قائد الطوفان قائد الطوفان

مقال: عن ماذا نكتب ان لم نكتب عن مصر؟

وقفت حائرا أمام ما يجري في مصر، وسألت نفسي هل من الحكمة الصمت وعدم التعبير عن موقف حول ما يجري، وهل سيقبل القارئ أن نتحدث عن قضايا بعيدا هما يجري في مصر، مهما كانت الأسباب والمبررات، ووضعت نفسي بدلا عن القارئ الجالس منذ خمسة أيام أمام شاشات التلفاز يتابع ما يجري في الشارع المصري، ثم في الصباح يجد الكتاب والصحفيين على أعمدتهم يتحدثون عن لعبة كرة قدم بين نادي الاتحاد وشباب رفح مثلا.

وهل من المنطق والمنطقة تتعرض لرياح التغيير بشكل عاتي أن نتحدث عن نزهة على شاطئ البحر أو نتناول قضية هامشية لا تخطر على بال حتى لمجرد تعبئة فراغ، والجميع ينتظر أن يجد رأيا أو تحليلا حول ما يجري من حوله، عندها سيشعر بالاستهانة به من قبل من يقرا له لأنه من غير المعقول أن لا يجد من كاتبة ما يقنعه وما يزيد من معرفته، ولو تكرر هذا الأمر سيفقد الكاتب مكانته في قلوب القراء وستفقد الصحيفة أهميتها وسينفض من حولها من التف على مدى سنوات طوال.

صحيح هناك لكل مؤسسة حساباتها الخاصة، ولها منطلقاتها المراد الثبات عليها، ولا تريد أن تتدخل في ما يجري في البلدان من حولها، ولكن غاب عن هذه المؤسسات أن التعبير عن الرأي وتفسير الأحداث والتعليق عليها والتحليل والتوقعات لا تعني تدخلا في سياسات هذه الدول، ولا يعني أن ذلك يخالف حسابات هذه المؤسسة أو تلك، لأنه ليس بالضرورة أن تتفق وجهات نظر الكتاب مع سياسة الصحيفة وليس من الضروري عند التعبير عن الرأي وليس عن السياسة الخاصة بأي مؤسسة ان يكون هناك اختلافات في وجهات النظر، وقالوا في قديم الزمان الرأي حر والخبر مقدس.

يجب أن ندرك أن الصحافة الجماهيرية ليست نشرة علاقات عامة، وليست تعبيرا فقط عن الجهات الداعمة والراعية للمؤسس، الصحافة اكبر بكثير من وجهات النظر هذه، الصحافة هي انعكاس للمجتمع، وقالوها أن الصحافة المرأة  التي تعكس ما يجري في المجتمع، والمجتمع كله ينظر إلى هناك، إلى مصر لان مصر وما يجري فيها له تأثير كبير على المجتمع الفلسطيني.

نحب مصر نعم، نحرص على مصر نعم، نتمنى الخير لمصر نعم، ولكن أن نصمت على الجرائم المرتكبة في مصر من نظام فاسد، وعدم تفسير وتحليل ما يجري ومدى تأثيره علينا وتأثرنا به، فهذا أمر خاطئ ولا يحكمه منطق أو عقل، هذا النظام إلى زوال، ألا نحذر من السير على نسق هذا النظام، لان الظلم إلى زوال مهما طال، وأين هي المصلحة الفلسطينية في السكوت على ما يجري على ارض وقد اكتوينا من سياسات هذا النظام، هل لو صمتنا وبقي هذا النظام سيغير من علاقته معنا؟، هل لو بقي هذا النظام سيفرج عن المعتقلين الفلسطينيين أمثال أيمن نوفل؟، هل بقاء هذا النظام سيوقف الحصار على غزة وتجفيف منابع المقاومة وتزويدها بالأسلحة؟، هل لو بقي هذا النظام سيفتح لنا الحدود ويسمح لنا بالتواصل الحر مع العالم الخارجي دون قوائم الممنوعين ودون حجر للفلسطينيين في غرف حجز المطارات أو ترحيلهم دون النزول إلى مصر في عربات الشرطة المخصصة للمجرمين؟.

 

البث المباشر