قائد الطوفان قائد الطوفان

المحرر القوقا يروي قسوة سجون الشقيقة

الرسالة نت – مراسلنا " الخاص " 

جلس الشاب المعتصم بالله القوقا (27 ربيعاً) داخل خيمة استقبال المهنئين بعودته سالماً لوطنه وأهله يستذكر مرارة العذاب الذي تجرعه طيلة ستة أعوام ونصف من الاعتقال والتعذيب داخل سجون الشقيقة مصر بتهم واهية ألصقت له كونه يحمل الجنسية الفلسطينية.

شبح وضرب وصعق بالكهرباء إلى جانب ألوان أخرى من العذاب تجرعها الشاب العشريني ابن مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة على مدار أكثر من 2500 يوم قضاها داخل عنبر ضيق المساحة في سجن أبو زعبل المصري سيئ الصيت.

لم يفقد الأمل

لم ير القوقا طيلة فترة اعتقاله أشعة الشمس الذهبية من الزنزانة المشابهة للقبر تماماً حيث زج بها وذاق لوعة البعد عن أهله وأحبابه لكن طول المسافة بين قطاع غزة وجمهورية مصر العربية لم يفقده الأمل بقرب العودة للديار.

"الرسالة نت" زارت المحرر القوقا وتعرفت منه على تفاصيل الاعتقال والظروف التي عاشها على مدار نصف عقد قضاها داخل السجون.

ويعود القوقا بذاكرته إلى الوراء ليتذكر ذلك اليوم الذي رافق فيه أحد أصدقائه المصابين في رحلة علاج لمصر عبر الانفاق عام 2004، ليقع بعدها في فخ الاعتقال في سجون أمن الدولة المصرية.

ولم يستطع صاحب لقب عميد الأسرى الفلسطينيين في سجون مصر أن يخفي أصناف التعذيب التي ذاقها في تلك السجون.ويقول القوقا وقد بدا الحزن على ملامحه "بعد التحقيق معنا وتعذيبنا تم نقلنا مباشرة من مراكز التحقيق لسجن أبو زعبل بمنطقة القليوبية شمال القاهرة دون أي تهمة"، مبينا أنه عاش فترة طويلة داخل عنبر خاص بالمعتقلين السياسيين.

ولفت الشاب الغزي إلى أن محكمة أمن الدولة المصرية أصدرت قراراً بالإفراج بحقه منتصف العام 2005 لكن ما لبث أن أعيد لغرف التحقيق لدى الأمن المركزي, فيزج به في "أبو زعبل" تارة أخرى بتهمة الانتماء لتنظيم سياسي "إرهابي"، بحسب اتهام السلطات المصرية.

جهات حقوقية

وأضاف القوقا "بعد قرار المحكمة وتدخل جهات حقوقية مصرية ورغم مطالبة حركة حماس للنظام المصري بالإفراج الفوري عن كافة المعتقلين الفلسطينيين السياسيين في سجونها أعادتني السلطات المصرية للعنبر الخاص بالسجناء السياسيين بأبو زعبل لأمضي فيه 5 سنوات ونصف أخرى".

ونوه القوقا إلى أنه عانى كثيراً داخل الزنزانة المظلمة التي قضى فيها ساعات وأيام، موضحاً أنه كان ينتظر بشغف لحظات الخروج لما يطلق عليه المعتقلون بـ"الفورة" لاستنشاق الهواء العليل الذي انقطع عن أنفاسه طيلة لحظات المكوث في زنزانة اتشحت بسواد النهار وظلمة الليل.

"وظلم ذوي القربى أشد مضاضة على القلب من وقع الحسام المهند" .. عبارة طالما رددها الشاب الفلسطيني داخل زنزانته الضيقة التي استعان خلال قضائه اللحظات الطويلة فيها بالصبر والاحتساب ولم تفقده قسوة السجان الأمل في مشاهدة أهله وذويه القاطنين بغزة مجدداً.

مرت الأيام والأشهر سراعاً على "معتصم" لكن عزيمته بقيت مشتعلة بالصبر والإيمان لم تلن له قناة ولم يتوقف فؤاده الحزين بالنبض باسم أرضه وأهله وأحبابه الذين تركهم في غزة وخرج ولم يعد...

وحول آخر اللحظات التي قضاها القوقا داخل السجون المصرية ومع بدء ثورة الشعب المصري يؤكد المعتصم بالله أن حشود المصريين بدأت تتوافد على بوابات السجن مع صبيحة يوم السبت 22 يناير"، لافتاً إلى أن  حراس المعتقل تعاملوا بقسوة مع الأهالي المطالبين بالإفراج عن أبنائهم.

وبين أن السجناء داخل "أبو زعبل" ساهموا بشكل كبير داخل زنازين التعذيب في ثورة المصريين المنتفضين خارج المعتقل، وقال :"كنا نسمع أصوات المصريين الثائرين , فهتافاتهم ما زالت عاقلة في ذهني وأصوات الطلقات النارية التي خرجت من بنادق عناصر الأمن لن تمحى من ذاكرتي".

وأوضح أن المصريين استطاعوا بعد ساعات من هجومهم على سجن "أبو زعبل" من هدم أحد جدرانه الأمامية, مما ساهم في هروب عدد كبير من المعتقلين المتهمين على قضايا جنائية وأخرى أمنية ومن بينهم معتقلون على خلفيات سياسية.

ونبه الشاب الغزي الذي تمكن من الهرب إلى جانب سبعة من أصدقائه الفلسطينيين أنه شاهد أعدادا كبيرة من الضحايا مدرجين بدمائهم على أبواب السجن نتيجة إطلاق حراس السجن للنار العشوائي على المعتقلين.

وواصل رواية مشاهده لقسوة السجان "خرجنا من المعتقل بأعجوبة ومن بين وابل الطلقات النارية لكن بعدما شاهد عناصر أمن أبو زعبل أعداداً هائلة من أهالى المعتقلين يهاجمون السجن فروا وتركوا المعتقل فارغاً مما ساعد في هروب عدد كبير من المعتقلين البالغ عددهم داخل ذلك السجن بـ 3 آلاف سجين".

وعاد القوقا بذاكرته للحظات الخروج من القاهرة في طريقه وأصدقائه الفلسطينيين نحو قطاع غزة بقوله "تمكنا من الهرب بمساعدة أشقائنا المصريين من ذوي معتقلي أبو زعبل وخرجنا من المنطقة المحيطة بالسجن رغم الظروف الأمنية الصعبة وحشود الجيش المصري".

وبين استقلالهم سيارتين مساء نفس يوم السبت لتساعدهم على الانتقال من القاهرة نحو سيناء انتهاءً برفح المصرية للوصول لأرض غزة، مستطرداً :"لكننا تفاجأنا أثناء رحلة العودة لغزة بوجود مكثف للجيش المصري ونصب حواجز كثيرة على المفترقات الرئيسية في المدن المصرية المحاذية للقطاع".

وأوضح أنه و3 من أصدقائه كانوا يستقلون السيارة الأمامية التي تمكنت من الوصول لمكان قريب من غزة دون تمكن الأربعة الآخرين ممن استقلوا السيارة الثانية من الوصول لنفس المكان بصحبتهم، مستدركاً "ما لبثنا أن وصلنا لتلك النقطة المكتظة بالحواجز الأمنية ليتبادر على أسماعنا أن أصدقائنا الأربعة الآخرين وقعوا فريسة الاعتقال على يد الجيش المصري".

ويشير الشاب القوقا إلى أنه قطع مسافة 8 كيلو مترات مشياً على الأقدام قبل وصوله لمدينة رفح المصرية.

وتمنى المعتصم بالله للشعب المصري بمواصلة ثورته ومسيراته المناهضة للنظام والحكومة، مطالباً إياهم لمزيد من الصبر والصمود حتى تحقيق الحرية.

البث المباشر