ما حدث اليوم في مخيم جنين شمال الضفة الغربية المحتلة، محاولة بائسة لجيش العدو (الإسرائيلي) لضرب المقاومة المتصاعدة في مدينة جنين بشكل عام ومخيمها بشكل خاص، والتي باتت تشكل بالنسبة له صداعا مزمنا يحرمه الاستقرار والأمن.
اقتحامات الاحتلال اليومية لمخيم جنين، التي يتخللها اعتقالات وارتقاء المزيد من الشهداء، تُجابه بمقاومة عنيفة وشرسة تُستخدم خلالها العبوات الناسفة والأسلحة الرشاشة من عدد كبير من المقاومين المتمرسين، وهو مادفع الأوساط العسكرية (الإسرائيلية)، لاعتبار مخيم جنين نموذجا للمعاقل المحصنة، التي تفرض على جيش الاحتلال تحديا جديدا.
29 شهيدا منذ بداية العام في القدس والضفة المحتلة، عدد كبير منهم من جنين، ما يشير إلى العقلية الانتقامية لدى جيش العدو، الذي فشل وسيفشل في القضاء على جذوة المقاومة المشتعلة في كل شبر من جنين القسام.
"حصن المقاومة"، "قلعة الرعب"، هكذا يصف إعلام العدو جنين ومخيمها، بعد أن اشتهرت المدينة كعاصمة للمقاومة منذ انتفاضة الأقصى عام 2000.
وهنا نستذكر تصريح يوآف زيتون المراسل العسكري لصحيفة يديعوت أحرونوت، الذي كشف النقاب عن "تسجيل علامة فارقة أخرى في التصعيد الزاحف، الذي يتمثل لأول مرة باستخدام عبوات ناسفة ضد قوات الجيش، صحيح أنها مرتجلة؛ لكنها تعكس ما أصبح عليه المخيم في الأسابيع الأخيرة؛ فقد بات محصّنا ومحاطا بحواجز أمنية، ومحملا بكاميرات أمنية نصبها الفلسطينيون، ومليئا بالمراقبة التي يضعونها للتحذير من دخول الجنود، مع التقييم بأن الجيش قد يغزو في أي لحظة، حتى في أثناء النهار، علانية أو سرا".
زيتون أضاف في تقرير، أن "المشاهد المألوفة في المخيم باتت ترمز للتصدي لأي عملية ليلية للاحتلال، مما دفعه لنشر القناصين على الأسطح، وتفعيل التكنولوجيا الجديدة للجمع بين المراقبة الجوية والطائرات بدون طيار، وقريبا تزويدها بقنابل تسقط بسرعة قاتلة على المسلحين، خاصة إذا اختبؤوا على أسطح المباني المزدحمة بين أزقة المخيم. وفي كل الأحوال، لا يرى الجيش نهاية لسلسلة الهجمات المسلحة بالضفة الغربية، رغم حدوث انخفاض طفيف مؤخرا فيها".
ويعاني جيش الاحتلال من زيادة في مستوى الجرأة وكمية الذخيرة لرجال المقاومة الفلسطينية، مما يكشف عن حرب حقيقية تدور في الخفاء لوضع اليد على الوسائل القتالية التي تصل إليهم؛ لأن كل عملية لاعتقال المقاومين تنتهي بإطلاق النار على الجنود، مما يؤدي إلى الرغبة في الانتقام، وصولا إلى تعميم صورة الأرض المحترقة.
يوسي يهوشاع الخبير العسكري بصحيفة يديعوت أحرونوت، أشار إلى أن "عام 2022 سُجل كواحد من أكثر الأعوام دموية، حيث قُتل 31 (إسرائيليا)، واستشهد أكثر من 200 فلسطيني. ومن أجل المقارنة، فإن عام الذروة في العقد الماضي هو 2015، الذي ارتقى فيه 121 شهيدا فلسطينيا منذ انتفاضة السكاكين، وفي 2016 ارتقى 91 شهيدا، وفي السنوات التالية سُجلت أعداد أقل، في 2017 استشهد 38، وفي 2018 استشهد 36، وفي 2019 استشهد 27، وفي عام 2020 استشهد 20 فلسطينيا، لكن ارتفاعا مفاجئا شهده عام 2021، حيث قفز العدد إلى 80 شهيدا".
وأضاف في تقرير، أنه "منذ بداية 2022، شهدنا وقوع أكثر من 450 عملية فدائية، بما فيها: 36 هجومًا بالقنابل، 300 إطلاق نار، ومحاولة خطف ودعس وطعن، والتخوف في أوساط الجيش أن المناطق الفلسطينية اليوم مليئة بالأسلحة النارية، وتم استبدال إلقاء الحجارة على سيارات الجيش التي تقتحم المدن الفلسطينية بالزجاجات الحارقة والذخيرة الحية، مما سيُعيد (إسرائيل) لذات الدوامة المدمرة من إراقة الدماء بسبب تنامي المقاومة المليئة بالمتفجرات".