يستغل الاحتلال (الإسرائيلي) المناسبات الدينية المسيحية أو الإسلامية ليضع بصمته؛ في محاولة منه للظهور بدور المتسامح، لكن في الحقيقة أن لأفعاله مآرب أخرى، كما فعل مؤخرا حين حاول استغلال أعياد الميلاد في القدس وساهم في تزيين وإضاءة شجرة الميلاد قرب باب الجديد وذلك في محاولة لإخفاء مخططاته بتنفيذ مشاريع تهويد للمدينة المقدسة.
ليست المرة الأولى التي يستغل فيها الاحتلال المناسبات الدينية للفلسطينيين، ففي شهر رمضان تلح بلدية الاحتلال في القدس على المسلمين للحصول على تصاريح لتأدية طقوسهم خاصة صلاة التراويح في باب العامود، لكن يحدث العكس فتزداد الاشتباكات والانتهاكات بحق الأقصى ورواده.
هذه المرة وكالعادة قاطع رجال الدين المسيحيين الاحتفالات في باب الجديد، وأصر مجلس الكنائس في القدس على إضاءة شجرة عيد الميلاد في فندق الإمبريال كرسالة تؤكد رفض المخططات (الإسرائيلية) والتأكيد على الهوية الوطنية المسيحية، ورفض أية محاولة لتغيير الوضع التاريخي والقانوني القائم في المدينة المقدسة.
يذكر أنه قبل أيام قليلة أضيئت شجرة الميلاد في "باب الجديد" بالقدس المحتلة برعاية بلدية الاحتلال، التي أطلقت عليها اسم "شجرة القدس الأولى"، ورافق الحدث افتتاح ما سمي بسوق الميلاد.
ابتزاز وتزوير
يوضح المختص في الشأن (الإسرائيلي) أليف صباغ أصل الحكاية وكيف يحاول الاحتلال التدخل في الشؤون المسيحية، ويقول: "تاريخيا ومنذ الاحتلال البريطاني يحاول الغزاة الفصل بين الطوائف في فلسطين، حيث كانوا يفرقون المسيحيين من بيت لحم كي لا يجتمعوا مع حجاج العالم المسيحيين في كنيسة المهد"، مضيفا: كانوا يشجعون الحجاج المسيحيين أيضا على الاحتفال في مقام النبي موسى.
وتابع صباغ "للرسالة نت" إن الاحتلال (الإسرائيلي) يفعل ذات الشيء حيث يقيم شجرة الميلاد قرب باب الجديد في القدس لاستقطاب المسيحية ومنعهم من الذهاب لبيت لحم، كما يحاول إبعاد المسلمين المهنئين لأشقائهم المسيحيين.
وذكر أن الاحتلال يتعمد إقامة شجرة عيد ميلاد في القدس لأنقاص عدد الحجاج المسيحيين في بيت لحم، وليحتفل أيضا مع مجموعة من المسيحيين الذين لهم علاقة قوية مع بلدية الاحتلال حيث يستغل هذه العلاقة لبناء جسور مع الكنائس حتى يخلق حالة من الانسجام مع رؤساء الطوائف المسيحية وكأنهم جزء من (إسرائيل).
ولفت صباغ أن الاحتلال يحاول إثبات أن الكناس المسيحية جزء من (إسرائيل) ليضرب الوحدة بين الفلسطينيين.
وفي ذات السياق يؤكد ناصر هدمي المختص في الشأن المقدسي أن الاحتلال يحاول الظهور بأنه صاحب السيادة في المدينة المقدسة ويرعى شؤون الأقليات على الرغم من وجودهم قبله.
وأشار هدمي إلى أن الاحتلال يتعمد وضع الشجرة في مناطق المسيحيين كما يفعل في شهر رمضان مع المسلمين، موضحا أن الاحتلال يعي أنه مجرم يستولي على ممتلكات الفلسطينيين بمختلف دياناتهم "مسلم أو مسيحي" ويسيطر على عقاراتهم بالابتزاز والتزوير.
ويرى أن الدور يقع على الفلسطيني بأن يكون واعيا لما يقوم به الاحتلال، مؤكدا ان ما يجري ليس لصالح المدينة بل جزء من سياسة عنصرية تهويدية تقوم بها بلدية الاحتلال لتظهر للمراقبين الدوليين أنها ترعى الأقليات.
ويفسر وضع الاحتلال لشجرة الميلاد في القدس بالقول: "يسعون للحصول على كسب ولاء المسيحيين والظهور بأنهم يعملون على خدمتهم، لكن الواقف يختلف عن ذلك".
وتجدر الإشارة إلى أن "الهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات" حذرت من تصاعد المحاولات (الإسرائيلية) لإضفاء الطابع اليهودي على احتفالات أعياد الميلاد في مدينة القدس المحتلة، واستغلالها لتنفيذ مخططات تهويد المدينة والسيطرة عليها.
وقالت الهيئة في بيان صدر عنها "بلدية الاحتلال تحاول اقحام نفسها في أعياد الميلاد وتوظيفها، من أجل خدمة أهدافها التهويدية، من خلال تمويل فعاليات في عيد الميلاد تضفي عليها الطابع اليهودي، واستقطاب (إسرائيليين) للمشاركة فيها. وأشارت إلى أن ما جرى في منطقة “باب الجديد” (أحد أبواب مدينة القدس) من تمويل بلدية الاحتلال افتتاح سوق للميلاد، وإضاءة شجرة العيد، يشكل محاولة لتكريس الهيمنة اليهودية وطمس الهوية العربية المسيحية.