قبل أشهر حاول فلسطينيو الداخل المحتل لملمة أوضاعهم الصعبة ومحاولة الحد من انتشار الجريمة في مجتمعهم عبر مؤتمر أطلق عليه "المؤتمر الأول للجان إفشاء السلام والإصلاح في الداخل الفلسطيني" وذلك بمشاركة حشد واسع من الأهالي والمواطنين من مختلف المناطق العربية، وبمختلف التوجهات والديانات.
المؤتمر الذي جاء بقيادة الشيخ رائد صلاح بسبب ادعاء حكومة الاحتلال عدم قدرتها على تطبيق القانون في المجتمع الفلسطيني، وانتشار جرائم القتل بين المجتمعات العربية على وجه التحديد، حيث أن جرائم القتل تحولت إلى ظاهرة حصدت العام الماضي أرواح 66 شخصا، من بينهم 7 نساء.
في ذات الوقت فإن شرطة الاحتلال تقول إنها لم تستطع أن تتوصل سوى لعشرة جناة في عشر جرائم، مع الإشارة إلى أن جرائم العام الماضي قد طالت 3 أطفال.
وتنبثق لجان إفشاء السلام والإصلاح، عن لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية الفلسطينية في الداخل، وتشمل معظم البلدات العربية المحتلة، والتي أعلنت في أكتوبر الماضي عن وثيقة مليونية موقعة لإفشاء السلام" في أراضي الـ48 المحتلة.
وقال الشيخ صلاح في مقال سابق بعد توقيع الوثيقة: "لأن الإهمال المُتواصل من كل الحكومات (الإسرائيلية) المُتعاقبة قد أدى إلى استفحال العنف والجريمة والسوق السوداء والخاوة وفوضى السلاح والممنوعات في الحياة اليومية لهذا المُجتمع الدامي.
وأضاف صلاح: "ولأن من حق هذا المجتمع الدامي أن يعيش بأمان كغيره من مُجتمعات كل الأرض، فنحنُ الموقعين على هذه الوثيقة نُطالب كل حكومة (إسرائيلية) أن تقوم بواجبها لكبح هذا العنف الأعمى وتوابعه".
وتابع: "ونُطالب كل المؤسسات الدولية بداية من هيئة الأمم المتحدة وما يليها أن تقوم بدورها الضاغط على كل حكومة (إسرائيلية) لتقوم بهذا الواجب المفروض عليها من أجل كبح هذا العنف الأعمى وتوابعه، وإلا فنحن مضطرون أن نُطالب بحماية دولية تُوفر الأمان المفقود لهذا المُجتمع الدامي.
بدوره، يؤكد توفيق محمد عضو المكتب السياسي للحركة الإسلامية في الداخل في مقابلة مع "الرسالة" أن هذه اللجنة ليست وليدة وإنما قد أعلن عنها منذ خمس سنوات ولكن أعيد تفعيلها نهاية العام الماضي وتعمل من خلال عدد من الدوائر.
وشرح محمد عمل الدوائر قائلا: "الدائرة الأولى الوقائية وتعمل من خلال حملات توعية في المدارس والجامعات ومن خلال الأطر النسوية وذلك للعمل على تحفيز القيم والأخلاق ونشرها والدعوة لها في تلك المنابر وتعتبر هي الدائرة الأكبر التي تعمل من خلالها اللجنة.
والدائرة الثانية وفق عضو المكتب السياسي للحركة الإسلامية في الداخل هي الدائرة العلاجية التي تعمل من خلال لجان إصلاح على حل المشاكل بين العائلات واستدراكها ووضع قوانين للحد من انتشارها وتزايد وتيرة العداء والكراهية بينها.
وأما الثالثة فيشير إلى أنها دائرة الردع التي سيتم العمل من خلالها كجماعات ضغط على حكومة الاحتلال التي تدعي عدم قدرتها على الردع والسيطرة وفرض الأمن، حتى تتعاون على وضع قيود للحد من انتشار الجرائم في المجتمعات العربية.
ويقول محمد إن هناك إقبالا جيدا للانضمام للعمل والتعاون مع هذه الدوائر حيث وصل عدد المنتسبين في لجنة أم الفحم إلى 500 شاب.
وبين أن هناك إقبالا مبشرا في طمرة بلغ ثمانين شابا ويزيد، وبات عددهم يزداد يوما بعد يوم في قلنسوة والفريديس وأم الغنم وشعب، منوها إلى أنهم ينوون الإعلان عن إقامة مثل هذه اللجان في كفر كنا وعين ماهل وأبو سنان وباقة الغربية والقائمة طويلة.
من جانبه، علق خالد زبارقة رئيس اللجنة الشعبية في مدينة اللد على المؤتمر الذي عقد قبل يومين في المدينة برئاسة الشيخ رائد صلاح قائلا: "هذا المؤتمر هو أملنا بقيادة الشيخ للوصول إلى طريقة لإفشاء السلام والمحبة من خلال التوعية والعودة إلى القيم العربية العريقة الذي أدى التخلي عنها إلى انتشار العنف والقتل في المجتمعات العربية وهذه الفكرة التي ستقوم عليها هذه اللجان".
ويرى زبارقة أن الشيخ صلاح بدلا من أن يلعن الظلام حاول إضاءة شمعة، على حد تعبيره، من خلال البحث عن طريقة لإعادة القيم إلى المجتمعات العربية وهو ما وجد إقبالا كبيرا في المدن العربية.