قائمة الموقع

جهاد الشامي.. شهيد آخر مُقبل

2023-03-14T18:59:00+02:00
رشا فرحات

"امبارح كنت بشتغل مع أخوه، قلتله عندي إحساس إنه جهاد حيصير معه إشي، بعدها استشهد"، هكذا عبّر أحد أطفال بلدة صرة الواقعة جنوب غرب مدينة نابلس، وهم يودعون صديق الحارة الشهيد جهاد الشامي.

يذكر أطفال الحارة جهاد الشامي، ويكررون كثيرا: "كان يصلي، ويطلب منا نصلي، كل ما شافني كان يسلم عليّ ويمزح معي، ويذكرني أروح أصلي".

ارتقى مقبلا قبل يومين، في مواجهة عنيفة بين شباب بلدة صرة وقوات الاحتلال على أراضي البلدة.

في ذلك المساء، الذي لا يشبه مساءات المقاومين الساهرين على الثغور، خرج جهاد ورفاقه بعد رصد جنود من وحدة "غولاني" على حاجز صرة العسكري. تحركوا ثلاثتهم، ثلاثة أصدقاء، منهم جهاد وقريبه عدي، لينصبوا كمينا لمجموعة جنود، وهناك وقع الاشتباك من مسافة صفر قبل أن يحاصر الاحتلال الثلاثة ويقتلهم بدم بارد ويحتجز جثامينهم، والشهداء هم: جهاد الشامي، وعدي الشامي، ومحمد الدبيك.

وتوعّدت عرين الأسود في بيان لها جنود الاحتلال بـ (موجة جديدة من العمليات) تحمل توقيع (الذئاب المنفردة)، وقالت: "إن سلسلة عمليات الثأر مستمرة"، مؤكدة أن "الدماء النازفة من نابلس إلى جنين، مرورًا بكل شبرٍ في فلسطين، تزيدهم إصرارًا على مواصلة طريق النصر والتحرير".

ابن عم الشهيدين جهاد وعدي قال واصفا تلك الليلة: "ما حدث أننا استيقظنا على جريمة، بدأنا نتحرى أن هناك كمينا نصب لابني العم، وما زاد الوجع أكبر أننا عرفنا أن جثامين أبنائنا محتجزة، وقررنا ألا نقوم بمراسم الحزن حتى تعود جثامينهم وندفنهم كما ينبغي أن يدفن الشهداء".

عم الشهيدين جهاد وعدي تناول في حديثه تلميحًا لموقف السلطة، إذ قال: "كلنا مشاريع شهادة، وهذا محتل لن يهدأ، والمهادنة معه لن تفيد، وسيظل يقتل فينا لأصغر ولد، نحن فخورون بأولادنا، وسينتقم الله من كل مرتزق وعميل وكل من باع وطنه، وكلنا نتمنى الشهادة مثلما تمناها جهاد، أنا وأبنائي كلنا مشاريع شهادة".

لم يكن جهاد ورفاقه مستهدفين من الاحتلال فقط؛ وإنما من السلطة أيضا، التي اختطفت في يناير الماضي المقاومين الشهيدين جهاد الشامي ومحمد الدبيك.

وكانت أجهزة السلطة قد اعتقلت أيضا محمد الدبيك برفقة نايف أبو شمط، وصادرت عتادهما وسيارتهما.

وفوق كل هذا الأسى أتت السلطة لتعزي عوائل الشهداء؛ لكنها رفضت استقبال أجهزتها الأمنية وأبلغتها بعدم الحضور.

وطرد شقيق الشهيد جهاد الشامي الضابط في أمن السلطة أبو عرب البسطامي، وقال له: "أنت عذبت أخوي، كيف جاي تعزّي فيه؟!".

يقول والده وهو يتذكر جهاد: "كل صفات الجمال في ابني، يشبه كل شاب غيور على البلد، كنت أقول له دوما اهدى يابا بلاش يجرالك إشي، فيرد علي: مين أحسن أموت على الفرشة ولا أموت وأنا بقاوم!"، وهكذا اختار موتا يليق به، ابن الرابعة والعشرين الذي يعمل في الدهان، كان يتمنى والده أن يزوجه؛ لكن عرس الشهادة كان أسرع.

اخبار ذات صلة