تعجب الجميع من العملية التي قام بها حسين قراقع، فهذا الشاب المريض منذ سنوات طويلة ويرقد بالمستشفى بين الوقت والآخر بسبب أمراض وأوجاع في الظهر والعظام سببها الاحتلال له، استطاع أن يسير بقدميه المتعبتين لينفذ عملية بطولية مقدسية جديدة.
كان من المفترض أن تكون أوجاع قراقع عائقا عن الحركة السليمة الكاملة، ولكنه رغم الوجع، توكأ على قدمين متعبتين، وظهر أحنته الآلام، وخرج بعد شهر من العلاج المكثف ثم توجه إلى محطة الانتظار الخاصة بالمستوطنين، وانتظر تجمعهم، وأقدم في اللحظة المناسبة على عملية دهس ليصرع اثنين فورا.
حسين قراقع تربى في فرق الكشافة المقدسية، وهو مرابط في الأقصى ويعرفه كل المصلين والعاملين هناك، له كثير من الوقفات وإذا سألت عنه سيقول لك عدنان قراقع عمه: "إنه شاب يحب وطنه وكفى".. سبب منطقي مقنع لأن يقدم حسين على عملية بطولية، نتيجة طبيعية لحجم الغضب المتراكم في جسده جراء ما فعله الاحتلال به لسنوات طويلة.
وبعد نجاح العملية البطولية أصيب حسين برصاص مستوطنين أثناء قيادته مركبته عند مفترق النبي صموئيل، قبل أن يعلن عن استشهاده لاحقًا، وفق ما نقلت وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية "وفا" عن مصادر عائلية.
في عام 2008 كان حسين قد توجه إلى المستشفى للتبرع لجرحى قطاع غزة بالدم بعد الحرب، وهناك تعرض لاستفزاز من أحد الجنود، ولأنه عزيز النفس لم يستطع التحمل، كما يقول عمه.
ويضيف: "لم يكن ليسكت على أحد يحاول إذلاله، فضرب الجندي، ليُسحب إلى سجن المسكوبية، ويعاقب بالحبس لثلاث سنوات، وهناك تعرض لأقسى أشكال التعذيب حتى خرج من السجن عليلا يعاني من وجع في العظام وغضروف في الظهر، خضع بسببه لعمليات جراحية كثيرة، أثرت على حركته وقوة جسده".
" هناك جهاز لتنظيم الأطراف والأعصاب مزروع في ظهره لمساعدته على الحركة، وقد دخل المستشفى لشهر كامل، وخرج قبل يومين، لقد تفاجأنا بالعملية، ولكننا نعرف ما يدور بعقل حسين، إنه شاب عزيز النفس لا يقبل الذل" هكذا قال عمه (للرسالة) وهو يصف مشاعره تجاه ما حدث، ويؤكد على فخره بابن أخيه.
ناجح بكيرات، نائب المدير العام للأوقاف الإسلامية بالقدس، يرى أن حكومة الاحتلال لا تريد أن تستوعب أن هذا الضغط على المقدسي يجب أن يعقبه ردات فعل وهي لا تريد أن تتعلم الدرس. وبين أن الاحتلال يضيّق على المقدسي ويسعى لتهويد المدينة وسرقة حقوقه في الحياة وهدم ومصادرة الأراضي والبيوت ومن الطبيعي أن يغضب المقدسي ويزداد ثباتا بل ويزيد غضبه يوما بعد يوم.
وذكّر بكيرات بمشاريع الأسرلة ومحاربة التعليم والضرائب التي تفرض على المقدسيين، والاقتصاد المحارب حتى أن السكان باتوا يعيشون حالة حصار وتهويد وبطالة دائمة.
وأشار إلى أن الجحيم الذي يريد نتنياهو أن يفرضه على المقدسيين يجب أن يواجه بالرفض والغضب المقدسي.
حالة من الغضب الهستيري أصابت حكومة نتنياهو الذي أوعز بتعزيز القوات في القدس وتنفيذ اعتقالات فورية في صفوف عائلة قراقع، فمنذ الأمس وزوجة حسين معتقلة، وكذا والداه وأخواه. وحاصر الاحتلال منزله وأغلق المنطقة لكن بردا وسلاما نزل على أهالي القدس الذين يقدمون كل يوم ثمنا وضريبة لحياة لم يسمح لهم الاحتلال يأن يحيوها كما ينبغي، فخرج الثوار من أبنائها، موجوعي الظهر، بجراح لا تعطيهم فرصة للحركة، وقدموا ما يمكنهم تقديمه، لأجل أن تبقى عزة النفس مرفوعة، تماما كما فعل حسين بالأمس.