قائمة الموقع

هكذا اشتعل جبل النار من أجل مطاردي حوش البلدة القديمة

2023-02-23T13:02:00+02:00
الرسالة نت- رشا فرحات

مطاردو نابلس يسيرون في حوش البلدة القديمة، يعرفهم المارة جميعا، وينظرون إليهم بفخر وهم يسيرون في أروقة البلدة القديمة، يجالسونهم ويقدمون لهم الحلوى، وهذا ما حدث بالأمس.

أكل شباب نابلس الحلوى، وابتاعوا مدفأة من أحد المحال القديمة، وسلموا على الجيران، وعادوا إلى المنزل الذي يختبئون فيه، وبعدها بدقيقتين خرج من المسجد شيخان يحملان سجادتي صلاة، ولحقا بشباب نابلس قبل أن يكتشف أهالي الحارة أنهم قوة خاصة يتنكرون بلباس رجال الدعوة، وما أن أطلقوا أول رصاصة حتى خرج عشرات الجنود من خلف الجامع الكبير بالبلدة القديمة في نابلس.

اشتعلت الحارة في دقائق، اعتصم شباب العرين في ذات المنزل الذي استشهد فيها النابلسي، وبدأت القوات الخاصة تتوافد، طوق أمني عم كل المدينة القديمة، واعتلى الجنود أسطح المنازل، والطائرات تحلق في الفضاء، تطلق النار كيفما كان، اشتعلت السماء والأرض في دقائق معدودة وانطلق الرصاص.

شهدت حارة (الحبلة) بالبلدة القديمة، اقتحاما وعملية وأعدادا وعتادا وطائرات، اغتيال مقصود مدروس، يشبه اغتيال البطل إبراهيم النابلسي قبل ستة أشهر.

نفس المشهد: أخذت أبواق الاحتلال تنادي في محيط المنزل على حسام سليم ومحمد الجنيدي، وهما أبرز المطلوبين للاحتلال في شمال الضفة الغربية.

"الشوف مش زي السمع" هكذا قال عابر سبيل كان قد مر في تلك اللحظة، ورأى القنابل التي تسقط من السماء، وعشرات الجنود وهم يحاصرون البيت من كل اتجاه، واستنفار الأهالي، ومشاركة شباب الحارة في الذود عن بطليهما، مشهد آخر يسجل في الذاكرة إلى الأبد.

ثم بدأ العد:" شهيد، اثنان، ثلاثة" حتى اكتمل العدد إلى عشرة شهداء ارتقوا في ساعتين و100 مصاب قدموا ما في وسعهم لينقذوا البارودة الباقية، ومع نهاية النهار أعلنت سرايا القدس استشهاد قائد كتيبة نابلس.

ثم بدأت رسائل الموت وقصص الشهداء تغزو حياة الأحياء مع نهاية النهار، وترسم وجها عابسا للمدينة الصامدة، وتصدره إلى كل الفلسطينيين، وتعطينا لمحة عن بطلين لم يقبلا حتى اللحظة الأخيرة بأن يكون الاستسلام نهاية المشوار الطويل.

 أرسلوا رسائلهم القصيرة المختصرة، حيث كتب الجنيدي على صفحته من قلب المعركة، ومن تحت زخات الرصاص، أنه محاصر مع رفيقه حسام، وطلب من الجميع أن يسامحوه، وإنهما لن يستسلما، ولن يسامحا من خذلهما ونقض عهد المقاومة.

حسام سليم أرسل لأمه من قلب الموت رسالة يتيمة أخرى وأخيرة: "بحب أمي، ما تتركوا البارودة من بعدي، وما تنسوا الوديع والنابلسي"، بينما قال الجنيدي "قولوا لأمي إني نلت ما طلبت: الشهادة، ارفعوا رؤوسكم بنا".

واتهم الاحتلال (الإسرائيلي) الشهيد حسام سليم بالوقوف خلف عملية قتل الجندي (الإسرائيلي) عيدو باروخ قرب مستوطنة "شافي شمرون" شمال غرب نابلس، بعد إطلاق النار عليه من سيارة مسرعة، وذلك في 11 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

أما الجنيدي فتتهمه (إسرائيل) بالانتماء لسرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، وبتنفيذ أكثر من عملية ضد جنودها والمستوطنين، وبدأت مطاردته قبل نحو 8 أشهر.

رحل البطلان ومعهما ثمانية آخرون، كانوا حماة للعرين وللمدينة، ورسالة أخرى للاحتلال بأن الموت حينما يأتي لا يقبل الفلسطينيون إلا بحمله معا، فإما نستسلم أو نموت جميعا، وهكذا خلفت القصة أحد عشر شهيدا وأكثر من مائة إصابة روت دماؤهم أرض نابلس في ساعات.

اخبار ذات صلة