كشف موقع "البوابة نيوز" المصري نقلا عن مصدر داخل الاتحاد الأفريقي أن الاحتلال (الإسرائيلي) يمارس ضغوطا على دول القارة السمراء، من أجل قبولها عضوا مراقبا داخل الاتحاد الأفريقي، خلال الدورة التي ستنعقد في فبراير الجاري، بمقر منظمة الوحدة الأفريقية في أديس أبابا عاصمة إثيوبيا.
وتعقد القمة الأفريقية، في الفترة بين 15 إلى 19 فبراير الجاري، بمقر الاتحاد الأفريقي في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا وعلى طاولتها العديد من الملفات الساخنة التي تموج بها القارة السمراء.
(إسرائيل) وميثاق الاتحاد
وأوضح مصدر داخل الاتحاد الأفريقي أن هناك تعارضا بين قبول (إسرائيل) مراقبا داخل الاتحاد الأفريقي، والميثاق الذي وضع حينما أنشئت منظمة الوحدة الأفريقية في ستينيات القرن الماضي، مشيرا إلى أن المادتين الثالثة والرابعة من ميثاق الاتحاد الأفريقي تمنعان انضمام (إسرائيل) إلى الأسرة الأفريقية.
وأكد المصدر الذي فضّل عدم ذكر اسمه، أن (إسرائيل) تساوم الدول بالمال، والمشاريع وأمور أخرى، لذا بدا أن هناك انقساما داخل الاتحاد الأفريقي، منوها إلى أن الفقرة الثامنة من المادة الثالثة من ميثاق الاتحاد الأفريقي تنص على "تعزيز وحماية حقوق الإنسان والشعوب طبقًا للميثاق الأفريقى لحقوق الإنسان والشعوب والمواثيق الأخرى ذات الصلة بحقوق الإنسان والشعوب".
واختتم حديثه قائلا "المادة الرابعة من ميثاق الاتحاد الأفريقي، تمنع انضواء (إسرائيل) تحت راية الاتحاد، وتنص الفقرة الخامسة عشرة منها على "احترام قدسية الحياة البشرية وإدانة ورفض الإفلات من العقوبة والاغتيالات السياسية والأعمال الإرهابية والأنشطة التخريبية"، وهو الأمر الذي يتضارب مع سياسات (إسرائيل) وفق تعبير المصدر.
قبول (إسرائيل) مراقبا
وكان الاتحاد الأفريقي، علق قراره بقبول (إسرائيل) مراقبا، داخل الاتحاد الأفريقي خلال الدورة التي عقدت العام الماضي، بعد المعارضة القوية التي قادتها مصر والجزائر وجنوب أفريقيا، وشكلت لجنة برئاسة الجزائر وجنوب أفريقيا لبحث الملف إلا أنه لم يصدر عنها أي جديد خلال اثني عشر شهرا ماضية.
يذكر أن موسى فكي محمد، رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، وافق في يوليو من العام قبل الماضي 2021 على منح (إسرائيل) صفة مراقب في الهيئة المكونة من 55 عضوا ومقرها أديس أبابا، ما أعطى الدبلوماسيين (الإسرائيليين) انتصارا كانوا يسعون وراءه منذ ما يقارب عقدين، إلا أن الأمر جوبه باعتراض كبير من بعض القوى داخل الاتحاد الأفريقي، ولا سيما جنوب أفريقيا، وقالت محتجة إنه لم يتم التشاور معها بشكل صحيح وإن هذه الخطوة تتعارض مع العديد من بيانات الاتحاد الأفريقي، بما في ذلك تصريحات فكي محمد نفسه الداعمة للأراضي الفلسطينية.
وفي أكتوبر 2021 فشل وزراء خارجية الاتحاد الأفريقي، في حل الأزمة، فأدرجتها جنوب أفريقيا والجزائر على جدول أعمال قمة رؤساء الدول التي عقدت فبراير 2022، بحسب وثائق للاتحاد الأفريقي.
وقررت القمة الماضية للاتحاد الأفريقي التي عقدت في فبراير من عام 2022 تعليق النقاش والتصويت حول سحب صفة المراقب من (إسرائيل)، لتجنب مزيد من الانقسام داخل المنظمة، حول القرار الذي يعد خروجا على تقاليد ومقررات الاتحاد الذي صنف (إسرائيل) تاريخيا كنظام استيطاني عنصري ودولة احتلال.
أعضاء اللجنة الرئاسية السداسية التي تضم الرئيس السنغالي ماكي سال بصفته رئيس القمة، إضافة إلى رؤساء خمس دول ممثلة للأقاليم الأفريقية الخمسة، مع التمثيل المتساوي للدول الرافضة والمؤيدة للقرار.
وأصدر الاتحاد الأفريقي في فبراير 2022 قرارا بإنشاء لجنة سداسية لبحث الأمر، وضمت الرئيس السنغالي ماكي سال، بصفته رئيس القمة، بالإضافة إلى رؤساء الجزائر وجنوب أفريقيا والكونغو الديمقراطية وكينيا ونيجيريا، وهي الدول الممثلة لكل أرجاء القارة السمراء، وأصرت جنوب أفريقيا على ضم نيجيريا لإحداث نوع من التوازن بين مؤيدي انضمام (إسرائيل) وبين معارضي القرار "جنوب أفريقيا والجزائر ونيجيريا".
واستحدثت اللجنة السداسية باقتراح من رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا، لنظيره السنغالي ماكي سال، وطالب رامافوز سال بإلغاء قرار قبول (إسرائيل) مراقبا، إلا أن الرئيس السنغالي قرر تعليق القرار وليس رفضه، وهو القرار الذي جوبه بانقسام، حيث أيدته دول الجزائر وليبيا وتونس ونيجيريا وناميبيا، بينما عارضته وموقف جنوب أفريقيا، استمرارا لموقفها من قرار رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي الذي وصفته بـ"الجائر" وأصدرت وزارة الخارجية بيانا في يوليو 2021 وصفت فيه هذه الخطوة بأنها "مروعة"، وأوضح البيان الصادر عن وزارة العلاقات الدولية والتعاون أن جنوب أفريقيا أصيبت بالدهشة جراء "القرار الجائر وغير المبرر" الصادر عن الاتحاد الأفريقي بمنح إسرائيل صفة مراقب، مضيفا أن "الاتحاد اتخذ هذا القرار من جانب واحد دون استشارة الدول الأعضاء".
وأشار إلى أن هذا القرار تم اتخاذه في عام تعرض فيه الشعب الفلسطيني لقصف مدمر واستمرار الاستيطان غير القانوني على الأراضي المحتلة، في إشارة إلى انتهاكات (إسرائيل) لحي الشيخ جراح بالقدس المحتلة.
ولفت بيان الخارجية الجنوب أفريقية، إلى أن قرار منح (إسرائيل) صفة مراقب لا يتوافق مع موقف الاتحاد الأفريقي الرافض بشدة لمقتل الفلسطينيين وتدمير بناهم التحتية المدنية.
وانتقد رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا، قرار رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي بقبول (إسرائيل) مراقبا، مبديا أسفه واصفا القرار بأنه "سيقسم القارة"، وأن بلاده والدول الرافضة للقرار "غير مقتنعة على الإطلاق بالأسباب التي سردها رئيس المفوضية في كلمته التي برر بها اتخاذه هذا القرار"، مؤكدًا أن القرار به "عدد كبير من المغالطات التي سيتم الرد عليها سياسيًا في إطار عمل اللجنة المنبثقة من القمة"، ودعا إلى حماية وحدة القارة والحفاظ على الاتحاد الأفريقي ليعمل من أجل الوحدة الأفريقية. وأكد أنه "من أجل ذلك يجب وقف قرار رئيس المفوضية حتى لا تتمزق القارة لأسباب خارجية".
وفوض رامافوزا، الرئيس السنغالي رئيس القمة الحالية، الذي قرر بدوره عدم إلغاء قرار منح (إسرائيل) صفة مراقب، وترك المسألة مفتوحة ومنح الفرصة للجنة السداسية لمناقشته والتشاور والبت فيه.
وأيدت اقتراح رئيس جنوب أفريقيا كل من الجزائر وليبيا وتونس ونيجيريا وناميبيا، واعترضت عليه تشاد وليبيريا ورواندا والمغرب والكونغو الديمقراطية، مطالبة بأن يترك ذلك لتقدير اللجنة الرئاسية السداسية المنبثقة من القمة.
يذكر أن 72 دولة وتكتلا ومنظمة منحوا صفة مراقب، بما في ذلك كوريا الشمالية والاتحاد الأوروبي وبرنامج الأمم المتحدة المشترك المعني بفيروس نقص المناعة المكتسبة "الإيدز"، ومنحت (إسرائيل) من قبل صفة مراقب في منظمة الوحدة الإفريقية، لكنها فقدت ذلك الوضع عندما تم حل الهيئة واستبدلت بالاتحاد الإفريقي عام 2002.
وعزت الحكومة (الإسرائيلية) هذا الأمر إلى الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي، الذي كان له نفوذ كبير في الاتحاد الأفريقي حتى الاطاحة به ومقتله عام 2011.
وعندما أعلن فكي محمد منح (إسرائيل) هذه الصفة في يوليو الماضي، أصدرت وزارة الخارجية (الإسرائيلية) بيانا وصفت فيه استبعاد (إسرائيل) السابق بأنه "وضع شاذ" وأشارت إلى أنه لديها علاقات مع 46 دولة أفريقية.
المصدر: البوابة نيوز