قائد الطوفان قائد الطوفان

بين عمليات المقاومة ونبوءة هجرة الإسرائيليين؟

الكاتب
الكاتب

أحمد عبد العزيز- كاتب مصري

جاءت عملية القدس اليوم وعملية التي أسفرت عن قتل 7 إسرائيليين وإصابة 14 آخرين، وهو العدد الأكبر منذ نحو ربع قرن إبّان الانتفاضة الثانية في سبتمبر عام 2000، جاءت هذه العلمية لتعيد إلى الأذهان دعوات قديمة بهجرة سكان الكيان فلسطين المحتلة والبحث عن مكان أكثر أمانًا.

وكانت هاتان العلميتان ردًّا على عملية للجيش الصهيوني في جنين راح ضحيتها تسعة شهداء وقرابة عشرين جريحا، وكان الرد الفلسطيني بمثابة الصاعقة على الكيان المحتل الذي كان يعيش لحظة من الفرحة والنشوة، فاق منها على صدمة ومشاعر معكوسة لدى الفلسطينيين، الذين عبروا عن فرحتهم في كافة أنحاء فلسطين بغزة والضفة والداخل.

تنامي العمل المقاوم

وشهدت الضفة الغربية والقدس المحتلة تناميا واتساعا في أشكال العمل المقاوم للاحتلال، وخاصة المقاومة المسلحة التي تميزت بالشجاعة والجرأة على المواجهة وتنفيذ عمليات من نقطة صفر.

ورصد مركز المعلومات الفلسطيني، ارتفاعا ملحوظا في أعمال المقاومة بالضفة الغربية منذ بداية العام الماضي 2022، حيث بلغت أكثر من 10 آلاف عمل مقاوم، بينها 639 عملية إطلاق نار، و33 عملية طعن أو محاولة طعن، و13 عملية دعس أو محاولة دعس.

وأدت عمليات المقاومة منذ بداية العام الماضي إلى مقتل 31 مستوطنا وجنديا إسرائيليا وإصابة نحو 420 آخرين بجروح في حصيلة هي الأعلى منذ عام 2015.

هل تتحقق النبوءة

وكلما تم تنفيذ عملية للمقاومة تجددت الأحاديث عن الأخطار التي يتعرض لها السكان الإسرائيليون وعدم إحساسهم بالأمان وفشل حكومات الكيان المتعاقبة في تحقيق الأمان لهم، رغم كل ما يمارسه جيش الاحتلال من قتل وسفك للدماء في الضفة والقطاع. وهو ما يرفع الأصوات الداعية إلى الهجرة المعكوسة وترك سكان الكيان فلسطين المحتلة والبحث عن مكان آخر أكثر أمانًا، وهي الأصوات التي ارتفعت بشكل كبير مع بداية الانتفاضة الثانية ولا تزال تعلو وتخبو حسب أعمال المواجهات بين جيش الاحتلال والفلسطينيين، وهذا ما جعل الكثير من المحللين الإسرائيليين يتنبؤون بهجرة كبيرة وربما جماعية وتفكيك الكيان.

ولم تكن هذه النبوءة مجرد أطراف حديث من هنا أو هناك بل تم توثيقها في كتاب  “الانتفاضة الفلسطينية والأزمة الصهيونية، دراسة في الإدراك والكرامة” للدكتور عبد الوهاب المسيري رحمه الله، الصادر عن هيئة الكتاب المصرية بالتزامن مع الانتفاضة الثانية، حيث يناقش الدكتور المسيري النماذج المعرفية والإدراكية الكامنة وراء كل من الانتفاضة والمحاولات الإسرائيلية لقمعها، انطلاقًا من “أهمية النماذج المعرفية في تحديد إدراك الإنسان وخطورة التبعية الإدراكية، لافتا إلى تفسخ المجتمع الصهيوني وانقسامه إلى ثلاث شرائح غير متجانسة، تعلو أصوات بعضها بالهجرة المعكوسة وترك إسرائيل، موثقًا ذلك بما نشره عدد من الكتاب والمحللين الإسرائيليين بالصحافة الإسرائيلية.

هشاشة الكيان أمام المقاومة

وجاء ردّ جموع الإسرائيليين المليء بالهلع والانزعاج، وكذلك تعامل حكومة  بنيامين نتنياهو الأكثر تطرفا في تاريخ الكيان المحتل، ليعكس ارتباكا شديدا رغم امتلاكه كل عناصر القوة العسكرية والاقتصادية والسياسية والدعم الخارجي. فقد كشفت عملية مقاوم واحد هشاشة هذا الكيان، وهو ما بدا منذ فترة طويلة وتجلى في عام 2021 وفي معركة سيف القدس التي كانت مفاجأة للكيان ومواطنيه، بوصول صواريخ المقاومة إلى أبعد نقطة داخل الكيان، وجاءت العمليات الفردية وحصيلتها الكبيرة، لتؤكد عدم شعور مواطني الكيان بالأمن وفشل الحكومات المتعاقبة -رغم ممارستها قتل الشعب الفلسطيني- في تحقيق الأمان، وهو ما جعل الأصوات تعلو من جديد في هجرة الكيان ولعل ما أذاعه تلفزيون الـبي بي سي مؤخرا من فيلم تسجيلي بعنوان “وداعا أورشليم” يناقش ارتفاع موجات ترك الكيان بين شبابه، ويؤكد ذلك بوضوح من خلال تحقيق ميداني معهم. فهل تتحقق النبوءة وتتم الهجرة المعكوسة وتفكيك الكيان المحتل وعودة فلسطين كاملة إلى أهلها؟

المصدر : الجزيرة مباشر

البث المباشر