ليس المطلوب مناقشة كل الوثائق التي بحوزة قناة الجزيرة والتي عنونتها ( كشف المستور) ولكن ما يقدم هو نماذج يمكن القياس عليها في كثير من الحالات التي تم فيها اغتيالات بعض القيادات الفلسطينية المقاومة والتي تم تنسيق اغتيالها عبر التعاون الأمني الذي لم يكن وليد حالة الانقسام، ولكنه شرط من شروط اتفاق أوسلو ووجود السلطة.
الشهيد حسن المدهون الذي اغتيل بواسطة طائرة أباتشي إسرائيلية في 2005 في فترة كانت تشهد هدوء أمنيا على صعيد المقاومة، ولكن المدهون وفوزي أبو القرع كانا من خطط وأرسل منفذي عملية ميناء أسدود، العملية التي هزت الاحتلال الإسرائيلي، كان لابد من القضاء على المدهون وأبو القرع، وهذا لن يتم إلا بالتعاون مع السلطة الفلسطينية، وما كشفته الجزيرة من وثيقة سجلت حوارا بين نصر يوسف وزير الداخلية في السلطة في تلك الفترة والإرهابي شاؤول موفاز والتي كشفت عن دور السلطة في عملية الاغتيال.
ولكن السؤال الذي نريد له إجابة، من وضع المتفجرات في سيارة الشهيد جهاد العمارين، ولماذا تم اغتياله عبر تفجير سيارته وهو الضابط في السلطة الفلسطينية؟، ومن يقف خلف تفجير سيارته بالقرب من مستشفى الشفاء بمدينة غزة؟، ما كان هناك من معلومات في ذلك الوقت أن المتفجرات زرعت في سيارة العمارين بأيدي جهاز الأمن الوقائي، لان العمارين كان يشكل حالة مقاومة وكان يتولي مجموعات عسكرية نفذت العديد من العمليات العسكرية، وكان العمارين ينسق مع بقية القوى المقاومة في قطاع غزة، الأمر الذي كانت ترفضه السلطة، ولم تفلح معه كل الجهود من اجل ثنيه عن المقاومة، فكان لابد من التخلص منه بناء على أوامر صدرت من قبل الجانب الإسرائيلي وتم الاغتيال.
قضية العمارين أيضا مثالا من الأمثلة التي يجب أن توضع في الاعتبار عند الحديث عن التعاون الأمني بين السلطة وإسرائيل، وهناك العشرات ان لم يكن المئات من الشهداء قضوا إما بأيدي السلطة نفسها وأجهزتها وهنا مثال ثالث وهو عملية اغتيال أيمن الرزاينة وعمار الأعرج من الجهاد الإسلامي واللذين استشهدا على أيدي جهاز المخابرات الفلسطينية خلال تواجدهما في بيت في مخيم الشاطئ في 2-2-1996، في الرابع عشر من رمضان 1417هـ، وهما ينتظران موعد الإفطار.
هذا الذي عبر عنه صائب عريقات كبير المفاوضات عندما تحدث عن قتل أبناء الشعب الفلسطيني من اجل عيون إسرائيل، هذا هو التنسيق الأمني والتعاون الأمني بين السلطة وإسرائيل والذي كان هدفه هو القضاء على المقاومة والمقاومين، والوثيقة البريطانية التي كُشف عنها والتي حملت خطة للسلطة والأجهزة الأمنية في القضاء على المقاومة وعلى حماس في الضفة الغربية، والتي عبر عن جزء منها أيضا عريقات في إحدى الوثائق عندما أشار إلى السلطة ليست دولة ولكنها تقوم بعمل أكثر من الدول من ملاحقة أموال الزكاة وخطب الجمع.
الواقع والمشاهد فيه من الأدلة أكثر مما قدمته الجزيرة واختم بالتأكيد على ما أقول بالصور التي نشرت عن حضور ضباط إسرائيليين لتدريبات للشرطة وقوات الأمن في الضفة الغربية والزيارات المتبادلة بين ضباط أمن فلسطينيين وإسرائيليين وكذلك ترتيب جولات ميدانية لضباط إسرائيليين في مدن الضفة بحماية أجهزة الأمن الفلسطينية.