لم تمضِ ساعات على انتهاء مؤتمر العقبة الأمني والإعلان عن مخرجاته التي لاقت غضبا كبيرا من السلطة في طريقة التعامل مع القضية الفلسطينية، حتى تنصلت حكومة الاحتلال منها.
ولعل عملية حوارة التي أدت إلى مقتل اثنين من المستوطنين لخّصت الحديث عن الرفض الكبير لقمة العقبة، إلا أن تصريحات رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو ووزيره ايتمار بن غفير، تدلل على مدى الاستخفاف بالسلطة وبحجمها في الشارع الفلسطيني.
ويرى مختصون في الشأن الاقتصادي أن السلطة لا تزال تجري خلف سراب منذ نشأتها، وحتى يومنا هذا، رغم اقتناعها بعبثية هذه اللقاءات التي لا تعبّر عن إرادة الشارع الفلسطيني.
سياسة إرضاء!
المحل السياسي الدكتور أليف صباغ، أكد أن السلطة تتطلع لإرضاء (إسرائيل) بأي طريقة، "حتى ولو كانت على حساب الشعب الفلسطيني وإرادته".
وقال صباغ في حديث لـ "الرسالة نت": "السلطة تكرر التجربة للمرة الألف رغم إدراكها عبثية هذه اللقاءات التي تخدم الاحتلال فقط".
وأشار إلى أنها سياسة فاشلة تعيد السلطة لحظيرة التنسيق الأمني وقمع المقاومة، "وهو ما يدلل على حالة النبذ التي باتت فيها السلطة خلال السنوات الأخيرة".
وحول صيغة نتائج مؤتمر العقبة، قال الصباغ "نجد فيها استخفافا (إسرائيليا)، ولا تتماشى حتى مع الاتفاقيات الدولية فيما يتعلق بالاستيطان وحقوق الشعب الفلسطيني".
وفي قراءة تحليلية للبيان الختامي لاجتماع قمة العقبة الأمنية، فإن التزام الجانبين الفلسطيني و(الإسرائيلي) بجميع الاتفاقيات السابقة، يعني فعليًا العودة للتنسيق الأمني.
كما أن تأكيد الجانبين على ضرورة الالتزام بخفض التصعيد على الأرض ومنع المزيد من العنف، يعد إقرارا من السلطة بالرواية (الإسرائيلية) بشأن وجود تصعيد وعنف فلسطيني، وتعهد بالعمل على محاربة ذلك.
ويعد تأكيد الحكومة (الإسرائيلية) والسلطة استعدادهما المشترك والتزامهما بالعمل لوقف الإجراءات أحادية الجانب، "مساواة بين الضحية والجلاد، فضلا عن اعتبار ذهاب السلطة إلى مجلس الأمن لشكوى الاستيطان خطوة خطيرة أحادية الجانب، ما يعني عدم توجهها لمجلس الأمن إلا بإذن (إسرائيلي) أي أن الخطوة لن تتم من الأساس".
كما أن التزام (إسرائيل) بوقف مناقشة إقامة أي وحدات استيطانية جديدة لمدة 4 أشهر ووقف إقرار أي بؤر استيطانية جديدة لمدة 6 أشهر، حديث فارغ لذر الرماد في العيون، لأن الاحتلال أقر الأسبوع الماضي بناء 7 آلاف وحدة استيطانية في الضفة والقدس، ما يفوق كل ما تم إقراره خلال العام الماضي.
المحلل السياسي، فريد أبو ضهير، أكد أن الاتفاقية جاءت بكلام فضفاض وصيغة ترضي الاحتلال، "فعندما نتحدث عن صيغة عدم مناقشة قضية الاستيطان لعدة أشهر، فهي استخفاف بالعقول الفلسطينية".
وقال أبو ضهير: "من يضمن (إسرائيل) لوقف الاستيطان، هل مشكلتنا في 4 شهور فقط، وماذا بعد هذه الفترة القصيرة؟".
وبيّن أن ما حدث من حرق وقتل للمواطنين في بلدة حوارة قضاء نابلس، يؤكد أن اتفاقية العقبة ماتت قبل أن تولد.
وأضاف: "رغم ذلك ستعمل السلطة على تنفيذ ما عليها من هذه الاتفاقية بحذافيرها، ولكن لن تلتزم (إسرائيل) بأيِ من بنودها".
ولفت إلى أن الأخطر في نتائج الاجتماع، أن البيان لم يتضمن وقف البناء الاستيطاني، وهذا يعني أن بناء الوحدات الاستيطانية الذي جرت المصادقة عليه الأسبوع الماضي سيسير على قدم وساق.
وأشار أبو ظهير إلى أن الحديث الفضفاض يشمل الكثير من الأشياء والخطوات المشتركة التي يمكن أن تتخذ لمحاربة المقاومة تحت عديد الذرائع، "لكن المهم أنه إعلان رسمي لعودة اللقاءات المباشرة بين السلطة والاحتلال".