كان سهلا على الأربعيني "س" أن يرتدي عمامة الشيوخ ويصنع لنفسه مكانة افتراضية عبر الفيسبوك.
التقط العشرات من الصور التي توحي بوقاره ووضعها على حسابه الشخصي، وبدأ بكتابة منشورات إيمانية وأدعية بصوته وهو يبكي فجذبت الآلاف من المتابعين، خاصة بعدما استعرض قصص نجاح له، كأن يقرأ على رأس مريض ويشفى.
اهتدى "س" قبل عام للإعلان عبر صفحته أنه شيخ يمكنه "جلب الحبيب"، فتهافتت عليه العشرات من المطلقات أو المخطوبات لردهن إلى أزواجهن بعد الطلاق، ومساعدة من تريد الزواج بالخطوبة.
في البداية كان ينشر قصصا وهمية يتفق مع أفراد شبكته للتمثيل عبر فيديو كأن تقول السيدة إنها لجأت إليه وقرأ عليها القرآن وبعضا من الأدعية وبعد ساعات قليلة طرق طليقها الباب لردها، تلك القصص التي توالت على مدار أكثر من أسبوع دفعت الإناث للتهافت عليه.
ولدرء الشبهات كان دوما يردد عبر صفحته لمتابعيه "لست بساحر"، وفي ذات الوقت كان ينتهج أساليب مشبوهة اتضحت حين تقدمت "سارة" – اسم مستعار- بشكوى ضده لدى شرطة غزة.
تحكي قصتها أنها كانت ترغب بالزواج من زميلها في العمل، وأخبرتها صديقتها أنه يمكنها أن تلجأ لشيخ كي تلفت انتباه زميلها للزواج منها، ولأنها كالغريق الذي يتعلق بـ "القشة" كما روت، فعلت ذلك وتواصلت معه.
في المقابلة الأولى طلب منها أن تحضر صورة لها دون حجاب للقراءة عليها، وحينها لم تر أمامها سوى هدف واحد هو الارتباط، فاستجابت له، ثم بدأ يتواصل معها عبر الفيسبوك والحديث بمواضيع غير لائقة ومن ثم يحفظ تلك المحادثات، ويطلب منها صورا غير محتشمة وبعد أيام قليلة بدأت رحلة الابتزاز "المادي والجنسي".
بدأ من يدعي بأنه شيخ بابتزازها ماديا وطلب المال، مع الخوف تقول إنها استجابت له عدة مرات وكانت المبالغ كبيرة تصل في كل مرة إلى أكثر من ألفي شيكل، وما زاد الطين بلة أنه اخترق حسابها عبر الفيسبوك، كما تمكن من الدخول إلى هاتفها المحمول وسحب صورها في كثير من المناسبات لتهديدها.
بقي يهددها في فضحها وإرسال صورها ومحادثاتها إلى أقاربها والجيران، في حال لم تحول المال عبر منصة "بيرفكت موني" وكان يستخدم عدة أرقام لابتزازها.
بعد فترة لم تستطع تلبية مطالبه فقررت أن تشتكي عليه، وسرعان ما ألقت الشرطة القبض عليه لتتجرأ بعدها العديد من الفتيات للتقدم ببلاغات ضده.
تمكنت الشرطة عبر دوائرها المختصة من مصادرة جميع الأجهزة التي يستخدمها لابتزاز الفتيات ومسح ما عليها، وإرجاع غالبية الأموال التي كان يتحصل عليها بطرق ملتوية، ومن ثم حول إلى النيابة العامة ثم القضاء ليأخذ حكما يتناسب مع جريمته ليكون عبرة لغيره.
يعقب العميد أيمن البطنيجي المتحدث باسم الشرطة بغزة، على الواقعة السابقة بالقول: "هناك العشرات من اللصوص الذين يتربصون بالضحايا عبر مواقع التواصل الاجتماعي، تماما كما على أرض الواقع ورغم أن وقائعها افتراضية لكن عواقبها واقعية.
ويضيف البطنيجي: "يظن مرتكب الجريمة أنه في مأمن ولا تستطيع الجهات الرسمية الوصول إليه كون الجريمة مغطاة، وينسى أن هناك طواقم شرطية متخصصة تتعرف عليه إلكترونيا وتوقعه في أي لحظة".
ودعا المواطنين إلى عدم الانخداع بالصفحات التي تبيع الوهم عبر الأجهزة الإلكترونية، وألا يصمتوا على الأذية بل المسارعة في تقديم الشكوى سواء كان الفاعل في داخل القطاع أو خارجه.
ونصح البطنيجي الشباب باستخدام مواقع التواصل الاجتماعي إيجابيا لإيجاد عمل عبر الإنترنت (أونلاين) يمكن الاستفادة منه بدلا من أذية المواطنين.