ازدادت الاتهامات لسلطة النقد بالتقصير خلال جائحة كورونا وما تبعها من ارتفاع أسعار الفائدة خلال العام الماضي، بحماية المقترضين الفلسطينيين من التغيرات الدراماتيكية التي تطرأ على أسواق الصرف.
ووفق مختصين، فإن سلطة النقد لم تتخذ الإجراءات الكافية لتحجيم الأضرار التي لحقت بالمواطنين بسبب ارتفاع أسعار الفائدة وسعر صرف الدولار الأمريكي أمام الشيكل وغيرها من المشاكل.
وصبّت هذه الإشكاليات في صالح البنوك العاملة في الأراضي الفلسطينية، في وقت اكتوى فيه المقترضون منها بشكل كبير دون تحرك فعلي للحد من ذلك.
جملة إجراءات
وزير التخطيط الأسبق والاقتصادي الدكتور سمير عبد الله، أكد أنه لابد أن تعمل سلطة النقد على أساس إبقاء التنافسية بين البنوك في تقديم الخدمات.
وقال عبد الله في حديث لـ (الرسالة نت): "لعل المشكلة أن بنكين أو ثلاثة تسيطر على الحصة الأكبر في السوق الفلسطينية، وهو ما قد يمنع في تخفيض البنوك أسعار خدماتها".
وأشار إلى أن التجربة الجديدة للقطاع المصرفي في فلسطين والتي بدأت تدريجيا في منتصف التسعينيات من القرن الماضي، وعدم وجود الخبرة الكافية في التعامل مع هذا القطاع وعدم قدرة الحكومة على تطوير هذا القطاع خلال السنوات الماضية هو السبب في بعض التقصير الذي يطرأ على سوق الصرف".
وأضاف: "حتى التطور لا يتفاعل بصورة ديناميكية مع مطالب السوق والاقتصاد، وبالتالي نجد أن السياسات النقدية للكثير من البنوك تأتي من الخارج ولا يتم صياغتها في السوق الفلسطيني، ولذلك لابد من إلزام البنوك بسياسات موحدة تتبع النظام المصرفي الفلسطيني".
ودعا عبد الله لجملة من الإجراءات في سبيل تخفيف مشاكل القروض أوقات الأزمات، وخصوصا في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يمر بها الفلسطينيون.
وانتقد تقرير صادر عن مرصد السياسات الاجتماعية والاقتصادية، دور سلطة النقد في أزمة المقترضين وارتفاع أسعار الفائدة.
واتهم التقرير سلطة النقد بأنها "أدارت ظهرها للمقترضين، بالرغم من وجود العديد من الآليات القانونية التي يمكن أن تساهم في التقليل من أثر الأزمة على الناس".
وقال التقرير: "رغم عدم وجود عملة فلسطينية، يتم التداول في العملات الأربعة الرئيسية (الدولار، الشيكل، اليورو، الدينار)؛ إلا أن هناك أدوات قانونية ومالية يمكن لسلطة النقد اللجوء إليها، مثل رفع نسبة الاحتياطي الإلزامي لتخفيض حجم السيولة، والحد من قدرة البنوك على إعطاء تسهيلات ائتمانية كبيرة؛ بهدف الحد من ارتفاع الأسعار".
كما يمكنها إجراء تدخلات في طبيعة القروض والقطاعات التي تذهب إليها، وتحديد معايير الائتمان المقبولة، وتحديد السقف الأدنى والأعلى لأسعار الفائدة، وتحديد شكل الدعاية والترويج للتسهيلات الائتمانية القائمة حالياً والمخالفة للقانون".
ووفق ما أروده التقرير، فإن سلطة النقد لم تقم بذلك، مع العلم أن قانون رقم (2) لسنة 1997 بشأن سلطة النقد وحسب المادة 51 يعطيها هذه الصلاحية.
إضافة إلى ذلك، تستطيع سلطة النقد إجبار البنوك على تحديد سعر فائدة أعلى على الودائع، وهذا إجراء ضروري للحد من انتقال الودائع للخارج.
وفي يناير الماضي، أعلن محافظ سلطة النقد، فراس ملحم، أن سلطة النقد تدرس استخدام أدوات للحد من تأثير ارتفاع أسعار الفائدة على القروض.
وفوجئ مقترضون مطلع شهر يناير الجاري، خصوصا بعملة الدولار، بزيادات كبيرة على أقساط بعضهم بمئات الدولارات، جراء رفع البنوك سعر الفائدة بنسب تصل إلى 4%، إضافة إلى سعر الفائدة الأصلي المتعاقد عليه، ما أثار استياء واسعا بين المقترضين.
وقال ملحم في مؤتمر صحفي: "إن أسعار الفائدة ارتفعت في كل أنحاء العالم، وانعكست علينا"، مشددا على أنه رغم هذا الارتفاع "ما زالت الفائدة لدينا أقل من الدول المجاورة".
وبرر ملحم رفع الفائدة على القروض بـ "ضرورة الموازنة بين الفائدة على القروض من جهة، والفائدة على الودائع من جهة أخرى".