن القوميّ يعني سيطرته على صناعة القرار ‏الأمنيّ تجاه المجتمع العربيّ، وترجمة عقيدته العنصريّة العدائيّة تجاه المجتمع العربيّ إلى ‏سياسات، بما في ذلك زيادة عنصريّة وعدائيّة الشرطة، القائمتين أصلًا، تجاه المجتمع العربيّ، ‏وزيادة العنف والتنكيل بهم، وزيادة الملاحَقة السياسيّة بقناع أمنيّ شرطيّ.‏

وتعتبر ورقة تقدير الموقف أن خطورة التغيُّر المتوقَّع في تعامل أجهزة الأمن والشرطة تجاه ‏المواطنين العرب تتزايد كذلك نتيجة التغيُّراتِ المتوقَّعةِ في جهاز القضاء (الإسرائيليّ)، وإحكامِ ‏سيطرة اليمين المتطرّف على تعيين القضاة وتقييد صلاحيَاتهم، والتعديلاتِ المتوقَّعةِ في جهاز ‏النيابة العامّة والمستشار القضائيّ للحكومة.‏

ووقّع حزب الليكود اتّفاق تحالف مع حزب "نوعَم" ذي التوجُّهات المتطرّفة، وسيحصل عضو ‏الكنيست الوحيد عن الحزب، آفي مَعُوز، على منصب نائب وزير في مكتب رئيس الوزراء، ‏وسيكون مسؤولًا عن سلطة "الهُويّة القوميّة - اليهوديّة"، التي أُسِّست خصّيصًا حسب طلب حزب ‏‏"نوعَم"؛ وهو ما يعني - وَفقًا لتصريحات مَعوز - أنّ السلطة الحكوميّة الجديدة ستكون مسؤولة ‏عن تعميم الانتماء القوميّ اليهوديّ، وتعزيز الهُويّة اليهوديّة، الفرديّة والجماعية، في (إسرائيل). ‏وسيكون مَعُوز مسؤولًا كذلك عن البرامج اللا منهجيّة في جهاز التعليم، وهو ما يعني ترويضَ ‏وصَهْيَنةَ تلك البرامج في جهاز التعليم العربيّ وإخضاعَها لشروط اليمين الدينيّ الصهيونيّ. وبذا، ‏ثمّة خطر حقيقيّ في أن يُفْضِيَ الأمر إلى صَهْيَنةِ وعي الطلبة في جهاز التعليم العربيّ، وقمعِ ‏الهُويّة والانتماء والثقافة العربيّة.‏

وتبين الورقة أن حزب "عُـتْسْماه يِهُودِيتْ" برئاسة بن غفير سيكون مسؤولًا كذلك عن مشاريع تهويد ‏النقب والجليل، ووضع الخطط الإستراتيجيّة لهذه المناطق ذات الكثافة السكّانيّة العربيّة، وسيتحكّم ‏بالكثير من قضايا التخطيط والتطوير في البلدات والمدن العربيّة.‏

‏ إلى هذا تنضاف سيطرته على جهاز الشرطة. معنى ذاك أنّه سيكون لِـبِنْ غفير وحزبه قدرة على ‏التأثير ووضع السياسات المدنيّة والأمنيّة تجاه المجتمع العربيّ والبلدات العربيّة، وهذا يعني مزيدًا ‏من التضييق ومنع التطوير وحرمان البلدات العربيّة من توسيع مناطق النفوذ، إلى جانب الملاحَقة ‏السياسيّة بغطاء شُرَطيّ أمنيّ.‏

ووفق الورقة فإنه من الصعب فكّ الارتباط بين ممارساتِ الاحتلال في الضفّة الغربيّة وغزّة، وحالةِ ‏المجتمع الفلسطينيّ في الداخل. فقد بات واضحًا - ولا سيّما بعد هبّة الكرامة في أيّار عام 2021 ‏وقبلها في كلّ حرب (إسرائيليّة) على غزّة - أنّ الفصل الوهميّ للخطّ الأخضر لا يمنع تضامن ‏الفلسطينيّين في (إسرائيل) مع أبناء شعبهم.‏

اتّفاقيّات التحالف توضّح أنّ محور الاحتلال وسياسات الاستيطان والتنكيل ضدّ أبناء الشعب ‏الفلسطينيّ في الأراضي المحتلّة، ستكون الأسخَن والأخطَر، ولا سيّما أنّها توكّل رئيس حزب ‏الصهيونيّة الدينيّة سْموتريتْشْ بهذا الملفّ. ‏

الحكومة (الإسرائيليّة) الجديدة ستوكّل المستوطنين بإدارة شؤون الاحتلال، ووضع السياسات تجاه ‏المستوطَنات والمستوطِنين، وتجاه الشعب الفلسطينيّ الواقع تحت الاحتلال.‏

وتقول ورقة التقدير إن جديد الانتخابات الأخيرة هو انتصارُ اليمين الدينيّ المتطرّف، وترجمةُ ‏هَيْمَنته على المجتمع (الإسرائيليّ) إلى عدد مقاعد في الكنيست، ومنحُه الإمكانيّة لتشكيل حكومة ‏يمينيّة متطرّفة صِرفة.‏

‏ التحالف الجديد سيعمل لاستغلال هذه الفرصة لسَنّ سياسات وقوانين ترمي إلى حسم العديد من ‏الملفّات، التي تؤثّر على صورة وطبيعة (دولة إسرائيل)، وتؤثّر تأثيرًا مباشرًا على المجتمع العربيّ ‏في الداخل. ‏

من هذه الملفّات: حسم هُوّيّة (دولة إسرائيل) كدولة يهوديّة قوميّة بروح الصهيونيّة الدينيّة؛ محاولة ‏حسم ملفّ مكانة المواطنين العرب وَفقًا لبنود قانون القوميّة؛ محاولة حسم ملفّ الاحتلال ‏والاستعمار للمناطق الفلسطينيّة التي احتُلّت عام 1967.‏

البث المباشر