يُطلق الفلسطينيون مسمى "المُغْتَصَبات" على المستوطنات الإسرائيلية التي أقامتها على الأراضي الفلسطينية التي احتلتها وتوسعت عليها إسرائيل خلال نكسة يونيو/حزيران عام 1967م، حيث يُقيم نحو 475 ألف مستوطن في وحدات وبؤر استيطانية في الضفة وسط أكثر من 3 ملايين فلسطيني.
تعد هذه المستوطنات من أبرز الملفّات الشائكة والمستعصية في إطار النزاع الإسرائيلي الفلسطيني المستمر منذ عقود، فإسرائيل لا تتوقف عن سياستها الإجرامية في سلبها المزيد من الأراضي الفلسطينية.
*إقامة وحدات استيطانية جديدة*
فمنذ اللحظات الأولى لاحتلال فلسطين، صعّدت إسرائيل أنشطتها الاستيطانية في الضفة الغربية والقدس المحتلة، حيث صادقت في السنوات الأخيرة على بناء نحو 7 آلاف وحدة استيطانية، جميع هذه الأعمال التوسعية الإجرامية هدفت إلى تقويض إمكانية التوصل إلى اتفاق سياسي مع الفلسطينيين.
تسعى الحكومة الإسرائيلية الجديدة اليمينية المتطرفة برئاسة بنيامين نتنياهو ضمن مخططاتها التوسعية، للعمل على بناء وحدات استيطانية جديدة في القدس المحتلة والضفة الغربية، بالإضافة إلى ما جاء في إعلان مجلس الوزراء الإسرائيلي المصغر "الكبينيت" أنه سيضفي شرعية على 9 بؤر استيطانية إسرائيلية مقامة على الأراضي الفلسطينية التي تحتلها إسرائيل منذ العام 1967م.
إسرائيل لم تكتفِ بما نهبته وصادرته من أراضٍ حتى يومنا هذا، حيث اعتمدت سياسات الحكومات الإسرائيل المتعاقبة على تقديم قرابين الرضا للشعب الإسرائيلي والمستوطنين، بُغية كسب تأييدهم والحصول على أصواتهم في كل انتخابات تُجريها.
لقد تعهدت الحكومة الجديدة بالعمل على تعزيز الاستيطان، وأعطت الضوء الأخضر لبناء 10 آلاف وحدة استيطانية جديدة في المستوطنات القائمة، حيث تصادر إسرائيل الأراضي الفلسطينية الخصبة المليئة بالمصادر الطبيعية لبناء المستوطنات عليها، وتحرم الفلسطينيين من حقهم في إنشاء دولة على ما تبقى من هذه القطعة الصغيرة من أرض دولة فلسطين التاريخية؛ لأن أطماع الاحتلال الإسرائيلي وأحلامه في إسرائيل الكبرى هي "من النهر إلى البحر".
*المستوطنات مصدر التوتر والصدامات*
تُشكل المستوطنات المصدر الأساسي لانعدام الاستقرار والاستياء في أوساط شعبنا الفلسطيني، وقد أثبتت الأيام أن وجود المستوطنات تؤجج نار الاشتباكات والصدامات، لذا تعيش الأراضي الفلسطينية حالة من الاحتقان والغليان نتيجة الجرائم الإسرائيلية المتواصلة ضد الفلسطينيين، وهو ما جعل المقاومة تُطور من أساليب عملياتها النوعية في مدينة القدس المحتلة ومدن الضفة الغربية.
وعلى الرّغم من الجهود الكبيرة التي يبذلها الاحتلال الإسرائيلي في مواجهة تلك المقاومة، والعمل على حصرها في مناطق مُحدَّدة، فإنها وصلت إلى مرحلة لا يمكنه فيها السيطرة عليها.
في حال استمرت حكومة نتنياهو بإجراءات بناء وحدات استيطانية جديدة؛ فإن ذلك سيؤجج الموقف لدى الفلسطينيين، وسيُشعل براكين اللهب على الاحتلال الإسرائيلي.
*الموقف الدولي من الاستيطان*
تُعد بناء المستوطنات خرقاً للقانون الدولي الإنساني، وخرقاً لحقوق الإنسان المتعارف عليها بموجب القانون الدولي، حيث يمنع القانون الدولي الإنساني الدولة المحتلة من نقل مواطنيها إلى المناطق التي قامت باحتلالها، وفق البند 49 من اتفاقية جنيف الرابعة.
إن كل نشاط استيطاني هو إجراء غير قانوني، حيث تُشكّل المستوطنات في القدس المحتلة والضفة الغربية انتهاكاً صارخاً وخطيراً للقانون الدولي وقرارات مجلس الأمن الدولي، ولاتفاقيات جنيف، لذلك تفتقد الإجراءات الإسرائيلية للشرعية قانونية.
لقد بحث مجلس الأمن الدولي مشروع قرار، طالب فيه إسرائيل "بالوقف الفوري والكامل لجميع الأنشطة الاستيطانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة"، كما تعتبر معظم القوى العالمية المستوطنات التي تُقيمها إسرائيل على الأراضي الفلسطينية التي احتلتها في العام 1967م بأنها غير قانونية وتنتهك القانون الدولي.
لكن إسرائيل ترفض تلك الإدانات، وتزعم أنها روابط توراتية وتاريخية وسياسية بالضفة الغربية، إلى جانب أنها تحافظ على مصالحها الأمنية، ورغم ما يقوم به مجلس الأمن فإن الموقف الدولي ضد الاستيطان غير كافٍ، لأنه يقتصر على الشعارات والشجب والاستنكار، ولم يتعدّ ذلك في الإجراءات، مما جعل إسرائيل تتمادى في إجرامها، فهي لم تعد تحسب حساباً لأي فعل تقوم به لا من مجلس الأمن ولا من غيره.
تمرّ القضية الفلسطينية بأسوأ حالاتها نتيجة الخُذلان السياسي، إضافة إلى المحاولات المتكررة من الاحتلال لتدنيس كل ما هو مُقدَّس لدى الفلسطينيين.
باعتقادي في حال استمرت سياسة حكومة نتنياهو المتطرفة في سلب ومصادرة المزيد من الأراضي الفلسطينية، فإن تلك الإجراءات الإجرامية ستزيد من حالة الاحتقان وستؤجج الموقف الفلسطيني، وستكون هناك ردود فعل قاسية تجاه الكيان الإسرائيلي، ولا سيما على المُحرض الأول "إيتمار بن غفير" وزير الأمن القومي الإسرائيلي.